الحرب في يومها الخامس
وفي اليوم الخامس من الحرب الاسرائيلية المفتوحة برا وبحرا وجوا ضد لبنان، تواصل ارتكاب المجازر واستفاقت الضاحية الجنوبية على هول تدمير لا مثيل له منذ الاجتياح الاسرائيلي للبنان في العام ,1982 فيما سجل رقم قياسي في الاجرام المتنقل من عيترون الى صور وجبشيت والبازورية والبرج الشمالي واقليم الخروب والبقاع و طرابلس و عكار، واظهرت احصاءات غير رسمية ان عدد الشهداء في الجنوب وحده بلغ امس خمسين شهيدا ليرتفع العدد الاجمالي الى اكثر من مئتي شهيد وأربعمائة جريح، فضلا عن استمرار استهداف مناطق البقاع والشمال وكل الخط الساحلي بين صيدا وبيروت بما في ذلك مطار بيروت الدولي ليلا.
وبُعيد منتصف ليل امس، اعلنت قوى الامن الداخلي ان سلسلة جديدة من الغارات الاسرائيلية وخصوصا في طرابلس وبعلبك، اسفرت عن استشهاد 15 شخصا بينهم سبعة جنود و41 جريحا، فيما نقلت <رويترز> عن مصدر امني ان تسعة جنود استشهدوا في غارات اسرائيلية على قاعدتين للجيش في مرفأ طرابلس والعبدة شمالي لبنان، مضيفا انه قد يكون هناك ضحايا وجرحى آخرون.
وفي اليوم الخامس، خرج معظم القادة السياسيين اللبنانيين الذين شاركوا او كانوا على مقربة من الاتصالات الدولية والاوروبية لوقف النار، بانطباع مفاده ان التفاوض لم يبدأ بعد وأن محاولة التوصل الى وقف للنار ما تزال مؤجلة وأن الامور تتجه جديا نحو افق مفتوح على تطورات دراماتيكية في لبنان والمنطقة بأسرها.
ومن المتوقع ان تؤشر نتائج اجتماع مجلس الامن الدولي اليوم الى المستوى الذي بلغته الاتصالات الدولية، اذ ان الاميركيين اجهضوا بعض المساعي الاوروبية الخجولة للتوصل الى وقف غير مشروط للنار وأصروا على تبني الموقف الاسرائيلي وبالتالي عدم
وقف الحملة العسكرية ضد لبنان الا بعد الافراج غير المشروط عن الجنديين الاسرائيليين لدى <حزب الله> وإبعاد الحزب نحو شمال نهر الليطاني، في موقف يتناغم مع <نغمة> حرص دولية على بسط سلطة الدولة اللبنانية على الجنوب، على أن تكون ترجمتها العملية نشر الجيش اللبناني في الجنوب قبل او في موازاة التجديد لقوات الطوارئ الدولية.
وجاء موقف قمة مجموعة الثماني
في سان بطرسبرغ، مساء امس، مؤشرا اضافيا على المسلك الذي تسلكه الاتصالات الدولية عشية اجتماع مجلس الامن حيث وضعت القمة لائحة شروط <لوقف العنف في المنطقة>، تتمثل في الإفراج عن الجنود الإسرائيليين المحتجزين في غزة ولبنان، وقف إطلاق النار على الأراضي الإسرائيلية، انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة في أسرع وقت ممكن، الإفراج عن الوزراء والنواب الفلسطينيين المحتجزين. كما اعلنت تأييدها مناقشة مجلس الأمن الدولي لتواجد عسكري دولي لضمان الاستقرار ومراقبة الوضع في الشرق الأوسط.
وفي مقابل هذا المناخ الدولي وقبله الموقف العربي المتخلي والمتواطئ، اطل الأمين العام ل<حزب الله> السيد حسن نصر الله، مساء امس، عبر شاشة <المنار> بالصوت والصورة، متوجا نجاح المقاومة، صباح امس، في الرد على استهداف الاماكن السكنية ومحطة الجية، بتنفيذ قرار استهداف محطة القطارات في حيفا، احدى اكبر المدن الاسرائيلية، الامر الذي ادى الى مقتل ثمانية وجرح العشرات من الاسرائيليين.
وقد ترافق ظهور نصر الله عبر <المنار> مع اطلاق صفارات الانذار في الشمال الاسرائيلي ودعوة المستوطنين للاختباء في الملاجئ او الغرف المحصنة، خوفا من ضربة جديدة على غرار استهداف البارجة الاسرائيلية قبل يومين. لكن نصر الله اكتفى بالقول ان تحييد المصانع البتروكيميائية والكميميائية في حيفا من مرمى صواريخ المقاومة كان بدافع حرصها على عدم دفع الامور نحو المجهول وعلى ان لا يكون سلاح المقاومة سلاح انتقام بل سلاح ردع، لكنه ترك هذا الخيار مفتوحا تبعا لمجريات المعركة قائلا ان العدو لا يستطيع ان يفرض علينا الوسيلة او زمان استخدامها ونحن ندير امورنا بشكل دقيق ومنظم لا يتوقعه العدو في اطار مواجهة الحرب التي اختاروا جعلها مفتوحة.
وتحدى نصر الله الاسرائيليين ان يتقدموا عبر البر متوعدا اياهم بمفاجآت جديدة، وختم: نحن في موقع قوي جدا وفي بداية مواجهة وإن لبنان وشعبه ومقاومته يقدمون النموذج الجديد في قيادة معركة الامة.
وقالت مصادر متابعة للاتصالات ان قيادة المقاومة تلقت، في الساعات الاخيرة سلسلة اتصالات داخلية وخارجية في اطار المساعي المبذولة لوقف النار وقد ظل جوابها كما جواب الرئيس نبيه بري امام الموفدين الدوليين والاوروبيين <نحن جاهزون ومستعدون لوقف نار غير مشروط، ونحن جاهزون ومستعدون لعملية تبادل الاسرى اما غير ذلك من الشروط الاسرائيلية فإنها مرفوضة وغير قابلة للبحث>.
وقبيل اجتماعه بموفدي الأمين العام للامم المتحدة الى بيروت وكذلك المنسق الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، قال الرئيس نبيه بري في مؤتمر صحافي عقده في عين التينة إنه توجد اليوم فرصة لوقف اطلاق نار فوري والبدء بتفويض احدى الدول التي كانت تفاوض او غيرها، للبدء بمفاوضات نحو التبادل. إذا تم هذا الامر خلال 24 ساعة اعتقد اننا ايضا نكون نوفر اشكالات على الجميع، وإذا لا، فإنني أحذر بأن المنطقة كلها في خطر>.
واتهم بري الامم المتحدة بأنها شريكة في جريمة مروحين معتبرا ان موضوع اسر الجنديين ذريعة وما يحصل هو جريمة مدبرة وبنك اهداف اسرائيلي ضد لبنان.
وقد ابلغ بري موقفه لكل من ممثل الامين العام للامم المتحدة في بيروت غير بيدرسن ومن ثم لبعثة الأمم المتحدة برئاسة فيجاي ناميبار وعضوية مندوب عملية السلام في الشرق الأوسط في الأمم المتحد ألفارو دي سوتو ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتنفيذ القرار 1559 تيري رود لارسن الذي باشر مهمته امس في بيروت والتقى ايضا رئيس الحكومة فؤاد السنيورة.
وحمل رئيس الوفد رسالة من كوفي انان الى الحكومة اللبنانية تضمنت ثلاث نقاط هي: حماية المدنيين والبنى التحتية، وقف اطلاق النار وفرض سيادة الدولة اللبنانية على كامل الاراضي اللبنانية، والافراج عن كل الاسرى.
والتقى الموفد الاوروبي خافيير سولانا كلاً من الرئيسين بري والسنيورة، ونفى أن يكون قد حمل مقترحات محددة إلى لبنان، لكن مصادر متابعة قالت ان سولانا نقل موقفا شبيها للموقف الاميركي والاسرائيلي ويتمثل بالدعوة للافراج الفوري وغير المشروط عن الجنديين الاسرائيليين وتطبيق القرار 1559 الذي ينص على نشر الجيش اللبناني، وهما الشرطان اللذان كان رئيس الوزراء الايطالي رومانو برودي قد ابلغهما، امس الاول، الى الرئيس السنيورة، من الجانب الاسرائيلي.
بدوره، اجرى الرئيس السنيورة سلسلة اتصالات ابرزها بأمير الكويت وملك البحرين والأمين العام للامم المتحدة كوفي انان والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ووزير خارجية فرنسا فيليب دوست بلازي. كما اجرى اتصالات بالحكومات السعودية والاماراتية والكويتية شاكرا الاولى على تقديمها مساعدات للبنان بقيمة 50 مليون دولار والثانية بقيمة 20 مليون دولار والثالثة بقيمة 20 مليون دولار.
واطلع السنيورة مجلس الوزراء، الذي انعقد امس في اطار جلساته المفتوحة على نتائج الاتصالات الدولية والعربية، فيما شددت الحكومة في بيانها على وحدة الموقف اللبناني في مواجهة العدوان الذي لا يستهدف فريقا او منطقة بل كل لبنان واللبنانيين.
وعقدت قيادات 14 آذار اجتماعا لها مساء امس في قريطم واصدرت بيانا ادانت فيه العدوان الاسرائيلي ورفضت ان يتفرد اي فريق في لبنان بقرار الحرب والسلم، وأعلنت دعمها لموقف الحكومة وجددت مطالبتها بممارسة الدولة اللبنانية سيادتها غير المنقوصة على كامل الاراضي اللبنانية عبر مؤسساتها الشرعية، ونوّهت بالجهود الدولية والعربية الحريصة على استقلال لبنان واستقراره وجددت رفضها لاقحام لبنان في سياق المحاور الاقليمية وتحويل الشعب اللبناني ضحية لصراعات لا تمت بصلة الى المصالح الوطنية.
وقبل ترؤسه اجتماع قوى الرابع عشر من آذار، زار النائب وليد جنبلاط يرفقه الوزيران غازي العريضي ومروان حمادة الرئيس بري في عين التينة وأكد ان لا خلاص للبنان الا بالحوار، معتبرا ان الاولوية لوقف النار اليوم حتى لا يغرق لبنان في مستنقع محاور على حسابه والدولة ومن ثم نبحث عن الصيغ الملائمة من أجل حماية لبنان والجنوب من العدوان الاسرائيلي.
وقال جنبلاط في حديث تلفزيوني ان لبنان بات ضحية صراع محاور إقليمية ودولية اكبر منه.
موقف دمشق وطهران
في دمشق حذر وزير الاعلام السوري محسن بلال للمرة الاولى امس من ان اي عدوان اسرائيلي على سوريا سيقابل برد سوري حازم ومباشر لا حدود له لا بالزمن ولا بالاساليب موضحا انه في حال تعرضنا لاي عدوان سوف نرد الرد الكافي الذي تستحقه يد العدوان والعربدة الاسرائيلية في المنطقة.
وفي طهران، جددت القيادات الإيرانية تحذيرها من استهداف سوريا، وأشادت بصمود لبنان وحزب الله في وجه إسرائيل. وقال المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي الولايات المتحدة طالبت بنزع سلاح حزب الله، هذا لن يحصلواعتبر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد <ان أفضل عمل لكم (الدول الغربية) هو إنهاء وجود هذا الكيان المحتل كما قمتم من قبل باختلاقه عبر الأكاذيب والتحايل>.
وفيما رأى وزير الدفاع مصطفي محمد نجار ان <الأميركيين عمدوا الى تحويل منطقه الشرق الأوسط الى ساحة حرب ونزاع حفاظا علي امن الكيان الصهيوني>، أعلن قائد حرس الثورة الإيرانية الجنرال يحيى رحيم صفوي، عن اجتماع للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني لبحث العدوان على لبنان. كما وجه الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي رسالة الى الأمين العام لـ حزب الله السيد حسن نصر الله، اعتبر فيها ان أهداف إسرائيل التوسعية مقلقة.
وجدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية حميد رضا آصفي قول <نأمل في الا يرتكب النظام الصهيوني خطأ مهاجمة سوريا لان هذا النظام سيتحمل خسائر لا يمكن تقديرها في حال اتسع نطاق النزاع>.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد