«موسـيقى غـير إنسـانية» فـي برلـين: سمفونيات تعزفها الآلات.. والحيوانات
«موسيقى غير إنسانية»، هو عنوان مهرجان «بيت ثقافات العالم» الذي أقيم في برلين، الأسبوع الماضي، وعرضت خلاله أشكال مختلفة من الموسيقى التي يغيب أو يتضاءل فيها دور العنصر البشري، وتتولى المهمة بدلاً من ذلك الروبوتات، أو تستوحى الموسيقى من عالم الحيوان، وبمشاركتها أيضاً.
ليس غريباً أن يظهر هذا النوع من الإبداعات الموسيقية في العاصمة الألمانية برلين، فهي تمثّل مركزاً للموسيقى التجريبية الإبداعية. فقد نشأت فيها مواهب موسيقية فذة، سواء من ناحية التقنيات الإبداعية، أو موسيقى الجاز الحر، والبوب، وغيرها. في المقابل، ما تمّ عرضه مؤخراً يختلف ويتميز عما سبق، وهو ما أطلق عليه عنوان «الموسيقى غير الإنسانية».
واعتبر ديتليف ديدريشزن، وهو أحد المنظمين، أنّ هدف المهرجان يتمثل في حثّ الزوار على التفكير في الإنسان نفسه: «من هو؟ وما هي حدود قدراته؟ من أين جاء وإلى أين يذهب؟». وتهدف الفكرة، وفقاً له، إلى التنحي جانباً والنظر إلى الجانب الإنساني بعيون مختلفة.
وأضاف «لذلك جاء التفكير في الموسيقى لتحقيق هذا الهدف باعتبارها أكثر قرباً من الإنسان»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه «من خلال ذلك يمكن تكوين صورة جديدة عن الجنس البشري، وتصوّر ما يمكن أن يقوم به».
وبحسب ديدريشزن، فقد جذب المهرجان الشباب بصفة خاصة، لافتاً إلى أنّ الزوار يذهبون من خلاله في رحلة إلى عالم جديد ومثير من الموسيقى. وتابع «ربما أثار المهرجان أسئلة أكثر مما قدم إجابات»، موضحاً أنّ «الأهم هو أن الناس يتخلون عن الاعتقاد بأنّ الموسيقى التي تعزفها الآلات الميكانيكية هي تشويه للموسيقى الأصليّة، كما هو الحال مثلاً مع موسيقى يوهان سباستيان باخ، التي يعتبرها البعض مقدسة ولا يقبل أن تعزفها آله ميكانيكية».
ويعرب ديدريشزن عن أمله بأن يفكر زوار المهرجان بعمق حول الإنسانية والغرور الإنساني، مشيراً إلى أنه ستقام خلال هذا العام أيضاً فعاليتان في «بيت ثقافات العالم»، تتمحوران حول «الموسيقى الشريرة»، و«الموسيقى الغبية»!
وفي إطار فعاليات المهرجان، قدّم الموسيقي الأميركي دافيد روثنبيرغ نوعاً آخر من الموسيقى في ألبومه «بوغز»، مستخدماً آلات نفخ خشبية، وأزيز الحشرات في عزف سمفونيته الموسيقية.
وأوضح روثنبيرغ أنه يحب الموسيقى المستوحاة من الطبيعة ومن عالم الحيوان، مضيفاً «من السهل تقنياً تسجيل الأصوات المصاحبة (للموسيقى)، لكنّ التحدي هو عندما يكون العزف بمصاحبة مخلوقات حيّة». وفي السياق، أبدى روثينبيرغ اعتقاده بأن «الحيوانات تعزف كل أنواع الموسيقى. وفي الطبيعة يجد المرء عناصر موسيقية أكثر مما هو موجود في اللغة».
وأشار في حديثه إلى أنّ «العزف يكون أصعب مثلاً بمرافقة أصوات جمل البحر، أو ما يعرف بالحوت الأحدب، فهذه الحيتان تغني بنغمات معقدة وطويلة»، لافتاً إلى أنه يستطيع في بعض الأحيان أن يوفّق بين أصواتها وبين عزفه، لكن الصعوبة تكمن في خلق الانسجام في ما بينها.
هذه الطرق المختلفة من العزف الموسيقي عرضها أيضاً في المهرجان المتخصص في مجال الموسيقى الإلكترونية أندرو بيكلر. وتتلخص فكرة بيكلر بأنها تقوم على أساس الطلب المسبق، من خلال الضغط على رقم معيّن في جهاز خاص، يشبه جهاز الهاتف المحمول، وبالتالي يقوم الجهاز بالاتصال بالآلات التي تقوم تلقائياً بعزف الموسيقى.
(دويتشه فيلليه)
إضافة تعليق جديد