آل سعود يستعيدون السيناريو السوري في اليمن ويحرقون مدينة صعدة

09-05-2015

آل سعود يستعيدون السيناريو السوري في اليمن ويحرقون مدينة صعدة

صعدة تحترق: انتقام سعودي يسبق الإقرار بالهزيمة

على غرار النهج الذي تتبعه إسرائيل في حروبها على لبنان وغزة، يتعمّد العدوان السعودي على اليمن التصعيد من توجهاته الانتقامية. فبعد الهزائم التي مُني بها في الميدان اليمني، قبيل الذهاب نحو وقف إطلاق النار ثم بدء المفاوضات السياسية، وقعت صعدة التي كانت على المهداف طوال الحروب الستّ السابقة على جماعة «أنصار الله»، ضحية لشرور الرياض التي تنوي اليوم إحراقها بمن فيها، بعد تهديدها رسمياً وعبر منشورات حثّت سكانها على مغادرتها تحت طائلة القصف الشامل.
«جنون» سعودي يسبق إعلان إخفاق العدوان في تحقيق أصغر أهدافه، سعّره توغل الجيش وقبائل يمنية في الأراضي السعودية خلال الأيام الماضية مع السيطرة على مواقع حدودية وقتل جنود سعوديين، بالإضافة إلى مواصلة تقدم الجيش و«اللجان الشعبية» في عدن جنوباً.
«أنصار الله»: استهداف ضريح السيد حسين سيفتح أبواب المواجهة في مجالات أخرى (أ ف ب)
تريد الرياض لصعدة أن تدفع ثمن خيبتها عبر جعلها بالكامل «هدفاً عسكرياً»، وفقاً لتصريحات المتحدث الرسمي باسم العدوان، أحمد عسيري. ورغم إعلانها قبل أسابيع محافظة منكوبة، أجهز الطيران السعودي على كل شيء في صعدة، من مبانٍ حكومية وتجارية ومؤسسات مدنية وعسكرية، إلى الأحياء السكنية والأسواق الشعبية ومحطات الوقود والمخابز، بالإضافة إلى المستشفيات والمدارس والمساجد والملاعب.تريد الرياض لصعدة أن
تدفع ثمن خيبتها العسكرية بجعلها «هدفاً مباحاً»

وقد أسقطت الطائرات السعودية في صعدة، أمس، منشورات تطلب من سكانها مغادرتها قبل الغروب، وهو ما قوبل بالرفض من الأهالي الذين قرروا البقاء في منازلهم، مؤكدين أنهم لن ينكسروا أمام أي تهديد من العدوان. وفيما يؤكد شهود عيان أن حالات النزوح ليست عند مستوى التحذيرات، يمكن النظر إلى دعوات العدوان، المواطنين، إلى المغادرة كأنها محاولة للتخفيف من أعباء ما قد ينتج من العمليات العدوانية التي ينوي تنفيذها. لكن أهالي هذه المنطقة ألفوا الحروب ومروا بظروف أصعب، وباتوا يفهمون المغزى من وراء التهديدات التي تريد لمنطقتهم أن تتحول إلى أرض محروقة.
وفي ظل تحليق طائرات الاستطلاع في سماء المحافظة، شنت طائرات العدوان غاراتها على كل مناطق مران التي ينتمي إليها زعيم «أنصار الله»، كذلك فإنها في سابقة خطيرة لها دلالات كبيرة، استهدفت مقام الشهيد حسين بدر الدين الحوثي، وهو الزعيم الروحي للجماعة، بأكثر من عشر غارات، إضافة إلى قصف ضريح الشهيد زيد علي مصلح، وهو رفيق السيد حسين وأكثر الشخصيات قرباً منه. كذلك جرى استهداف مناطق أثرية في مدينة صعدة التاريخية، أهمها باب اليمن الذي يعتبر معلماً مهماً.
ويرى مراقبون أن استهداف المقام الذي له رمزيته بالنسبة إلى اليمنيين، لأنه يخص مفجر أول ثورة فكرية في العقد الماضي، سينعكس سلباً على مسار الأحداث، ولا سيما أنه يحشر السعودية في الزاوية الطائفية التي تسعى إلى إشعالها.
عضو الهيئة الإعلامية لـ«أنصار الله»، صلاح العزي، رد على التهديدات ضد صعدة بالقول إن المحافظة لم تكن بعيدة عن النار «السعو ــ أميركية» منذ الأيام الأولى للعداون، ولكنه يرى التركيز عليها الآن عائداً إلى محاولة تحقيق أهداف معنوية استناداً إلى «رمزية صعدة الثورية».
وبشأن استهداف ضريح السيد حسين، قال العزي، إن ذلك يؤكد «حقيقة العقلية الداعشية والفكر التكفيري لنظام آل سعود، لأنها جرائم تشبه ما فعلته داعش في سوريا والعراق وأفغانستان عندما استهدفوا أضرحة الأنبياء والصحابة والتابعين»، مشيراً إلى أن ذلك يفتح أبواب المواجهة في مجالات أخرى «سياسية وثقافية واجتماعية».
ومع إقراره بأن المواجهات على الحدود السعودية ــ اليمنية تقلق الرياض، فإن الأهم من الحدود هي «الجبهات التي يراهن عليها آل سعود أكثر من غيرها، حيث التكفيريون والدواعش وتنظيم القاعدة في مأرب وعدن وشبوة... نحن هناك نحقق انتصارات كبيرة وخاصة في الأيام الثلاثة الأخيرة، حيث تم تأمين مديريتي المعلا والتواهي الاستراتيجيتين في عدن بعد دحر القاعدة منها، وفي شبوة أيضاً حصل تقدم في منطقة المصنعة».
وكان الجيش و«اللجان الشعبية» قد نفذوا مناورة عسكرية بالمدفعية والصواريخ على طول الساحل البحري الغربي في محافظة الحديده، في رسالة تحذر السعودية من الاقتراب من المياه الإقليمية اليمنية، وخصوصاً ساحل البحر الأحمر القريب منها، حيث كانت القبائل اليمنية تتمكن بسرعة من السيطرة على المزيد من المواقع السعودية في عمليات نوعية.
ولم يتحدث العزي عن أي تحرك للجماعة على الحدود، ولكنه عقّب بأن ما يحدث هناك «يشبه الثورة الشعبية ﻷبناء القبائل الحدودية انتقاماً من قوى العدوان التي استغلت صبرهم وأوغلت في سفك دمائهم، كما بلغتنا القبائل أنها أمطرت المراكز العسكرية السعودية بالقذائف، بل توغلوا داخل الحدود واستولوا على بعض الأسلحة وقتلوا عدداً من الجنود المعتدين».
وعُلم أن القبائل تمكنت من التقدم باتجاه محافظة جيزان المقابلة لمنطقة تهامة، وقالت مصادر إن معسكرات ومواقع سقطت بأيدي المقاتلين اليمنيين على كامل الشريط الحدودي مع جيزان. وفي جبهة منفصلة، سيطرت قبائل همدان بن زيد الحدودية على موقع جلاح العسكري القريب من مدينة نجران السعودية، وأكدت مصادر محلية فرار ضباط وجنود الموقع السعودي بعدما تركوا السلاح والآليات لتكون غنائم للقبائل. وشنت القوات اليمنية والقبائل قصفاً مكثفاً على موقع العين السعودي التابع لنجران، وتمكنوا من إحراق مخازن أسلحة وآليات عسكرية فيه. المصادر المحلية التي أكدت مقتل عسكريين سعوديين خلال الهجوم الذي تعرض له موقع أبو حمدان السعودي، رصدت أيضاً حالات فرار كبيرة لجنود وضباط الجيش السعودي من تلك المواقع، علماً بأن أبناء منطقة البقع الحدودية أعلنوا إسقاطهم طائرة «أباتشي» سعودية على الحدود ونشروا صوراً تظهر حطامها، فيما قالت الرياض إن الطائرة هبطت اضطرارياً نتيجة خلل فني. كذلك، أعلن المجلس المحلي لمحافظة حجة عدداً من المديريات مناطق منكوبة بسبب العداون وفي ظل استشهاد وإصابة المئات وتدمير البنية التحتية.
إلى ذلك، ارتكب العدوان السعودي مجزرة ضد أسرة كاملة أثناء قصف غير مسبوق طاول قبيلة بكيل المير في محافظة حجة، مخلفاً 13 شهيداً من النساء والأطفال، فيما تسيطر القبيلة على مواقع عسكرية داخل الأراضي السعودية (جيزان) حتى الآن.

علي جاحز- الأخبار

«هدنة إنسانيّة» تمهّد لحوار برعاية أمميّة!
يبدو أن العدوان السعودي على اليمن دخل فعلياً في مراحله الأخيرة، قبل الانطلاق بالعملية السياسية التي سترسم ملامح المرحلة المقبلة حيث ستترجم النتائج الميدانية، مكاسب وخسائر على المستوى السياسي. جملةُ معطيات تعزّز هذه الخلاصة، أولها القصف الهستيري الذي شنّه العدوان على صعدة يوم أمس، والذي يشير إلى بحث الرياض عن «انتصار» واحدٍ قبل وقف العمليات العسكرية والانتقال إلى طاولة المفاوضات الحتمية، قبيل اللقاء «التاريخي» الذي سيجمع قادة دول الخليج بالرئيس الأميركي باراك أوباما في كامب دايفيد، يوم الأربعاء المقبل.

واستناداً إلى هذه الوقائع، جاء الإعلان الأميركي ــ السعودي المشترك عن «هدنةٍ إنسانية» لخمسة أيام تبدأ يوم الثلاثاء، بالتزامن مع نفي التحالف رسمياً نيته الدخول البرّي إلى اليمن، رغم معلومات لا تزال متضاربة بشأن إمكانية إقبال التحالف على هذه الخطوة. وفي وقتٍ أصبح فيه معروفاً أن اللقاء الخليجي الأميركي قد يكون مخرجاً للرياض إلى العملية السياسية، بعد أكثر من 40 يوماً من حربٍ عبثية، لم يفلح النظام السعودي خلالها في تحقيق هدف عسكري واحد، أعلنت موسكو يوم أمس، موقفها الرافض لأي عمليةٍ برية في اليمن، واصفةً هذه الخطوة بـ»المتهورة»، وكاشفةً عن اتصالاتها بدول مجلس التعاون الخليجي للإسراع في استئناف المفاوضات السياسية.يمنيان يقفان قرب منزل دمرته غارة جوية في حي فج عطان جنوب صنعاء، أمس (رويترز)
ومن مقرّ السفارة الأميركية في العاصمة الفرنسية باريس، أعلن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، ونظيره السعودي، عادل الجبير، «هدنة إنسانية» تبدأ الساعة الثامنة مساء يوم الثلاثاء المقبل لخمسة أيام قابلة للتمديد، «مشروطة بتقيد الحوثيين بوقف إطلاق النار»، وتُعتبر لاغية إذا لم يلتزم بها الحوثيون وحلفاؤهم. وفيما أكد الجبير استمرار الحظر الجوي والبحري الذي يفرضه العدوان على اليمن خلال الهدنة، حذر كيري من استغلالها لإعادة تمركز القوات أو نقل الأسلحة. وبعد مقتل أكثر من 1300 شخص خلال العدوان على اليمن، بحسب الأرقام الدولية الرسمية، وتدمير البنية التحتية، قال منسق الأمم المتحدة في اليمن، باولو لمبو، إن الهدنة المعلنة الأخيرة غير كافية، مؤكداً أن إعلان وقف دائم لإطلاق النار هو وحده ما سيتيح لعمال الإغاثة التعامل بشكلٍ كامل مع «التحدي الإنساني الهائل».
وفي مواصلة للنبرة السعودية المعتمدة أخيراً والتي تُنذر بخفض سقف الرهان السعودي، أمل عادل الجبير يوم أمس أن «يعود الحوثيون إلى رشدهم ويدركوا أن مصلحة اليمن والشعب اليمني أولوية للجميع»، مضيفاً إن الهدنة «فرصة للحوثيين لإثبات أنهم يهتمون بمصالح شعبهم». وكان كيري قد أجرى يوم أمس، محادثات مع نظرائه الخليجيين في باريس، حيث كان ملفا اليمن وإيران مدار بحثٍ، بعد زيارة الوزير الأميركي الأخيرة للرياض، حين شنّ الجبير هجوماً على الجمهورية الإسلامية، التي جددت يوم أمس رفضها للاتهامات السعودية لها بالتدخل في اليمن، والمتواصلة منذ ما قبل العدوان.
وقالت طهران، على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية، مرضية أفخم، إن هذه الاتهامات «تأتي في إطار تحميل الآخرين المسؤولية» عما يجري في اليمن، مؤكدةً أنها «تستند إلى تفسيرات وتحليلات مكررة وعديمة الجدوى». وأضافت إن الرياض وحلفاءها في التحالف العربي «أرادت أخذ اليمن رهينة لضمان مصالحها ومصالح حلفائها» من خلال فرض حصار بري وبحري وجوي.
من جهةٍ أخرى، ووسط تضارب الأنباء بشأن عمليةٍ برّية قريبة في اليمن، كان آخرها ما نشرته صحيفة «الشروق» المصرية في هذا المجال، أكد المتحدث الرسمي باسم العدوان، أحمد عسيري، أن الخيار البرّي «مطروح، لكنه لم يحدث حتى الآن»، ليردف قائلاً إنه «لن يكون هناك توغل في الأراضي اليمنية».
وقال عسيري، في مؤتمر صحافي في الرياض يوم أمس، إن المملكة أصبح لديها هدف جديد وهو «حماية المدن السعودية من عمليات الميليشيات الحوثية داخل الأراضي السعودية»، مؤكداً أنها لن تتخلى عن دورها في عملية «إعادة الأمل» في اليمن. وبشأن القصف الكثيف على صعدة أمس، أوضح عسيري أن عمليات أمس استهدفت المناطق التي انطلقت منها عمليات الحوثيين ضد الأراضي السعودية، مشدداً على أن الرياض تسعى إلى حماية المواطن السعودي والمواطن اليمني، على حد سواء.
وكانت صحيفة «الشروق» قد أكدت أن «التحالف العربي الداعم للشرعية»، أقرّ فعلياً خطة للتدخل البري المحدود في اليمن، لمنع سقوط مدينتي عدن وتعز بأيدي الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ولتأمين المنطقة المحيطة بمضيق باب المندب. ونقلت الصحيفة المصرية يوم أمس، عن مصادر سياسية يمنية قولها، إن «التحالف سيدفع ببضعة آلاف من الجنود المدربين تدريباً عالياً للدخول عبر البحر بإسناد من البحرية السعودية والمصرية، إلى ساحل مدينة عدن وساحل ميناء المخا في محافظة تعز المطلة على باب المندب لتأمين المنطقة، وتأمين مدينة عدن لتصبح مقراً لإدارة الدولة، لحين إنهاء تمرد الحوثيين وصالح، على الشرعية الدستورية في البلاد، ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي».
وكانت موسكو قد حذّرت يوم أمس، من أن شنّ عملية برية في اليمن يُعدّ تهوراً. وقال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، إن هذا الاحتمال سيؤدي إلى تصعيد الوضع في البلاد، مؤكداً أن المطلوب حالياً هو استئناف المفاوضات بين الأطراف اليمنية بوساطة الأمم المتحدة. وأشار الدبلوماسي الروسي إلى أن موسكو تواصل العمل حول الأزمة اليمنية مع اللاعبين الإقليميين، مضيفاً إنه أجرى في الفترة الأخيرة «اتصالات جيدة وفعالة مع مجموعة مجلس التعاون الخليجي ولقاءات جيدة جداً مع المندوبين السعودي والقطري، واتفقنا على ضرورة الإسراع في استئناف المفاوضات». وشدد تشوركين على أن المبعوث الدولي السابق إلى اليمن جمال بن عمر «مهد أرضية جيدة جداً للمناقشات التي لا بد من العودة إليها».
ميدانياً، واصلت القوات المسلحة و»اللجان الشعبية» السيطرة على مناطق المنصورة والعروسة في مدينة عدن، بعد دخول الجيش التواهي، في وقتٍ نفذ فيه العدوان 4 غارات جديدة على مطار عدن. وفي شبوة، أكدت مصادر محلية سقوط مدينة المصينعة، أحد معاقل عناصر تنظيم «القاعدة»، بأيدي الجيش و»اللجان الشعببية».

الأخبار+ وكالات

آل سعود يستعيدون السيناريو السوري في اليمن
الموت يغطي وجه اليمن، يحجب الدم والجثث والركام نور الشمس عن البلد السعيد. تنازل اليمن عن سعادته حتى إشعار آخر، قرر التماهي مع الحزن الممزوج بغضب. فآل سعود حكموا بالموت على هذا الشعب.
أسلحة فتاكة ومحرمة دولياً رمتها السعودية على اليمن، اليورانيوم المستنفد وما ينشره من أمراض سرطانية تم استخدامه ضد المدنيين في صنعاء. القنابل العنقودية المحظورة، ألقتها على صعدة والقرى المحيطة. الصواريخ الفراغية والحارقة خصصتها لمصانع ومخازن الغذاء ومحطات الكهرباء والوقود.
حرب إبادة وتجويع بأبشع صورها ترسمها السعودية في اليمن، حتى في الحروب ثمة أخلاقيات نسفتها السعودية. محمد بن سلمان ولي ولي العهد يعمّد منصبه الجديد بدماء اليمنيين، يجيد على ما يبدو لعبة القتل باحتراف. برهن حتى الآن عن قدرات عالية في كل أنواع الإجرام الممكنة ضد الشعب اليمني.
على طريقة «داعش» يتصرفون، طبعاً لا عجب في هذا الإجرام، فـ«داعش» ليس سوى أحد إنتاجاتهم العظيمة في هذا القرن. عقل بدوي لا يفهم إلا لغة العصبية القبليّة، ولا يجيد إلا استعباداً وحروباً على شاكلة داحس والغبرباء. مستعدون لصرف احتياطاتهم المالية ــ وقد بدأوا في ذلك فعلاً ــ من أجل تركيع اليمنيين.
آل سعود لا ينظرون إلى اليمن إلا كحظيرة لهم، لا مجال لأن تخرج من تحت عباءتهم، ممنوع أن يحصلوا حتى على نصف استقلال.

هذا الزمن انتهى ولا عودة له، سواء أدركوا ذلك أو لا، هو قرار الشعب اليمني وليس «أنصار الله»، يستثني منه الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي وحزب الإصلاح ومتفرعات «القاعدة».
ماذا بقي للسعودية أن تفعله في اليمن في عدوانها؟ تدرك المملكة أن غاراتها استنفدت أقصى ما يمكن فعله ضد «أنصار الله» والجيش اليمني. لذا هي تريد استنزافهم بالغارات والصواريخ وبالمواجهة مع «القاعدة» وبعض أتباع عبد ربه منصور هادي، وتحويل الجنوب إلى أرض محروقة يتم ملء فراغها بـ«القاعدة» و«داعش» ومتفرعاتهما.

شيطنة اليمن أو بالأحرى «دعشنته»، هي ما تقوم به حالياً السعودية ويجري بشكل مكثف في البلاد.
قيادي في «أنصار الله» يؤكد لـ«الأخبار» إلقاء الحركة القبض أخيراً على مجموعات تكفيرية في صنعاء وغيرها من المدن تقوم بتجنيد الشباب وتدريبهم، فضلاً عن إلقاء القبض على عملاء للسعودية يعملون على رصد منازل وتحركات قادة الجيش و«أنصار الله» واللجان الشعبية والثورية.
وكشف القيادي أن التحقيقات معهم كشفت أنهم بصدد تنفيذ عمليات انتحارية واغتيالات في صنعاء بغية إحداث بلبلة في العاصمة. هؤلاء اعترفوا بأنهم تلقوا التمويل من جهات يمنية على علاقة مباشرة بالرياض.
نقل المشهد السوري بسيناريواته «الداعشية» هو المطلوب في اليمن اليوم، خلق فصائل متطرفة، إقامة مجموعات مسلحة، تأليف كتائب بتسميات مختلفة هو ما ترسم له السعودية التي لها باع طويل في هذا المجال. المشهد الذي نتحدث عنه بدأ يظهر في المكلا وشبوة، وعمليات إعدام الجنود المصورة ما هي إلا نموذج أولي للمخطط السعودي الجهنمي. يتناسب أيضاً مع المبادرة الخليجية وتقسيم اليمن إلى ستة أقاليم يتحول فيها كل إقليم إلى إمارة تتقاتل مع جارتها بتمويل من آل سعود.
تعي حركة «أنصار الله» جيداً ما تحيكه السعودية من مؤامرات لليمن، تريثها حتى الآن ليس لضعفها أو قلة حيلتها، فالحركة منذ اليوم الأول للعدوان كانت تدرك أن الجنوب هو نقطة التحول الاستراتيجية في هذه المعركة، صحيح أنها لم تحسم الأمور لصالحها وتقرّ بأن المواجهة فيه طويلة نسبياً، لكنها تعد ما حققته من تقدم على الأرض رغم الغارات العنيفة انتصاراً، أقله بمنعها إقامة «بنغازي 2» في عدن.
تعطي الحركة فسحة زمنية للخروج بحلول تناسب تطلعاتها. تتواصل مع سلطنة عمان وروسيا لإيجاد ما ينهي هذه الحرب، تقبل بالحوار تحت مظلة الأمم المتحدة، ترفض أي مشاركة للدول المعتدية عليها، وتحدد بداية الحوار من حيث انتهى المبعوث الأممي المستقيل، جمال بن عمر واتفاق السلم والشراكة وليس مع بداية المبعوث الأممي الجديد إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
يقول قيادي في «أنصار الله» لـ«الأخبار» إن «الحركة لا تهوى الحروب وتفضل الوصول إلى حلول سلمية، لكنها في الوقت نفسه تعد قواتها وعتادها بشكل دقيق ومدروس منذ أول أيام العدوان السعودي». يلفت القيادي إلى أن «الزمن بدأ يضيق، فالسعودية تمادت أكثر من اللازم في عدوانها، والصبر عليها صار مرتبطاً بمؤشرات سياسية لا بد أن تبرز خلال الأيام المقبلة». لم يحدد القيادي في الحركة هذه المؤشرات، لكن كلامه يوحي بأنه يربط الأمور باللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي باراك أوباما وقادة دول مجلس التعاون الخليجي الأسبوع المقبل.
يعطي مثلاً على الرد بالقول: إن ما قامت به قبيلة همدان بن زيد ومن بعدها بكيل المير من دخول إلى السعودية والسيطرة على مواقع عسكرية لم يكن بأمر منهم، وإنما بقرار مستقل من القبيلتين كرد على العدوان. يؤكد أن هاتين القبيلتين لا تملكان من الإمكانات العسكرية شيئاً يمكن مقارنته بما تحضر له الحركة للمعركة إن وقعت.
بغض النظر عن هذا الكلام، فإن السعودية وبعدما تخطى عدوانها الأسبوع السادس من دون أن تحقق أي شيء يذكر سوى المجازر، صارت تواجه سؤال العالم كله... إلى متى؟ تدرك المملكة أنها لا يمكن أن تستمر في غاراتها بهذا الشكل، لا بد لها من أن تحقق أي عمل ميداني تغطي به عدوانها. الإرباك بدأ يضرب قادتها، الملك سلمان والمحمدان نجله وبن نايف في موقف صعب، خارجياً وفي الداخل السعودي ولا سيما أمام باقي الأمراء المتربصين لهم. صالونات الأمراء تسرب الكثير من الشماتات بإخفاقات الملك ورجليه، والكلام لا ينتهي عن خلافات بين الأمراء حول طريقة قيادة الملك للمعركة. المشهد سيبرز أكثر مع قادم الأيام، عندما تتراجع السعودية أو تدخل في فوهة النار اليمنية.

مهند عبيد- الأخبار

حقائق وأرقام
تبلغ مساحة صعدة 11.375 كيلومتراً مربعاً، وتقع إلى الشمال الغربي من العاصمة صنعاء التي تبعد عنها حوالى 242 كلم. وبحسب آخر إحصاء أجري قبل نحو 20 عاماً، يبلغ عدد سكانها نصف مليون نسمة تقريباً، يمثلون 3.5% من سكان اليمن. تُعدّ صعدة التي تضم 15 مديرية إحدى أفقر المحافظات اليمنية التي يعتمد سكانها على الزراعة كموردٍ أساسي عزّزته الحروب والحصارات السابقة. ورغم ذلك، تشهد صعدة اليوم العدوان السابع عليها، بعد حروبٍ ستّ خاضها النظام اليمني بدعمٍ سعودي ضد جماعة «أنصار الله»، الموجودة تاريخياً في المحافظة الشمالية، التي ظلّت مركزاً لدولة الإمامة في اليمن (898 ـ 1962)، حتى سقوطها وقيام الجمهورية اليمنية.

جغرافياً، تُعدّ صعدة نقطة وصلٍ بين اليمن وأراضي نجد والحجاز، وهي تقع مقابل محافظة نجران على الحدود. ويتخذ العدوان السعودي من هذا الواقع الجغرافي ومن الهجمات الأخيرة على مواقع داخل السعودية ذريعةً لتهديد المحافظة وأهاليها وقصفها بصورةٍ هستيرية، إلا أن العمليات العسكرية التي بدأت يوم 26 آذار الماضي، ركّزت بصورةٍ كبيرة على صعدة، أي قبل بدء عمليات توغل الجيش اليمني والقبائل في المناطق الحدودية السعودية، في وقتٍ تبيّن فيه الوقائع بالتسلسل الزمني للحرب، أن عمليات الجيش والقبائل جاءت للردّ على قصف المناطق اليمنية القريبة من الحدود، وخصوصاً الواقعة في صعدة، لا العكس.
وكانت «أنصار الله» التي تمثل صعدة مهد انطلاقتها، وتصوَّر إعلامياً على أنها معقلها (فيما أصبحت الجماعة موجودة على امتداد المحافظات اليمنية)، قد تمكنت عام 2009 من السيطرة على جبل الدخان في منطقة جازان داخل السعودية التي كانت تسمح للقوات اليمنية باستخدام أراضيها قاعدةً لعملياته ضد الجماعة. وكان نظام علي عبد الله صالح قد اعتقل عام 2004 القائد حسين الحوثي بتهمة إنشاء تنظيم مسلح داخل البلاد، فيما اتهم الجماعة بـ«السعي إلى إعادة الإمامة الزيدية وإسقاط الجمهورية اليمنية».


المصدر: (الأخبار)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...