التقديرات الأولية لخسائر الصقيع في جيوب المواطنين وخزينة الدولة
الانخفاض الكبير في درجات الحرارة إلى ما دون المعدل السنوي المعتاد لمثل هذه الفترة 
من العام.. ما زال مستمراً منذ حوالي الشهر وتحديداً بدأ في الخامس والعشرين من كانون الأول الماضي..
وكان في البداية محصوراً في المناطق الداخلية... لكن وقوع منطقة الشرق الأوسط تحت تأثير المنخفض السيبيري.. أدى إلى حدوث الصقيع في المنطقة الساحلية وانخفاض درجات الحرارة إلى الصفر على شاطئ البحر وفي الوديان إلى تسع درجات تحت الصفر..
بعض المتقدمين في السن في المنطقة الساحلية أكدوا أنهم لم يشهدوا طوال حياتهم موجة برد وصقيع كالتي نحن بصددها... وأن المنطقة الساحلية يمكن أن تنخفض فيها درجات الحرارة بشكل كبير لكن ذلك لا يستمر لأكثر من يوم أو اثنين.
الأضرار الناجمة عن موجة الصقيع كبيرة جداً وشملت معظم قطاعات العمل والإنتاج.. وتقدر بمليارات الليرات السورية في الزراعة والمواشي والكهرباء والوقود والصحة.. ومن المفيد جداً بل من الضروري أن يبدأ المكتب المركزي للإحصاء بالشروع بحصر الأضرار في كل القطاعات.
لنبدأ بالزراعة فهناك عشرات الآلاف من البيوت الزراعية وصلت نسبة الأضرار فيها إلى نسب تتراوح بين 20 ـ 100% ومعظمها في المنطقة الساحلية..
كانت تزرع فيها الخضر المحمية: كوسا ـ باذنجان ـ بندورة ـ خيار ـ ورود ـ شتول...الخ.
فيما يتعلق بالمواشي فقد نفقت مئات رؤوس الأغنام والأبقار.. وعشرات آلاف طيور الدجاج وليست هناك أرقام موثقة ورسمية ودقيقة وكل الأرقام هي عبارة عن أحاديث لبعض المعنيين ناجمة عن تقديرات أولية قد يكون مبالغاً في بعضها...
تضررت عشرات الهكتارات من الأراضي المزروعة بالشوندر السكري والفلاحون يطالبون الدولة بتوفير البذار بهدف إعادة زراعتها من جديد.
تضررت آلاف الهكتارات المزروعة بمحاصيل الحبوب وهي بحاجة لإعادة زراعة.
في قطاع الكهرباء كانت الصورة أكثر وضوحاً إذ أكد السيد هشام ماشفج مدير مؤسسة توليد الكهرباء أن الزيادة في استهلاك الكهرباء ارتفعت بنسبة 10% تقريباً..
وإذا حاولنا عكس هذه النسبة على إجمالي الطاقة التي يمكن توليدها فهذا يعني أن المستهلكين كانوا بحاجة لـ 700 ميغاواط في ذروة الأزمة وإذا علمنا أن الكهرباء تدعمها الدولة.. فهذا يعني أيضاً أن الخسائر كانت بمليارات الليرات..
فالوقود المستعمل للتوليد.. إن كان غازاً طبيعياً أو فيولاً أو مازوتاً ووفقاً للأسعار العالمية فإن الخسائر تقدر بمليارات الليرات وبالعودة إلى السيد ماشفج مدير التوليد وحول أسباب انقطاع الكهرباء قال: لقد توقف الأصدقاء الأتراك عن تزويدنا بالكهرباء التي كانت بحدود 150 إلى 200 ميغاواط يومياً وذلك بسبب تأثرهم أيضاً بموجة البرد والصقيع واضطرارهم لتلبية احتياجات السكان لديهم وعدم وجود فائض.. وقد تم وقف تزويدنا بالكهرباء من الجانب التركي منذ يوم الثلاثاء الماضي.
السيد عبد الحليم قاسم مدير مؤسسة توزيع الكهرباء قال: نتيجة الاستجرار الكبير للكهرباء واستعمالها للتدفئة اضطررنا إلى قطع الكهرباء عن بعض المناطق لكي يتم توفيرها لمناطق أخرى وبالتناوب وذلك بسبب الأحمال الكبيرة على الشبكة..
فمنذ عشرات السنين لم تمر موجة صقيع وبرد كالتي سيطرت على البلاد منذ قرابة الشهر.
السيد عماد خميس مدير عام شبكة كهرباء الريف قال: إن الزيادة في الاستهلاك في محافظة ريف دمشق وصلت إلى 38 والسبب أن محافظة الريف فيها مناطق جبلية مرتفعة وهي أشد تأثراً بالموجة من غيرها..
وأن معظم الأسر لديها مدفأة واحدة في البيت.. لكن الصقيع دفع بالأسر إلى تدفئة عدد جديد من الغرف بواسطة الكهرباء، فقد حدثني أحد باعة الأدوات الكهربائية أنه باع 160 مدفأة كهربائية في غضون ثلاثة أيام.
أما في قطاع الوقود وتحديداً لجهة استهلاك المازوت والغاز فقد كانت الملامح والانعكاسات أكثر جلاء.. فبعض مصادر وزارة النفط أكدت أن نسبة الزيادة في استجرار الغاز والمازوت لمثل هذه الفترة من العام زادت على 20% وبعض الباعة استغلوا زيادة الطلب على المادة فرفعوا هامش ربحهم على حساب برد ودفء المستهلكين..
أيضاً هنا يمكن أن ننوه إلى أن مادة الغاز والمازوت من المواد المدعومة من قبل الدولة فسعر ليتر المازوت عالمياً يتجاوز بالأسعار الحالية خمسين ليرة سورية..
لذلك فإن الخسائر وتأسيساً على ذلك كبيرة جداً ويمكن أن تصل إلى مليارات الليرات..
أخيراً وفي قطاع الصحة فإن مراجعي العيادات الخاصة والمشافي ارتفع بنسبة زادت على 30% عن المعدل العام كما أن نسبة استهلاك الدواء زادت بنسب تجاوزت الـ20% عن المعدل العادي.
إن الأضرار الكبيرة لموجة الصقيع على الاقتصاد الوطني وخاصة الزراعي تطرح من جديد ضرورة تحويل فكرة التأمين الزراعي من دائرة الأمل والطموح للمزارعين إلى حيز الواقع، فلو كان لدينا نظام للتأمين الزراعي فستكون الخسائر مهما كانت كبيرة محدودة الأثر على المنتجين الزراعيين.
وستنتفي الشكوى في مثل هذه الحالات المناخية الطارئة.
محمد الرفاعي
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد