الأسد ونجاد: الوحدة لإفشال مؤامرات الأعداء
حذر الرئيس بشار الأسد، أمس، من أن ما واجهته الأمة الإسلامية والعربية في العقود السابقة كان تحديات وجودية لا عابرة، تستهدف هوية فلسطين، مشددا على أن أية حلول سيقررها الغير بالنيابة عنا لن تكون منصفة. وتمسك بمقاومة الاحتلال ودعمها، مذكرا أن دمشق لا تزال ترغب في تحقيق السلام العادل والشامل على أساس عودة الأرض المحتلة.
وقال الرئيس التركي عبد الله غول «ليس من الممكن إقامة السلام والاستقرار في المنطقة ما لم يتم حل مشكلة الدولة الفلسطينية التي يجب أن تعيش إلى جانب إسرائيل كدولة معترف بها كدولة آمنة تكون عاصمتها القدس الشرقية»، فيما هاجم الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد النظام الرأسمالي، مقترحا تشكيل سوق إسلامية مشتركة.
وكانت انطلقت في اسطنبول أعمال القمة الاقتصادية للجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري لدول منظمة المؤتمر الإسلامي (كومسك) في دورتها الخامسة والعشرين، بمشاركة وفود من الدول الـ57 الأعضاء في المنظمة، منها 8 وفود برئاسة رؤساء وملوك وأمراء، وهي تركيا وسوريا وإيران والكويت وقطر وقيرغيزستان وأفغانستان وغينيا بيساو، إلى جانب رئيسي وزراء الأردن وفلسطين، وتمثلت باقي الدول على المستوى الوزاري.
وقال غول، في افتتاح القمة، إن «علاقتنا مع سوريا مثال يحتذى لحسن الجوار والتعاون والتضامن»، مكررا أن أولوية بلاده هي إقامة علاقات نموذجية مع جيرانها تستند إلى المصلحة المشتركة وحسن الجوار والصداقة والتعاون والتضامن. ورأى أن «تفعيل نظام الأفضليات التجارية بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي سيزيد من فرص تحسين التجارة البينية». وعرض استضافة بلاده للقمة المقبلة في العام 2014.
وشدد على أهمية تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة «من خلال مبدأ الأرض مقابل السلام»، داعيا إلى تحقيق المصالحة الفلسطينية الداخلية. ورأى أن «الآلام التي تعيشها المنطقة وفلسطين بشكل خاص يجب أن تنتهي من خلال تحقيق المطالب الشرعية للشعب الفلسطيني». وقال «بالرغم من مرور 8 أشهر على اجتماع شرم الشيخ من أجل فك الحصار عن غزة وتقديم المساعدات إلا انه لم يتحقق ما نصبو إليه من تقليص الحصار». وأضاف «ليس من الممكن إقامة السلام والاستقرار في المنطقة ما لم يتم حل مشكلة الدولة الفلسطينية التي يجب أن تعيش إلى جانب إسرائيل كدولة معترف بها كدولة آمنة تكون عاصمتها القدس الشرقية». وأعرب عن أمله في أن «تتكلل بالنجاح» المفاوضات الجارية بين الغرب وطهران بشان برنامجها النووي «لما فيه خير ومصلحة الشعب الإيراني».
من جهته، قال الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمال الدين إحسان أوغلو «إننا بانتظار مقترحات بعض الدول الأعضاء في سبيل تطوير العمل بين الدول الأعضاء، وخاصة في مجال التجارة». وحذر من «تناقص حجم التبادل التجاري بين الدول الإسلامية من 20 إلى 16 في المئة»، داعياً إلى «تلافي النقص ورفع مستوى التبادل التجاري والعمل على محاربة الفقر والجوع في معظم الدول الأعضاء» في المنظمة.
وقال الأسد إن «مقاومة الاحتلال واجب وطني ودعمها من قبلنا واجب أخلاقي وشرعي ومساندتها شرف نفاخر به»، لكن «هذا لا ينفي رغبتنا الثابتة بتحقيق السلام العادل والشامل على أساس عودة الأراضي المحتلة وفي مقدمتها الجولان». واعتبر أن «فشل المفاوضات في إعادة الحقوق كاملة يعني بشكل آلي حلول المقاومة كحل بديل».
ونبه الأسد من «الخديعة» التي تترافق مع ما «يطرح حول إيقاف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية كأساس للعودة للمفاوضات وكأن المشكلة كلها أصبحت تكمن في الاستيطان فقط». وقال إن «إيقاف الاستيطان ليس هدفا بحد ذاته بل مرحلة أو خطوة لا أكثر»، متسائلاً «ماذا عن إزالة المستوطنات بدلا من إيقافها والاهم من ذلك ماذا عن إنهاء الاحتلال؟».
وقال إن «دعم غزة يكون بالرفع المباشر للحصار الذي تتعرض له وتأمين المتطلبات الأساسية لاستمرار الحياة فيها من قبل دولنا بشكل فوري عاجل». وانتقد «تعاطي بعض الدول الغربية السلبي مؤخرا مع تقرير غولدستون الذي فضح بالأدلة جرائم إسرائيل ومحاولاتهم التغطية على هذه الجرائم».
وأضاف إن أي حلول سيقررها الآخرون نيابة عنا «لن تكون منصفة»، موضحا «لا أحد سيحرص على مصالحنا أو يصون حقوقنا عندما نتهاون بشأنها ولا يمكننا الاعتماد على أي كان عندما لا يمكننا الاعتماد على أنفسنا»، مشيرا إلى أن «مصير الوعود المخادعة سيكون التبدد»، محذراً من أن «الاستسلام لها يعني تبدد مكانتنا وحقوقنا ومصالحنا».
ولفت إلى «ارتباط اقتصادنا بوجودنا»، معتبرا أن «ما واجهناه خلال عقود مضت هو تحديات وجودية لا عابرة». وقال «لقد استشعرنا هذا الخطر منذ 40 عاما عندما أسسنا المنظمة (المؤتمر الإسلامي) عقب قيام الإسرائيليين بإحراق المسجد الأقصى». وحذر من أن «المحاولات الإسرائيلية تتكرر اليوم بشكل أكثر تصميما من أجل إزالته بشكل نهائي بالتوازي مع بدء عملية تهويد القدس عبر طرد الفلسطينيين من منازلهم وإحلال المستوطنين محلهم في عملية منظمة».
وفي حديثه عن العلاقات بين دول منظمة المؤتمر الإسلامي أكد الأسد أهمية توفر «الإرادة السياسية كأساس» وجود للتعاون وتعزيزه. ودعا إلى إيجاد «نظرة شاملة للتعاون ترتكز على تعزيز التعاون الاقتصادي من خلال تذليل العقبات التي تقف في وجه المؤسسات التي تتبع المنظمة أو تلك التابعة لدولنا». وربط بين تحقيق السلام والأمن وتحقيق الازدهار، معتبرا أنه «لا قيمة للحديث عن الرفاهية أمام إنسان لا يعرف الأمان وحياته مهددة مطلع كل صباح، وكيف يمكن تحقيق الازدهار في منطقتنا وبؤر الانفجار تدمر كل أمل في حلول قريبة ولا تنتج سوى الألم والإحباط لدى شعوبنا؟».
وانتقد نجاد النظام الاقتصادي الرأسمالي، موضحا أن «مفهوم الرأسمالية المرتبط بالسياسة هي تجربة مريرة. لقد رأينا حروبا مفروضة واحتلالا وصراعات وانتشار الإرهاب والدمار والتمييز السياسي». واعتبر انه من اجل الخروج من هذا الوضع فان «أمام الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي مسؤوليتين جسيمتين: بناء بلداننا وتحقيق تقدمها، من اجل الوصول إلى نقطة الأمان والاستقرار، والسعي من اجل إصلاح الوضع العالمي الراهن وإيجاد نظام اقتصادي دولي عادل».
وأكد نجاد «ضرورة إيجاد تغيير جذري في النظام السائد في العالم»، مقترحا أن «يكون التبادل التجاري بين الدول الأعضاء بالعملة الوطنية»، مشيرا إلى «نجاح تجربة إيران وتركيا في هذا المجال، وتأسيس سوق إسلامية مشتركة، واعتماد النظام التفضيلي للتعرفة الجمركية، والتسريع والتسهيل في إصدار التأشيرات للناشطين الاقتصاديين، وعقد اجتماعات مستمرة لهم مع المسؤولين المعنيين، وتعريف سلة عملات صعبة للتعامل والتبادل التجاري بين الدول الأعضاء، والسعي لتوسيع وتطوير العلاقات الثنائية ومتعددة الإطراف»، مشيرا إلى «نجاح تجربة إيران وتركيا وسوريا والعراق في هذا المجال».
وفي حين دعا الرئيس الأفغاني حميد قرضاي إلى شراكة بين الدول المسلمة وبذل جهود مشتركة للتنمية الاقتصادية، أكد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح ضرورة «تبادل الخبرات والتجارب بين بلدان المنظمة والتركيز على تنمية نشاطات اقتصادية من شأنها أن ترفع مستوى معيشة الإنسان وكذلك التركيز على الاستثمار في قطاع الزراعة بما يسهم في تحقيق الأمن الغذائي للعالم الإسلامي».
وقال الرئيس المصري حسني مبارك، في كلمة ألقاها بالنيابة عنه وزير التجارة رشيد محمد رشيد، «يتعين على المجموعة الإسلامية أن تسهم من الآن في صياغة هذا النظام العالمي الجديد لتفرض نفسها كتكتل اقتصادي قادر على الدفاع عن مصالح شعوبه وتحقيق أولوياته». وأكد رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض تمسك الفلسطينيين بخيار السلام متهما إسرائيل بمحاولة فرض وتكريس الاحتلال وجعله حقيقة واقعة يعترف بها العالم.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد