الباصات الخضراء ترحل الدفعة الأولى من مسلحي حي الوعر
حملت الباصات الحكومية الخضراء أمس، الدفعة الأولى من المقاتلين الراغبين بالخروج من حي الوعر، آخر أحياء حمص التي تحتضن وجوداً مسلحاً معارضاً للسلطة في دمشق، وذلك دون رقابة من الأمم المتحدة كما جرى في أوقات كثيرة سابقة، الأمر الذي اعتبره المسؤولون المحليون «من العلامات الجيدة لسير عمليات المصالحة على المستوى المحلي».
ونقلت الحافلات الحكومية ما يقارب 130 مسلحاً وصل عددهم لـ400 مع أسرهم، باتجاه ريف حمص الشمالي، بعدما تعذر نقلهم إلى ادلب بسبب تراجع الأمم المتحدة عن دورها الاعتيادي في تأمين نقل عملية الإجلاء بأمان وسلامة نحو وجهة التفاوض المتفق عليها.
ووصف محافظ حمص طلال البرازي موقف مكتب الامم المتحدة في سوريا بـ «غير المفهوم»، مضيفاً في تصريحات صحافية أن «غياب مندوبي الأمم المتحدة عن المصالحات والتسويات ودعم الحوار السوري ـ السوري هي مواقف غير بناءة ومثيرة للاستغراب».
ونقلت مصادر حكومية عن مكتب الأمم المتحدة في دمشق تقديمه أعذاراً بأن «تعقيدات المعارك التي تجري في ريف حمص الشمالي، لا تسمح بتأمين مرور آمن للقوافل نحو ادلب».
إلا أن مصادر ديبلوماسية سورية قالت إن «الأمم المتحدة خضعت لضغوط إقليمية ودولية» بالانسحاب من هذه العملية، بحجة أنها نوعٌ من أنواع التهجير القسري، وذلك بعد انتقادات مشابهة تعرضت لها في تسوية داريا.
وانتقدت المصادر الحكومية موقف المنظمة الدولية، مشيرة إلى أن من يغادر الحي هو من المتشددين الذين يقارب جمعهم 1000 شخص مع أسرهم، مقابل 100 ألف من المدنيين سيكملون حياتهم في المدينة.
من جهته، أصدر كل من الائتلاف الوطني المعارض وفصائل المعارضة المسلحة، وبينها حركة «أحرار الشام» المتطرفة، بياناً حذروا فيه «من تسوية حمص».
لكن المقاتلين المئتين وأُسرهم، اتخذوا قرارهم بالخروج من دون انتظار المساعدة الأممية، وفقاً لما قاله مسؤول محلي، وذلك بعد لقاء جرى يوم أمس الأول بين وفدي المصالحة من الطرفين الحكومي ومن يمثل الحي.
واعتبر مسؤولون محليون في المدينة أن المرحلة الثالثة من الاتفاق بدأت خطواتها العملية أمس بخروج الدفعة الأولى من المقاتلين مع أسلحتهم الخفيفة.
وتحدثت المعارضة عن 400 شخص، بينهم نساء وأطفال سيتم إجلاؤهم نحو قرية الدارة في الريف الشمالي للمدينة، والتي سبق أن استقبلت مقاتلي بابا عمرو وحمص القديمة مع عائلاتهم في السابق.
وبدأت المرحلة الاولى من الاتفاق منذ تسعة أشهر، لكنها تعطلت بسبب «اختلاف الفصائل في ما بينها»، وفقاً لما قاله البرازي حينها، اذ سبق للمرحلة الاولى أن شهدت في نهاية العام الماضي خروج 742 شخصاً بينهم ما يقارب 447 مدنياً.
وتضمنت كل مرحلة من الاتفاق فترة تنفيذ تستمر 25 يوماً تقريباً، يتم بعدها الانتقال بالاتفاق إلى المرحلة التالية، انطلاقاً من «وقف كامل لإطلاق النار والعمليات العسكرية، وخروج المعطّلين للهدنة، وتقديم لائحة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة الموجودة بالحي، والسماح بعمل اللجان الإغاثية، وفتح معبر «دوّار المهندسين»، لمرور المشاة، وتحضير لوائح بالمفقودين، والمعتقلين وتحديد أماكن اعتقالهم».
وفي المرحلة الثانية، «يتم جمع السلاح المصرّح عنه بمشفى البر والخدمات الاجتماعية بالوعر، وبإشراف لجنتين من الحكومة والحي، ويتم إعادة تفعيل القصر العدلي، وإطلاق سراح المعتقلين، عدا المحكومين والمحالين إلى القضاء».
وبخصوص المرحلة الثالثة، وهي التي يقوم الجانبان بتنفيذها حالياً، يتم فيها جمع جزء من السلاح المتبقي في مشفى البرّ بالوعر، وإطلاق سراح الموقوفين والمحالين إلى القضاء والمحكومين، وخروج دفعة أخرى من الراغبين بالخروج، أو المعطّلين للاتفاق أو الهدنة.
وأمس، بث التلفزيون الرسمي مباشرة عملية الإخلاء، مبرزاً خبر وصول الباصات الخضراء وجهتها بمن فيها إلى الدارة الكبيرة شمال المحافظة.
وسيتم يوم السبت المقبل ترحيل رقم مشابه من المقاتلين وأسرهم باتجاه ريف ادلب وفقاً لمصادر الطرفين.
وتنهي حمص في نهاية هذه العملية التي قد تستغرق ثلاثة أسابيع، فصلاً من ذكرى مأساوية، يرى أهلُها أن جرحها سيبقى نازفاً ومفتوحاً مدة طويلة، حيث تشير الجهات الحكومية إلى أن عدد الحالات الموثقة للضحايا من مدنيين وعسكريين في حمص وفقا للجداول الرسمية وصل إلى 7000 خلال سنوات الحرب، من دون الادعاء بأن هذه الأرقام دقيقة تماماً.
وفي سياق مشابه، ذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» أنه تم تسوية أوضاع 130 شخصاً من محافظة حمص بموجب مرسوم العفو الرقم 15 لعام 2016. والمشمولون بالتسوية هم من أهالي الرستن وتلبيسة وتدمر وأحياء عدة من مدينة حمص بعدما سلّموا أنفسهم وأسلحتهم، وذلك في إطار المصالحات المحلية.
من جهة اخرى، قالت قناة «الإخبارية» الرسمية إن لجنة رباعية من الجيش السوري ومحافظة ريف دمشق ووجهاء من حي القدم والمعارضة توصلوا إلى اتفاق تسوية يقضي بتسليم 250 شخصاً من المسلحين أنفسهم للسلطات وتسوية أوضاعهم القانونية، وذلك بعد أشهر من توصل الجانبين لاتفاق يقضي بتفريغ الحي الملاصق لدمشق من الأسلحة الثقيلة.
وقالت المحطة الإخبارية إن تسوية أخرى يجري العمل عليها في حي العسالي المجاور للقدم، والذي يفصل بين أحياء العاصمة الجنوبية وحي الحجر الأسود الذي يسيطر عليه «داعش».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد