أهداف وغايات العدوان الإسرائيلي على لبنان
الجمل: العدوان الإسرائيلي ضد لبنان، مثل كل عدوان، له أهداف وغايات يسعى لتحقيقها، وعادة ما تمثل هذه الغايات الأهداف الاستراتيجية التي يسعى مخططو العدوان إلى إنجازها.
حتى الآن، الأهداف قصيرة الأجل للعدوان الإسرائيلي تتمثل في العمل من أجل القضاء على حزب الله، واحتلال أجزاء كبيرة من جنوب لبنان، والقضاء على دور الأمم المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى بعض الأهداف السياسية والاستراتيجية الأخرى.
يؤكد الـ(أداء السلوكي) اليومي للاعتداءات الجوية والبرية والـ(دبلوماسية) الإسرائيلية جملة من الأهداف الفرعية التي تسعى إسرائيل لتحقيقها على الأرض.
• القصف ضد السكان المدنيين: في جنوب لبنان، يهدف إلى تفريغ الجنوب اللبناني من سكانه وتحويله إلى (أرض محروقة)، وإجبار قوات حزب الله على التراجع إلى عمق الأراضي اللبنانية، على الأقل ضمن حدود نهر الليطاني. كذلك القصف ضد الضاحية الجنوبية والبقاع يهدف إلى القضاء على الـ(منطقة الخلفية) لحزب الله، بالمفهوم العسكري، أما القصف الجوي و(عقد) المواصلات، والحصار البحري، فيهدف إلى عزل جنوب لبنان، والقضاء على (حيوية) ارتباطه مع بقية لبنان.
• استهداف مراكز الأمم المتحدة: استهداف مراكز الرقابة وقوات حفظ السلام (Unifil) التابعة للمنظمة الدولية، إضافة إلى قتل عناصرها. ليس عملاً عشوائياً غير مقصود، وبعد حادثة قيام القوات الإسرائيلية بتوجيه نيرانها وقتل أربعة من عناصر الأمم المتحدة، برغم المحادثات الهاتفية العاجلة –بلغ عددها عشر اتصالات هاتفية- من رئاسة الأمم المتحدة إلى تل أبيب تطلب وتلتمس إصدار الأوامر للقوات العسكرية بالكف عن إطلاق النار ضد عناصر الأمم المتحدة، وما تبع ذلك من تجاهل بوساطة الحكومة الإسرائيلية، وامتناع بوساطة مجلس الأمن –بضغط أمريكي- فرنسي- بريطاني أصبح في حكم الواضح والمؤكد أن إسرائيل لا ترغب بوجود الأمم المتحدة أو قواتها في منطقة الشرق الأوسط.. وما عملية قتل عناصر الأمم المتحدة إلا رسالة من إسرائيل (وأمريكا بالضرورة) تقول: إنه قد آن الأوان للمنظمة الدولية، بان تلملم أطرافها، وترحل عن الـ(شرق الأوسط الجديد).
• القصف بـ(وسائل أخرى): تقول كل معطيات الخبرة التاريخية: إن العدوان الإسرائيلي لا يتم فقط بالأسلحة النارية.. بل تكون دائماً هناك (وسائل أخرى) ضمن المجهود الحربي العدواني، ويمكن تتبع ذلك من تصريحات الثنائي (أولمرت- بيرتس)، والتي تزعم بأن (هدف إسرائيل هو القضاء على خطر صواريخ حزب الله، ونزع سلاحه، واستعادة جنودها وأن إسرائيل لا تستهدف الحكومة اللبنانية أو الجيش اللبناني..)، وهذه التصريحات تكشف لنا عن الأبعاد الأخرى للعملية الحربية الإسرائيلية، والتي تندرج ضمن بند (العمليات النفسية)، والتي تهدف إلى:
- تضليل المجتمع الدولي بأن هدف إسرائيل هو الدفاع عن أمنها ضد الهجمات الصاروخية واستعادة جنودها الـ(مخطوفين).
- تضليل الرأي العام العربي واللبناني، وذلك بأن إسرائيل لا تسعى للعدوان أو الاحتلال، وبأن حزب الله هو الذي بدأ العدوان، وبالتالي فهي تسعى لممارسة حقها في الرد والقصاص.
- استهداف تضلل الرأي العام العربي واللبناني، يهدف إلى القيام بدور مزدوج:
• انقسام آراء الأنظمة العربية بين اتجاه يؤيد المقاومة.. وآخر يدين المقاومة، وبالتالي يسهل على إسرائيل وأمريكا تجميع الـ(مظلة العربية الجديدة)، كمظلة سياسية إقليمية تعمل ضمن المظلة الأمنية الإسرائيلية الشاملة لمنطقة الشرق الأوسط.
• انقسام النخبة السياسية اللبنانية إلى نخبة تعرض بالمقاومة وتحملها المسؤولية (الحكومة، كبار المسؤولين، قادة الأحزاب والجماعات المنضوية تحت مظلة تيار المستقبل).. ونخبة أخرى تؤيد المقاومة بحيث يعمل التناقض بين المجموعتين في اتجاه الاستقطاب والفرز الذي يعمق الخلافات في الشارع اللبناني، بين تيار شيعي رافض للمقاومة، وتيار شيعي مؤيد للمقاومة.. وفي هذه الأثناء تقوم إسرائيل باستثمار (الفرصة المتاحة) بتوجيه أشد الضربات ضد المقاومة في جنوب لبنان، وذلك على النحو الذي قد يشهد المزيد من المذابح والمجازر الجديدة.
كذلك، لا تسعى إسرائيل فقط إلى ضرب المقاومة حسبما هو معلن حالياً، بل ما هو غير معلن أيضاً حيث تستهدف بالقدر نفسه (الطرف الآخر) المؤيد لها في لبنان –ولكن بصمت- حالياً، ويبدو ذلك واضحاً من (لعبة الشطرنج) التي تلعبها الشراكة الإسرائيلية- الأمريكية، بالضغط على الحكومة اللبنانية لكي تختار بين أمرين: إما التحول إلى حكومة حرب لمساندة المقاومة والدفاع عن أرض وشعب لبنان، أو التحول إلى (بروكس) أو وكيل للحكومة الإسرائيلية في لبنان والمنطقة.. بحيث
تنفذ أجندة الـ(وكالة) التي تتضمن الموافقة دون قيد أو شرط على وجود وتمركز القوات متعددة الجنسيات (غالباً قوات الناتو). بموجب اتفاقية تطلق يد قوات الناتو في كل منطقة الشرق الأوسط، والموافقة على إقامة الـ(قاعدة الأمريكية) في شمال لبنان وتوقيع اتفاقية سلام لبنانية- إسرائيلية تعطي الحق للقوات الإسرائيلية الدخول من (الناقورة).. وحتى (عكار).. ثم بعد كل ذلك، في أول فرصة، سوف تعمل (إسرائيل) على إيقاع (جزاء سنمار) بهذه الحكومة، والتخلص من رموزها بـ(الانفجارات) أو خلافه.. وتنصيب حكومة جديدة.. تليها أخرى.
هكذا يقول منطق الاحتلال.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد