أنسي الحاج: يسوع المسيح احضر حالاً
أأنت المسيح صاحب قصة لعازر؟ إذن تفضّل.
الألفا سنة فاصل طويل. معنا ضعف نظر ولم نعد نراك.
المسافة شاسعة. اقترب وادخل. هذا وقتك. لن يكون لك وقت أفضل. إذ لم تجئ الآن فلا تجئ بعد ذلك. الحاجة إليك الآن.
نريد أن نعرف. نريد أن يقول لنا أحد ماذا نفعل، أين الحقّ، لماذا نعيش، من هم هؤلاء ومن هم أولئك.
نريد أن يقول لنا أحد من نحن، ولماذا يضربوننا، ويكذبون علينا، ويجوّعوننا، ويبّشعون حياتنا، ويهدرون مستقبل أولادنا، ويعهّرون الحياة من بابها إلى محرابها.
نريد أن نعرف منك أنت مع من.
لقد سئمنا التراتيل والأناجيل ومتّى ومرقس ولوقا ويوحنا. وسئمنا خصوصاً أعمال الرسل. وبولس. وبطرس. والرؤيا. وجميع القديسين.
وفلقونا بالأخ بابا نويل.
شكراً. شكراً لمجهودات ذوي النيات الحسنة والذين يحبون أن يزينوا لنا الحياة في المناسبات.
ليس هذا المطلوب. المطلوب واحد وهو حضورك. حضورك حالاً، وكلّ عذر لعدم حضورك مرفوض. أنت مسؤول. أنت المسؤول الأول والأخير فلا تقف في ظل الأناجيل. قالوا انك ستعود. شرّف.
تعال أخبرنا، تعال تكلم من جديد، تعال نقِّح أقوالك القديمة، تعال أعد النظر في هذا العالم، تعال راجع ضميرك وأعمالك وأقوالك.
قل لنا أين الطريق. أعرف أعرف: «أنا هو الطريق والحق والحياة». لكنْ قديمة. نريد غيرها الآن في ضوء الطرق اللانهائية المتداخلة، والحقوق التي لا يُعرف سرابها من طغيانها، والحياة التي نعيشها بالحبوب والأقراص.
نريد أن نعرف موقفك من اليهود،موقفك من اسرائيل، موقفك من العرب، موقفك من الغرب، موقفك من الزنوج، موقفك من الحب، والجنون، والطب، والعمل، والمال، والحرب، والعائلة، والبابا، والعقائد، وموت الأطفال، والأمم المتحدة، والفنون، والشعر، والجنس، ومسيحيي لبنان، وسوريا، والأردن، ومصر، والسودان، والعراق.
الكلمة عظيمة. الكلمة الله. الكلمة أنت. لكنْ قديمة.
نريدك «أنت».
جسداً وصوتاً، كما أنت، نازلاً من السماء، طالعاً من القبر، آتياً من الجدار، أومنبثقاً من الماء لا فرق.
تعال.
الأمم مجنونة وبلهاء والشعوب مسحوقة وغبية والزعماء يقتلون ويعبدون أنفسهم. الكنائس تعيش على الذكريات. الأديرة مهجورة. الرهبان رهبان لأجل أنفسهم. الصليب نجم سينمائي. الأناجيل صارت كتاباً كجميع الكتب.
لا بد من حضورك.
اقطع أشغالك الحالية، أجِّل ما تفعل الآن، انهض من بين الغيوم واترك كل شيء واتبعنا.
اتبعنا على الأرض. احمل صليبك واتبعنا.
ذات يوم طلبتْ منك أمرأة كنعانية أن تشفي لها ابنتها المجنونة، فلم تجبها، وقلت لتلاميذك انك أرسلت لخراف بيت اسرائيل وحدهم. فسَجَدتْ الكنعانية لك وقالت: «يا سيد أعنّي». فأجبتها: «ليس حسناً أن يُؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب» . فقالت لك: «نعم يا سيد، والكلاب أيضاً تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها».
«الكلاب». معك حق. لقد كَشَفْتَنا. من أيامها ونحن كلاب. لكن الكلاب أيضاً يا سيد «تأكل من الفتات».
عد إلينا. نحن الكلاب أحوج إليك من أرباب المائدة لأن أرباب المائدة أكثر توحشا من هؤلاء الكلاب.
عد إلينا. قل لنا مرة أخرى إننا نحن الكلاب وسنصدق. قل لنا عندما تجيء إننا لا نستحق وسنصدق. قل لنا أي شيء عندما تجيء وسنصدق.
لكنْ تعال.
كلامك السابق سَبَقَتْه الأحداث. نعم كلامك أبدي لكن الأبدية أيضاً تسبقها الأحداث.
لم نعد نريد الكتب. لم نعد نريد سفراءك على الأرض. لم نعد نريد اللجوء إلى الغيب والتجريد. نريدك بلحمك وعظمك.
أنت يسوع المسيح. نريد أن نعرف. أن نعرف كل شيء. نريد أن نعرف منك أنت شخصياً، بكلام جديد، واضح، هادئ أو صارخ.
تعال.
الناصرة تنتظر.
بيت لحم تنتظر.
القدس تنتظر.
جبل الزيتون ينتظر.
الجلجلة تنتظر.
فلسطين تنتظر.
العالم كله ينتظر.
أنسي الحاج
24 كَانون الأول 1967
الملحق - «النهار»
إضافة تعليق جديد