الإدارة الأمريكية الجديدة والخلافات حول ملف سورية

15-11-2008

الإدارة الأمريكية الجديدة والخلافات حول ملف سورية

الجمل: برغم عدم قيام الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما باختيار التشكيلة النهائية لإدارة الديمقراطية التي ستتولى أمر البيت الأبيض بدلاً عن الإدارة الجمهورية فقد بدأت حدة الخلافات تتزايد أكثر فأكثر حول أجندة السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية وعلى وجه الخصوص مستقبل التعامل مع ملف سوريا..
* الإدارة الأمريكية الجديدة والخلافات حول ملف سوريا:
خلال الفترة التي سبقت إعلان فوز المرشح الديمقراطي باراك أوباما بنتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية وتحديداً خلال النصف الثاني من الحملة الانتخابية كانت خارطة التوقعات إزاء مستقبل سياسة سوريا تشير إلى الآتي:
• في حالة فوز الديمقراطيين ستعود العلاقات والصلات على خط واشنطن – دمشق.
• في حالة فوز الجمهوريين ستستمر القطيعة على خط واشنطن – دمشق.
ولكن برغم فوز الديمقراطيين وصعودهم إلى البيت الأبيض الأمريكي فإن مؤشر التوقعات إزاء مستقبل سياسة سوريا ما زال يحمل قدراً من الغموض المبهم واللايقين. هذا، ومن أبرز عوامل اللايقين نجد أن الخلافات حول تفاصيل شكل الإدارة الأمريكية الجديدة قد ألقت بالمزيد من الظلال المبهمة على سيناريو ملف علاقات خط واشنطن – دمشق وعلى هذه الخلفية يمكن القول بأن أبرز العوامل الحالية يتمثل في:
• متغير مجلس الأمن القومي الأمريكي: يعتبر مجلس الأمن القومي من الأدوات الهامة لجهة سيطرته على السياسة الخارجية الأمريكية، وبكلمات أخرى فإن استراتيجية الأمن القومي الأمريكي التي يقوم بوضعها مجلس الأمن القومي هي التي تحدد الإطار العام الملزم لتوجهات السياسة الخارجية الأمريكية.
• متغير وزارة الخارجية الأمريكية: تتوقف أحد أهم جوانب عملية صنع قرار السياسة الخارجية الأمريكية إزاء الشرق الأوسط على طبيعة توجهات من سيتولى منصب وزير الخارجية والطاقم المساعد له، وبرغم الطابع المؤسساتي لأجهزة الدولة الأمريكية، فإن عناصر البيئة النفسية – العقائدية – المذهبية للعناصر التي تقوم بأعباء صنع القرار الشرق أوسطي قد ظلت تمارس تأثيرها المتزايد على اتجاهات وطبيعة القرار النهائي.
• متغير الكونغرس الأمريكي: يتكون الكونغرس من اجتماع مجلسين هما:
- مجلس النواب: وهو المسؤول عن إصدار القوانين والتشريعات وتلعب لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس النواب ولجانها الفرعية وعلى وجه الخصوص لجنة الشرق الأوسط دوراً كبيراً في إعداد مشروعات القوانين المقدمة للمجلس ومتابعة وإجازة تنفيذها.
- مجلس الشيوخ: وهو المسؤول عن متابعة أنشطة الإدارة الأمريكية وتلعب لجنة العلاقات الخارجية التابعة له وتحديداً لجنة الشرق الأوسط المتفرعة عنها دوراً كبيراً في متابعة الأداء السلوكي للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط.
هذا، وتشير معطيات خبرة الكونغرس السابقة إلى أن لجنة الشرق الأوسط المتفرعة من لجنة العلاقات الخارجية ظلت حكراً لسيطرة أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الذين يتميزون بالولاء الشديد لإسرائيل والعداء للعرب.
وعلى خلفية هذه المتغيرات، تقول المعلومات والتسريبات الواردة من واشنطن بأن الخيارات المتاحة أمام الإدارة الأمريكية الجديدة يمكن وصفها بأنها خيارات تتمتع بحرية أكبر إزاء اختبار من يتولى منصب مستشار الأمن القومي الأمريكي، واختيار من يتولى منصب وزير الخارجية الأمريكي، ولكن هامش الحركة هذا أصبح يضيق أكثر فأكثر بسبب العديد من العوامل:
• صراع الأجنحة داخل الحزب الديمقراطي.
• صراع الأجنحة داخل الكونغرس الأمريكي.
وتشير المعلومات إلى أن بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي الجمهوريين أبدوا استعداداً لعقد صفقة مع بعض الأعضاء الديمقراطيين لجهة الالتزام بمساندة الإدارة الأمريكية الجديدة في المواقف الصعبة خاصة عندما يتطلب الأمر التصويت داخل الكونغرس والحصول على الأغلبية المطلقة، والتي لم يستطع الحزب الديمقراطي الحصول عليها، لأن كل ما حصل عليه داخل الكونغرس هو الأغلبية الميكانيكية العادية.
* الصراع المتوقع حول ملف سوريا:
بدأت تتشكل الملامح الأولى لشكل الصراع حول ملف سويا وحالياً تشهد الساحة الأمريكية خلافاً بين محورين يمكن الإشارة لهما على النحو الآتي:
• محور استمرار الوضع القائم: ويتمثل في عناصر جماعة المحافظين الجدد واللوبي الإسرائيلي الذين يطالبون بضرورة عدم قيام الإدارة الأمريكية الجديدة بأي تعديلات على سياسة إدارة بوش الجمهورية إزاء ملف سوريا وما هو جدير بالملاحظة يتمثل في أن تداعيات ملف سوريا قد تجاوزت نطاق أجندة معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى وانتقلت إلى دائرة اهتمامات معهد المسعى الأمريكي الذي كان في الماضي يركز حصراً على ملف العراق وروسيا وإيران وكوريا الشمالية.
هذا، وقد نشر معهد المسعى الأمريكي اليوم على موقعه الإلكتروني تحليلاً من إعداد مايكل روبين الخبير في شؤون منطقة الشرق الأدنى أشار فيه إلى النقاط الآتية:
- إن الصراع التاريخي حول زعامة الشرق الأوسط بين أطراف مثلث دمشق – بغداد – القاهرة لم ينتهي بعد.
- تسيطر الولايات المتحدة حالياً على القاهرة وبغداد وبقي أن تسيطر على دمشق.
- حاولت إدارة بوش احتواء خطر دمشق دبلوماسياً والآن على الإدارة الأمريكية الجديدة المضي قدماً في مخطط احتواء دمشق بتشديد الضغوط عليها.
هذا، إضافة إلى الفذلكة التاريخية التي استخدمها مايكل روبين فقد أضاف مشيراً إلى أن السيطرة على القاهرة قد كلفت واشنطن معونات اقتصادية بلغت جملتها حوالي 50 مليار دولار، خلال الفترة من لحظة توقيع اتفاق كامب ديفيد وحتى الآن وبالتالي فإن واشنطن إذا اختارت اللجوء إلى تطبيق الأسلوب ذاته مع دمشق فإن ذلك سيكلفها مليارات أكثر.
• محور التغيير والتبديل: ويركز هذا المحور على ضرورة استمرار جهود السلام التي سبق أن بدأتها إدارة كلينتون الديمقراطية ولكنها لم تستمر وتثمر بسبب صعود إدارة بوش الجمهورية، هذا وتقول المعلومات والتسريبات بأن أبرز المطالبين بتغيير مسار سياسة بوش إزاء سوريا هم:
- الرئيس المنتخب باراك أوباما: وقد لمح إلى ضرورة التعامل مع دمشق من خلال تصريحه القائل "إن عدم التحدث والتفاهم لا يجعلنا أقوياء وإنما يجعلنا نبدو متغطرسين".
- روبرت مالي المساعد المتوقع للرئيس أوباما الذي أشارت التسريبات الأمريكية بأنه ينخرط حالياً في بعض التفاهمات المتعلقة بملف سوريا.
- آرون ميلر: أحد كبار الذين أعدوا ترتيبات عملية السلام التي سبق أن انتهجتها إدارة كلينتون الديمقراطية السابقة وتقول المعلومات بأن آرون ميلر قد تحدث صراحة عن ضرورة عقد صفقة سلام مع سوريا.
هذا، وبرغم الخلافات فإن التوقعات كبيرة بأن تتخلى الإدارة الديمقراطية الجديدة عن استراتيجية إدارة بوش إزاء سوريا وهو أمر سيفسح المجال أمام الدخول في التفاهم والمحادثات المباشرة على خط دمشق – واشنطن حول مستقبل السلام والاستقرار في المنطقة، وبرغم هذه التوقعات فهناك احتمال ضئيل بأن لا يحدث ذلك، في حالة حدوث صفقة ديمقراطية – جمهورية داخل الكونغرس يترتب عليها مقايضة بعض الملفات العالقة بين الطرفين.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...