أوروبا تناشد تركيا "خفض حاد" لأعداد الوافدين على اليونان
دعا مسؤول في الاتحاد الأوروبي تركيا إلى الالتزام بالإتفاقات الدولية واستقبال آلاف اللاجئين السوريين العالقين على حدودها مع سوريا، وفي المقابل، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو، السبت، أن تركيا لا تزال تعتمد "سياسة الحدود المفتوحة" أمام اللاجئين السوريين، من دون تحديد موعد للسماح للأعداد الكبيرة المنتظرة على معبر "باب السلامة" بالدخول إلى بلاده.
لكن جاوش أوغلو تحفظ عن إعطاء أي تفاصيل حيال موعد قيام تركيا بفتح حدودها، فيما تفيد آخر الارقام التي قدمتها الامم المتحدة، الجمعة، أن نحو عشرين الف شخص يتجمعون قبالة معبر "أونجو بينار" المقابل لبلدة باب السلامة السورية.
وأكد الوزير التركي: "لقد استقبلنا خمسة آلاف، وهناك نحو 50 أو 55 ألفاً آخرين في طريقهم إلى الحدود.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني: "تحدثنا مع زميلنا التركي، يجب أن نتذكر أن هناك واجباً أخلاقياً، ان لم يكن قانونياً، بعدم الإبعاد القسري، وحماية أولئك الذين يحتاجون الى الحماية الدولية".
ورأت موغيريني: "اكثر من ذلك، فان المساعدات التي يقدمها الاتحاد الاوروبي الى تركيا تهدف الى ضمان ان يكون لديها الوسائل والادوات والموارد لحماية واستقبال الساعين الى اللجوء".
وتردد موغيريني بذلك رأي كثير من القادة الأوروبيين الذين انتهزوا هذا الاجتماع في أمستردام لتذكير تركيا بالتزامانها الدولية، وخصوصاً اتفاقية جنيف.
وكان مفوض التوسع في الاتحاد الأوروبي يوهانس هان، لدى وصوله إلى امستردام للمشاركة في اجتماع للاتحاد الأوروبي، أن "اتفاقية جنيف التي تقضي باستقبال اللاجئين لا تزال قائمة".
وجاء كلامه رداً على سؤال صحافي حول قيام تركيا بإقفال معبر "اونجو بينار" (المعروف بباب السلامة على الجانب السوري) في جنوب مدينة كيليس التركية بوجه اللاجئين السوريين. كما أقفلت كل المعابر بين البلدين.
وفي وقت لاحق من مساء السبت، دعا هان تركيا الى العمل من أجل خفض حاد لأعداد المهاجرين الوافدين على اليونان خلال أسابيع، وإلا فإن الضغوط ستتنامى لإغلاق مزيد من الحدود وإقامة المزيد من السياجات عليها.
وعبر هان عن شعوره بالإحباط من استمرار تدفق اللاجئين على اليونان رغم الاتفاق الذي وقع في 29 تشرين الثاني الماضي، بين أنقرة والاتحاد الأوروبي للحد من تدفقهم، قائلاً إن على تركيا أن تظهر تحقيق نتائج قبل القمة المقررة لقادة دول الاتحاد في 18 و19 شباط الجاري.
وقال هان (وهو أكبر مسؤول في الاتحاد الأوروبي مختص بالعلاقات مع أنقرة)، بعد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد ونظيرهم التركي في المدينة الهولندية: "هذا الاتفاق أبرم قبل شهرين ولم نشهد حتى الآن تراجعا مهما في عدد المهاجرين".
وأضاف أن "تركيا تستطيع فعل المزيد.. لا شك لدي في هذا"، مؤكداً أن حاجة أنقرة لنقل قواتها لمواجهة العنف في مناطقها الجنوبية الشرقية "ليس عذراً" لعدم توفير دوريات على شاطئها الغربي والتعاون مع اليونان.
وأكد المسؤول الأوروبي: "نحتاج لنتائج قبل قمة الاتحاد الأوروبي لنظهر للقادة أن الأمر يسير في الطريق الصحيح. أنا قلق من ضيق الوقت".
ورداً على سؤال حول تفاصيل تكلفة فشل الاتفاق مع تركيا، أوضح هان أن "هذا يزيد الضغوط من أجل توفير حلول بديلة"، في إشارة لسياسة إقامة الحواجز التي تتعارض مع قواعد الاتحاد الأوروبي الخاصة بحريّة مواطنيها في التنقل عبر الحدود للعيش والعمل.
ويأتي تحذير هان من تبعات فشل الخطة، متزامنا مع دعوات المجر والنمسا خلال اجتماع أمستردام، لإقامة سياجات على حدود مقدونيا وبلغاريا مع اليونان وعلى الحدود بين النمسا وسلوفينيا لمنع دخول المهاجرين.
وقال هان إنه إذا شيدت مثل هذه السياجات فسيكون لها "تأثير الدومينو"، حيث ستلجأ الكثير من دول الاتحاد الأوروبي لإغلاق حدودها وتهديد اتفاقية "شنغن" لحرية التنقل من دون جوازات سفر بين الدول الأعضاء.
وينتظر أن تصدر المفوضية الأوروبية (وهي الذراع التنفيذي للاتحاد) تقريراً يوم الأربعاء عن التقدم الذي تحققه تركيا في تطبيق الاتفاق الخاص بالمهاجرين. ويرجّح أن يكون تقرير المفوضية حاسماً، بينما تلاحق الشرطة التركية مهربي البشر واعتقلت بعضهم وطبقت السلطات التركية خطة مشروطة لإصدار تصاريح عمل للاجئين السوريين.
واتجهت ست من الدول الأعضاء في اتفاقية "شنغن" بينها ألمانيا وأربع دول أخرى من الاتحاد الأوروبي، لإعادة فرض إجراءات مراقبة الحدود مؤقتاً في منطقة "شنغن". وقد تظل هذه الإجراءات حتى أيار.
واتفق الاتحاد الأوروبي مع تركيا على منحها ثلاثة مليارات يورو (3.2 مليار دولار) لإبقاء اللاجئين السوريين على أراضيها مقابل تسريع مفاوضات عضويتها في الاتحاد وتسريع عملية السماح للأتراك بالسفر لأوروبا من دون تأشيرة.
ويثير هذا الاتفاق أزمة لأنه بينما تقر دول الاتحاد الأوروبي الآن بحاجتها لتركيا ذات الأهمية الاستراتيجية، فإنها قلقة مما تعتبره ميولاً استبدادية لدى رئيسها رجب طيب إردوغان.
ومن جهته، أعرب مفوض المساعدات الإنسانية كريستوس ستايليانيدس عن "قلقه الشديد" حيال تقارير حول نزوح سكاني جديد من سوريا.
وأضاف في بيان: "علاوة على ذلك، فإن العمليات الانسانية تواجه بطئاً شديداً جراء الأعمال العسكرية، تاركة السكان من دون مواد غذائية وامدادات طبية يمكن أن تنقذ حياتهم".
ومنذ الجمعة الماضي، بدأت السلطات التركية إقامة خيام جديدة في مخيم قرب المعبر الحدودي لمواجهة اي تدفق جديد للاجئين السوريين على الاراضي التركية.
وتفيد أرقام الأمم المتحدة أن أكثر من 20 ألف شخص يتجمعون على الجانب التركي لهذا المعبر.
والتقى وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي منذ الجمعة في أمستردام، في اجتماع غير رسمي. واستفادوا من وجود وزير الخارجية التركي للإعراب له عن قلقهم إزاء مصير هؤلاء اللاجئين، بحسب ما نقل مصدر ديبلوماسي.
وقال وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسلبورن أن "الجميع شاهدوا صور حلب وعشرات آلاف الأشخاص الهاربين من الموت". وعن موضوع اللاجئين السوريين العالقين على الحدود قال اسلبورن: "نحن غير مخولين تلقين تركيا ما عليها القيام به".
وكان رئيس الحكومة التركية أحمد داود اوغلو أكد في لندن أنه "سيسمح لهؤلاء الناس بدخول تركيا"، فيما أشار اوسلبورن إلى أن "احتمال حدوث تدفق جديد للاجئين باتجاه اوروبا كبير جداً"، مضيفاً أن "الأمر يحدث نتيجة القصف العشوائي على حلب ومحيطها".
وكان الأوروبيون اتفقوا في نهاية تشرين الثاني الماضي مع انقرة على ضرورة قيامها بحملة ضد المهربين الذين ينقلون اللاجئين من تركيا إلى اليونان والحد من تدفقهم، على أن يقدم لها بالمقابل مبلغ ثلاثة مليارات يورو لتشجيع ظروف عيش اللاجئين المقيمين في تركيا وثنيهم بالتالي عن التوجه إلى أوروبا.
وكالات
إضافة تعليق جديد