إسرائيل والحرب مع سوريا: نبوءة تحقق نفسها؟

06-06-2007

إسرائيل والحرب مع سوريا: نبوءة تحقق نفسها؟

عشية اجتماع المجلس الوزاري المصغر، اليوم، لبحث الاستراتيجية الإسرائيلية حيال سوريا، هدّد رئيس شعبة الاستخبارات عاموس يدلين دمشق، أمس، من أنها ستخسر إذا بادرت إلى شن حرب ضد إسرائيل، في وقت أنهى الجيش الإسرائيلي مناورات تضمنت احتلال قرى سورية مواجهة لهضبة الجولان المحتلة. وأكد رئيس الأركان الإسرائيلي غابي أشكنازي جاهزية قواته لمواجهة تدهور للوضع قد يحدث على الجبهتين الشمالية والفلسطينية، فيما تساءل معلقون عما إذا كانت الثرثرة الإسرائيلية حول الحرب ستتحول إلى نبوءة تحقق نفسها.
وأبلغ يدلين «لجنة الخارجية والدفاع» في الكنيست أن «لسوريا سلاح جو ومنظومة مدنية وشبكة كهرباء وبنى تحتية مدنية قد تتضرر»، مشيراً إلى أن جاهزية الجيش السوري حالياً للحرب أعلى مما كانت عليه من قبل، ولكن هذا لا يعني أن سوريا جاهزة للحرب غداً. وشدّد على أن لدى السوريين منظومة صواريخ كبيرة لمدايات مختلفة، موضحاً أن تفعيل هذه المنظومة لا يحتاج إلى تحريك قوات كبيرة.
من جهته، قال اشكنازي لجنوده أثناء المناورات الختامية إن «الهدف المركزي للجيش الإسرائيلي في هذه الأيام بالذات هو تحسين أهليته وجاهزية الجيش عموماً في الجو والبر والبحر»، مضيفاً أنه لا يعرف «ما إذا كان الوضع سوف يتدهور أم لا، ولكن مواطني إسرائيل يعتمدون علينا، وأنا أعتمد عليكم». وشدّد على أن الجيش «يعيش واحداً من وضعين: إما أن يستعد للحرب أو أن يحارب. والأمر هذا يسري علي وعليكم».
وأكد أشكنازي، الذي يقود حملة تدريبات مكثفة للجيش الإسرائيلي في الجولان، أن جيشه يستعد لمواجهة تدهور الوضع في الجبهتين الشمالية والجنوبية. وأشار إلى أن الجيش يجسد في هذه التدريبات العبر التي استخلصها من الحرب على لبنان، موضحاً أن هذه التدريبات هي لتأهيل القادة الجدد وتعليمهم القدرات وطريقة تجسيد العبر.
وقال أشكنازي إن لدى إسرائيل جيشاً قوياً «غير أن النتيجة تتقرر وفق القيادة. فإذا كانت القيادة صائبة، مبادرة، هجومية، تتطلع للالتحام، تتمسك بالأهداف، فقط بهذا الشكل تحقق النتائج».
وبدا واضحاً، بحسب تعليقات عسكرية إسرائيلية، التغيير في نمط التدريبات الإسرائيلية، حيث تمّ اختيار نمط القرى الحدودية السورية التي تكثر فيها الأبنية ويتقلص عديد السكان وتوجد حولها تجمعات للمدفعية والدبابات. كما تحيط بهذه القرى موانع طبيعية أو عوائق اصطناعية. وأشار المراسل العسكري للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي إلى أن هذا تغيير فعلي، لأن التدريبات الإسرائيلية في السنوات الماضية كانت تركز على احتلال مدن أو قرى فلسطينية أو حتى لبنانية.
واعتبر المعلق العسكري للقناة العاشرة أن الثرثرة تنقلب إلى خطر فعلي، مشيراً إلى أن الجيش اعتبر في الماضي أن رفع جاهزيته إلى مستوى يؤهله لخوض حرب في الصيف، هو هدف يتطلع إليه. وأضاف أنه لم ينطلق من معرفة أن الحرب واقعة في الصيف، وإنما أن هذه هي المهلة التي يتعين فيها على الجيش الاستعداد للحرب وترميم قدراته بعد حرب لبنان الثانية. وقال إنه يبدو من كثرة ما تكرر شعار الاستعداد للصيف، أنهم شرعوا في الإيمان بذلك. وأوضح أن السوريين يسمعون هذا الكلام وبدأوا في تصديقه والاستعداد لمواجهة الصيف.
ورأى المعلق أن الجيش الإسرائيلي حطّم، بتهديدات الأمس، كل السدود. فرئيس شعبة الاستخبارات المكلف بالإشارة إلى الأخطار الآتية من الخارج، بات يهدّد من داخل إسرائيل. وأوضح أن هذا أفرز تاريخاً خطيراً يخشى من أن يتحول إلى نبوءة تحقق نفسها.
وحاول وزير الدفاع عمير بيرتس تهدئة الأجواء، مبدياً أمله بألا يتحول التصعيد بالأقوال إلى تصعيد بالأفعال. وقال: «إننا نبلغ السوريين، بهذه المناورات، أننا جاهزون، وأنه ليست لدينا أي نية لخلق أي تصعيد مقصود، كما أننا ننطلق على هذا الصعيد من فرضية أن الجانب السوري ايضاً غير معني بالتصعيد».
وكان المراسل السياسي لصحيفة «هآرتس» ألوف بن قد كتب، أمس، أن بعض مستشاري رئيس الوزراء إيهود اولمرت يتحفظون على استئناف المحادثات مع سوريا، خشية إغضاب الإدارة الأميركية. وقال إن هؤلاء يعتقدون أن إحياء المسار السوري يغضب إدارة جورج بوش التي ترى في النظام السوري جهة إشكالية تمس بالاستقرار الاقليمي.
ونقل بن عن مصدر سياسي إسرائيلي أن استئناف المفاوضات الإسرائيلية ـ السورية ليس على جدول الأعمال الذي أعد للقاء اولمرت مع بوش بعد اسبوعين، موضحاً انهما سيبحثان في المسيرة السياسية مع الفلسطينيين، ومبادرة السلام العربية وكيفية مواجهة التهديد النووي الإيراني.
وأشار بن إلى أن التقديرات الاستخباراتية التي يتلقاها أولمرت تشدّد على الموقع المركزي لسوريا في «محور الشر» لأعداء اسرائيل: إيران، حزب الله ومنظمات الارهاب الفلسطينية. ويسعى رئيس الوزراء للتأكد، قبل أن يوافق على الشروع في مفاوضات، بأن سوريا ستوافق على تبريد علاقاتها مع ايران والانخراط مجدداً في منظومة الدول السنية في المنطقة، الى جانب مصر والاردن والسعودية. وبحسب المصدر السياسي، فإن انسحاباً من الجولان سيكون خطأ إذا بقي الحلف السوري مع إيران، ومثله دعمها لحماس وحزب الله.
ومن المقرر أن يبحث المجلس الوزاري المصغر، اليوم، في الاستراتيجية الاسرائيلية حيال سوريا. وسيستمع الوزراء الى التقديرات الاستخباراتية عن تعاظم الجيش السوري وتزوّده بسلاح حديث، وتمترسه والتدريبات التي يجريها لقواته. وتعتقد شعبة الاستخبارات العسكرية أن الاستعداد السوري ليس في منظومة هجومية بل دفاعية. وردّ الجيش الإسرائيلي على تعاظم الاستعدادت السورية بمناورات لقواته البرية في هضبة الجولان، وبمناورة قيادات كبيرة جرت في هيئة الأركان.
وثمة تخوف أساسي في إسرائيل من سيناريوهين: الأول هو عمليات إرهابية («مقاومة») تطرح كخطوة «لتحرير الجولان المحتل» في حالة إصرار إسرائيل على رفض المفاوضات. السيناريو الثاني هو خطوة أكثر جرأة، «خطف» يحاول فيه الجيش السوري السيطرة بالقوة على منطقة صغيرة، واستخدامها كرافعة لمسيرة سياسية تخلي فيها إسرائيل كل الجولان، وذلك على نحو يشبه الاستراتيجية التي اتخذها الرئيس المصري الراحل انور السادات في حرب يوم الغفران في العام .1973.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...