الجعفري يسخر من دعاوى الديمقراطية الخليجية
استهزأ مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة بشار الجعفري من مداخلات كل من رئيس وزراء قطر والأمين العام لجامعة الدول العربية بحيث ظهر في مجلس الأمن مسؤول رفيع لإحدى الدول «الأوليغاركية» التي نتجت من عبث لورانس العرب يدافع عن الديمقراطية ويطالب دولة تملك برلماناً منذ عام 1919 بانتهاجها، على حين أغفل الآخر كما شاء فقرات من تقرير بعثة المراقبين العرب إلى سورية. واستهل الجعفري كلمته ببيت للشاعر نزار قباني قال فيه: دمشق ياكنز أحلامي.. أشكو العروبة أم أشكو لك العرب، موضحاً أن «أبناء جيلي كانوا في بداية الستينيات في المدارس الابتدائية السورية نحيي صباحاً نشيد الثورة الجزائرية بدلاً من النشيد السوري، وكنا نتبرع بمصروف جيبنا البسيط لحركات التحرر العربي في الخليج التي كانت تكافح ضد الاستعمار البريطاني قبل بدء الطفرة النفطية».
وعبر الجعفري في بداية كلمته عن تقدير سورية لجنوب إفريقية ولقيادتها الحكيمة لمجلس الأمن خلال الشهر الجاري، متسائلاً عن موقف بعض الدول اليوم التي تتحدث عن الديمقراطية مما حصل في جنوب إفريقيا.
وأوضح الجعفري أن «الأحداث أدمت قلب كل سوري وهي تفرض على السوريين جميعاً أن يختاروا سبيل الحكمة كي ينتصر كل الوطن وليس جزءاً منه»، مشدداً على أن «الشعب السوري الذي قدم للعالم أول أبجدية تعود على رائحة ياسمين الشام ولم يألف رائحة الدم».
وقال: إن «الشعب السوري قادر على حل مشاكله على مر العصور ولم يقبل بأي شكل من أشكال التدخل الخارجي وبقي شامخا واليوم سيعيد الشعب السوري الكرة من خلال مشاركة جميع السوريين في الخروج من الأزمة والإسهام في مسيرة البناء الوطني معاً واضعين نصب أعينهم مصلحة الوطن وليس أحداً آخر في جو من المصالحة بين الجميع»، موضحاً أن «الوطن ملك للجميع وفي سورية لا يوجد أقلية وأغلبية وإنما سوريون فقط».
وأكد الجعفري «أن الوطنية السورية ترفض التدخل الخارجي وتشدد على أن سيادة سورية واستقلالها هو خط أحمر وتؤكد الوقوف صفاً واحداً في وجه الفتنة والفرقة وعدم الاحتكام إلى السلاح في معرض الإصلاح».
وبين أنه «أمامنا كسوريين فرصة للحوار الوطني ولتسريع وتيرة الإصلاح لقيام شراكة حقيقية تحفظ أمن الوطن والمواطن وتحقيق كل مطالب الشعب السوري المحقة».
وانتقد الجعفري بشدة جهود الجامعة العربية لنقل الملف السوري إلى مجلس الأمن وقال: «كم كان الشعب العربي يتمنى حضور كل من حمد والعربي إلى جلسة مجلس الأمن بهدف المطالبة في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة ووقف علميات القتل المتصاعدة»، موضحاً أنه «كم بات غريباً أن نرى بعض العرب يلجؤون للاستقواء بمجلس الأمن على سورية التي لم تبخل يوماً بالتضحية بما لديها في سبيل الدفاع عن العرب».
وأضاف: «إن الحقيقة الواضحة أن هذه الحماسة تأتي في نفس السياق المعادي لمجمل القضايا العربية المحقة وتكاد هذه القاعدة تكرر صدى أكثر من 60 فيتوهاً منع حل الصراع العربي الإسرائيلي».
واعتبر الجعفري أن «الجديد اليوم أن سيناريو الانتقال بالملف السوري إلى مجلس الأمن التقى بالضغوط الغربية ضد سورية لا لشيء سوى أنها ترفض أن تتبع لأحد أو تكون ناقصة السيادة مثل البعض».
وقال الجعفري «بعد أن فرض بعض النافذين سياسة ازدواجية المعايير لهذه المنظمة نحن اليوم نشهد مرحلة جديدة تقوم على خلق مرجعيات وهمية تستند على سياسة قلب الحقائق تشارك فيها دول أوليغاركية تدعو لمشاريع ديمقراطية حول تداول السلطة وتلجأ هذه الدول التي لا تمارس الديمقراطية إلا من خلال شاشات الفضائيات إلى مجلس الأمن»، موضحاً أن «سورية كان لديها برلمان منذ عام 1919 في وقت كان فيه لورنس العرب يعبث بمصير هذه الأقطار».
وبين الجعفري أن سورية «وقعت على البروتوكول حرصاً على إبقاء الموضوع في البيت العربي وأثبتت سورية التزامها الكامل والدقيق ووثق تقرير بعثة المراقبين ذلك في أكثر من فقرة وأكد بوضوح كامل وجود حملة إعلامية وسياسية مبرمجة في العديد من الفقرات ووجود مجموعات إرهابية مسلحة تزعزع الاستقرار والأمن وتقوم بعمليات ضد مؤسسات الدولة والمرافق الاقتصادية».
وأكد الجعفري أن «الفقرة 44 من التقرير تشير بوضوح إلى أن الصحفي الفرنسي جيل جاكيه قتل من المعارضة ولم تثر الحمية الفرنسية لهذا الموضوع»، موضحاً أن الأمين العام للجامعة «قرأ في بيانه بعض الفقرات لكنني آسف لأنه انتقى من التقرير أشياء وأغفل أشياء أخرى».
وقرأ الجعفري الفقرة 26 من التقرير التي نصت على أنه «في بعض المواقف تقوم القوات الحكومية باستخدام العنف كرد عنف على الاعتداءات التي تمارس ضد أعضائها ولاحظ المراقبون قيام مجموعات مسلحة استخدام قذائف حارقة وخارقة للدروع».
وبين الجعفري أن «العربي اعترض على طلب بعض أعضاء مجلس الأمن دعوة رئيس بعثة المراقبين الفريق أول محمد مصطفى الدابي للمشاركة في هذه الجلسة كما لم يرسل إليكم أن تقرير المراقبين»، موضحاً أن «قرار الجامعة بالذهاب إلى مجلس الأمن هو محاولة للقفز على تقرير الجامعة لأنه جاء مخالفا لتوقعات بعض الجهات العربية وغير العربية».
وأوضح الجعفري أن سورية كانت تقوم بما عليها «في الوقت الذي عملوا فيه على إفشال عمل البعثة بشتى الوسائل وبعض المسؤولين العرب والدوليين شككوا بجدوى البعثة قبل بدء عملها ومنهم حمد بن جاسم الذي زار نيويورك وواشطن بعد أسبوعين من عمل البعثة مصرحاً بعدم وجود الفائدة من وجودهم ومطالبهم بنقل الملف إلى مجلس الأمن».
وشدد الجعفري إلى أن «سورية ترفض أي قرار خارج إطار خطة العمل العربية التي وافقت عليها وخارج البروتوكول الموقع، وتعتبر القرار العربي الأخير انتهاكا لسيادتها الوطنية وخرقاً فاضحاً لأهداف إنشاء الجامعة وانتهاكا للمادة الثامنة من ميثاق الجامعة».
وبين الجعفري أن «المفارقة هي في أن الجامعة طلبت من سورية تمديد مهمة البعثة ووافقت دمشق عليها مباشرة لكن الجامعة ناقضت نفسها وأوقفت عمل بعثة المراقبين لاحقاً».
كما انتقد الجعفري بشدة فرنسا وقال: «إن النزعة الجامعة لدى بعض الدول الغربية بشتى الطرق ليست بالنزعة الجديدة أو الطارئة.. لكننا نؤكد على المسؤولية الحصرية للحكومة السورية في الحفاظ على السلم الأهلي، ولمحاربة المجموعات المسلحة وليس المتظاهرين السلميين وذلك وفقاً للقوانين السورية والقوانين الدولية».
وتابع: «للأسف بدلاً من احترام القانون الدولي يحلمون واهمين بالعودة لاستعمارهم عبر مثل هذا القرارات لتبرير التدخل في شؤون سورية الداخلية وتضليل الرأي العام العالمي بعد قتل 130 ألف ليبي بحجة حماية المدنيين وقتل مليون عراقي وتدمير العراق بحجة نشر الديمقراطية والبحث عن أسلحة الدمار الشامل غير الموجودة أصلاً».
وطالب الجعفري هذه الدول بـ«مراجعة سياساتهم والكف عن سفك دماء الشعب السوري وندعوهم لدعم الحوار الوطني والإصلاح السياسي الذي تقوم به الحكومة السورية».
وختم الجعفري كلمته بالقول: «نتوقع من مجلس الأمن أن يكون منبراً يشجع على الحوار وليس صانعاً للأزمات ومن شأن من يساهم بهذا التأجيج تقويض الأمن والسلم الدوليين ونرحب بالمبادرة الأخيرة التي تقدمت بها روسيا من أجل رعاية حوار سوري في موسكو لحل الأزمة».
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد