السوريون ينتخبون في أجواء أمنية هادئة والأسد: الإرهاب فشل في ضرب الهوية الوطنية

14-04-2016

السوريون ينتخبون في أجواء أمنية هادئة والأسد: الإرهاب فشل في ضرب الهوية الوطنية

اقترع عشرات آلاف السوريين المقيمين في مناطق الدولة الآمنة، أو الآمنة نسبياً، في انتخابات الدور التشريعي الثاني، وفقاً لدستور العام 2012. وجرت الانتخابات حتى مساء أمس بأجواء أمنية جيدة، وأحياناً حماسية.
وأدلى الرئيس السوري بشار الأسد بصوته، وبرفقته زوجته أسماء، وذلك للمرة الأولى، في مركز اقتراع مكتبة الأسد في ساحة الأمويين وسط دمشق.
وعبّر الأسد عن قناعته بأن أعداء سوريا فشلوا في «تدمير البنية الاجتماعية للهوية الوطنية»، معتبراً أن هذا كان من أهداف هذا العدوان. وقال إن «الشعب السوري يخوض حرباً عمرها خمس سنوات، تمكن الإرهاب خلالها من سفك الدماء البريئة وتدمير الكثير من البنى التحتية، إلا أنه فشل في تحقيق الهدف الأساسي الذي وضع له، وهو تدمير البنية الأساسية في سوريا، أي البنية الاجتماعية للهوية الوطنية».
وأضاف الأسد إن «هدف جوهر الحرب على سوريا هو ضرب هذه البنية الاجتماعية وضرب الهوية الوطنية، اللتين يعبر عنهما الدستور». وتابع إن «الشعب السوري كان واعياً خلال السنوات الماضية لهذه النقطة، ولذلك رأينا الحماسة لدى المواطنين للمشاركة في كل الاستحقاقات الدستورية السابقة، سواء الرئاسية أو التشريعية».
وأوضح الأسد، قبيل مغادرته مركز الاقتراع، أن «المشاركة في هذه الانتخابات شملت مختلف مكونات المجتمع، وفي مقدمتها عائلات فقدت أبناءها بسبب الإرهاب وعائلات الشهداء والجرحى، لذلك كله ترانا نشارك اليوم عبر الإدلاء سوية بصوتينا، وهي المرة الأولى نقوم بذلك كرئيس للجمهورية وعقيلته، ومن الطبيعي أن نكون من المساهمين في هذا الاستحقاق كمواطنين سوريين يدافعون عن الاستحقاق الدستوري بكل ما يمثله الدستور بالنسبة لنا، سواء كسوريَّين أو كسوريين».
وإلى جانب الأسد أدلى مسؤولون سوريون بأصواتهم في مراكز انتخابية مختلفة. وربط رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي الانتخابات «بالإنجازات الكبيرة التي يحققها الجيش»، مشيراً، في سياق حديثه، الى «علامات ايجابية»، بينها «استئناف عملية الحوار السوري ـ السوري في جنيف، ومسيرة الإعمار التي انطلقت في كثير من القطاعات بالتوازي، مع توسيع المصالحات المحلية».
بدوره بعد الإدلاء بصوته إلى جانب بقية أعضاء الحكومة في مبنى وزارة الخارجية والمغتربين في كفرسوسة، قال وزير الخارجية وليد المعلم «نحن في سوريا نقول باستمرار إن الشعب السوري هو من يقرر مستقبله، واليوم يبرهن عملياً صحة هذه المقولة، وأدعو شعبنا إلى أن يكثف هذه الرسالة من خلال ممارسة حقه الانتخابي». وأضاف أن «شعبنا وجه رسالته اليوم بأنه هو صاحب القرار في تحديد مستقبله، ولا يحق لأي جهة مهما كانت أن تقول لهذا شرعي أو غير شرعي أمام إرادة الشعب السوري».
وجاء كلام المعلم ردا على تصريحات أميركية وفرنسية قللت من شأن الانتخابات التشريعية، في الوقت الذي دافعت فيه وزارة الخارجية الروسية عن قرار القيادة السورية إجراء الانتخابات، فيما تستمر عملية التسوية السياسية عبر جنيف.
واعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الانتخابات السورية تهدف إلى تفادي فراغ تشريعي، قبل إجراء انتخابات مبكرة بموجب دستور جديد.
وقال «يجب أن تتفق الأطراف السورية على دستور جديد بشأن رؤيتهم للكيانات اللازمة لضمان انتقال راسخ لنظام جديد. هناك تفاهم بالفعل بخصوص صدور دستور جديد كنتيجة لهذه العملية السياسية، تجري على أساسه انتخابات مبكرة، لكن قبل أن يحدث ذلك يجب أن نتفادى أي فراغ تشريعي. هذه الانتخابات التي تجري تهدف للقيام بهذا الدور، وهو عدم السماح بحدوث فراغ تشريعي».
وأضاف «بخصوص عدم رغبة المعارضة في قبول نتائج انتخابات 13 نيسان، فإنه من الأهم أن يعمل جميع المعارضين المجتمعين في جنيف، كما يجب إشراك حزب أكراد سوريا، على تحقيق حل وسط».
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن «الانتخابات التشريعية التي تجري في سوريا تعد خطوة مهمة باتجاه استقرار الوضع في البلاد». ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن زاخاروفا قولها «استناداً إلى ما يجري في سوريا فإن الانتخابات تعد عاملاً مهماً في استقرار الوضع في البلاد»، مشيرة إلى انه تم افتتاح أكثر من سبعة آلاف مركز للاقتراع، بمشاركة 3500 مرشح.
ونددت باريس بما أسمته «مهزلة الانتخابات» التشريعية. وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال إن الانتخابات التشريعية «تمت من دون حملة انتخابية فعلية، وتحت إشراف نظام قمعي، ومن دون مراقبة دولية». وأضاف إن «المدعوين للمشاركة في هذه الانتخابات هم فقط سكان منطقة محدودة، في حين استبعد منها ملايين السوريين النازحين أو اللاجئين في الخارج».
وأشار إلى أن قرار مجلس الأمن رقم 2254 ينص على إجراء انتخابات بعد تشكيل هيئة انتقالية وإقرار دستور جديد للبلاد. واعتبر أن هذه الانتخابات «يجب أن تجري تحت إشراف الأمم المتحدة وحسب معايير دولية لجهة الشفافية والنزاهة».
وشهدت المراكز الانتخابية في المدن الساحلية إقبالاً جيداً، فيما اختلفت نسب المقترعين وكثافتهم بين مركز وآخر في المدن الأخرى وفي الأرياف.
واقترع السوريون في مناطق سيطرة الدولة في مدينتي الحسكة والقامشلي. ونقل التلفزيون السوري، الذي حشد كل طاقته لتغطية هذه الانتخابات وتقديمها بصورة طبيعية، مشاهد مباشرة لدخول المواطنين والموظفين إلى مراكز الاقتراع، وذلك من كافة المناطق الممكنة، وبينها درعا والحسكة وحلب وحمص.
ويمكن القول أنه حتى مساء أمس، وبالرغم من تجاوزات نقلها ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي، بينها حضور المرشحين وأحيانا المقترعين وسط مواكب أمنية وعسكرية مشددة، وحالات الاستفزاز للتصويت، إلا أن الانتخابات ستكون قد حصلت، بغض النظر إن كانت نتائجها محسومة بشكل شبه تام، وبمن قبل دولياً وبغض النظر عمن رفض، وسيقوم المجلس المقبل بأداء مهامه أياً كانت، حتى يظهر أثر ما لما ستقود إليه عملية التسوية الجارية في جنيف.

زياد حيدر

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...