الاقتصاد السوري في مواجهة تحديات محلية وعالمية
يواجه الاقتصاد السوري تحديات كبيرة في ظل الانخفاض العالمي لأسعار النفط الذي يشكل موردا أساسيا للموازنة العامة للدولة.
ولكن آثار هبوط أسعار النفط لم تظهر على الأسواق المحلية بعد في وقت بدأت آثار أزمة تهدد قطاعي الصادرات الزراعية والصناعية.
وربط رئيس القسم الاقتصادي في صحيفة تشرين الحكومية زياد غصن حفاظ أسعار المشتقات النفطية على مستوياتها الحالية برؤية الحكومة التي تتعامل مع تلك المشتقات كملف واحد تحت عنوان "حوامل الطاقة".
وقال غصن إن الحكومة تدعم مادتي المازوت والفيول حاليا لكنها تتأنى في خفض سعر البنزين رغم أن سعره يتجاوز ضعف نظيره العالمي.
وأضاف أن بعض المواد التموينية وتحديدا الزيوت النباتية والأرز انخفض سعرها في السوق السورية لكنه انخفاض محدود جدا.
وعزا غصن حفاظ باقي المواد على أسعارها المرتفعة إلى حالة الاحتكار التي يفرضها التجار والمستوردون على السوق المحلية فترتفع الأسعار مع الارتفاعات العالمية لكنها لا تنخفض لانخفاضها.
وأدى تراجع الصادرات إلى دول الاتحاد الأوروبي إلى توجه بعض الشركات والمصانع إلى خفض حجم العمالة.
وقال غصن إن شركات استغنت فعليا عن عدد من عمالها جراء مشكلات التصدير إلى أوروبا. وتوقع إمكانية التكرار وربما التعميم إذا تطورت أزمة التصدير جراء الركود والأعباء الجديدة على الإنتاج السوري.
ورفعت الحكومة في مايو/أيار الماضي أسعار المشتقات النفطية بنسبة 350% حيث زاد سعر المازوت من نحو 7.50 ليرات سورية لليتر إلى 25 ليرة، في حين رفعت البنزين من 36 إلى 40 ليرة لليتر (الدولار يعادل 47 ليرة).
وتستورد سوريا حاليا نحو 150 ألف برميل يوميا من المشتقات النفطية في حين يبلغ إنتاج مصافيها نحو مائتي ألف برميل.
وأدى رفع أسعار المشتقات النفطية إلى تأثيرات حادة على تكاليف الإنتاج التي ارتفعت كثيرا.
ورغم غياب الأرقام الدقيقة التي ترصد ذلك فقد أوضح الصحفي مصطفى السيد انخفاض الصادرات الصناعية بنسبة تصل إلى 20% خلال الشهرين الماضيين.
ورأى أن تكاليف الإنتاج عالية جدا وخاصة مع الارتفاع الكبير في الفاتورة النفطية والطاقة الكهربائية مما حمل المنتج أعباء إضافية تجعله غير قادر على المنافسة.
وحذر السيد من وقوع الاقتصاد السوري في مطبات مع استمرار تراجع أسعار النفط.
وأشار إلى إعداد الموازنة العامة للدولة على أساس 51 دولارا لبرميل النفط، موضحا أن الموازنة تخسر أربعة مليارات ليرة مع كل دولار ينقص من سعر البرميل.
وقال إن ذلك الأمر يجعل الحكومة غير قادرة على تخفيض أسعار المشتقات النفطية حاليا.
وبلغ حجم الموازنة العامة للدولة في سوريا 685 مليار ليرة (14.5 مليار دولار) والعجز فيها 266 مليار ليرة (5.6 مليارات دولار). وتضمنت خطة الحكومة ضبط الإنفاق العام وخاصة الإداري منه.
وطرح اقتصاديون آخرون ارتباط تأثير الركود على الاقتصاد السوري بجوانب أخرى كمدى تأثر الأسواق التي تذهب إليها الصادرات السورية بالركود.
وقال المستشار الاقتصادي جهاد يازجي إن الاقتصاد السوري غير منفتح على الخارج، الأمر الذي حدّ كثيرا من تأثره بالأزمة المالية العالمية.
وتوقع يازجي عدم ظهور آثار سلبية كبيرة خلال الأشهر القليلة المقبلة بانتظار بلورة شكل الأزمة بالدول التي ترتبط سوريا معها بعلاقات تجارية.
ولكنه حذر من جوانب أخرى أكثر أهمية تتعلق بحجم الاستثمارات الخارجية في سوريا، مشيرا إلى الاستثمارات الخليجية التي تشكل الجزء الأكبر من حجم الاستثمار.
وتوقع إمكانية تأثير انخفاض أسعار النفط بحدة على جذب استثمارات خليجية جديدة بل قد يؤثر على مشاريع عملاقة قائمة حاليا، داعيا لمتابعة تطورات المشروعات القائمة لتقدير مدى الأضرار.
وشهدت الصادرات السورية حسب بيانات رسمية ارتفاعا من 455 مليار ليرة (9.6 مليارات دولار) عام 2005 إلى 529 مليارا (11.2 مليار دولار) عام 2007. وتشكل الصادرات غير النفطية أكثر 70% من الصادرات الإجمالية.
وارتفعت قيمة المستوردات من 462 مليار ليرة (9.8 مليارات دولار) عام 2005 لتبلغ 619 مليارا (13.1 مليار دولار) عام 2007 نتيجة ارتفاع حجم وقيمة المستوردات من المشتقات النفطية.
محمد الخضر
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد