شغب : نبيل صالح

03-09-2022

ماهي مقومات الهوية السورية ؟

سورية المتخيلة وطنياً اليوم غير سورية التاريخية التي شكلها الغزاة والتجار والحجاج، فتاريخ السلالات التي تدفقت فوق تضاريسها يفرقنا ويقسمنا ويؤخر دولة المواطنة والمساواة التي أرادها آباؤنا بعد الاستقلال. فقد رسم المحتلون حدود سورية عبر تاريخها الطويل بحيث امتدت إلى فارس أيام الملك كورش، وإلى الهند أيام الإسكندر المقدوني، واتصلت بإرمينيا أيام الملك ديغران الكبير، مثلما اتصلت بروما أيام البيزنطيين، وبنجد والحجاز ومصر وشمال أفريقيا أيام الأمويين، وبالأناضول أيام العثمانيين... وهكذا كانت سورية الجغرافية تتمدد وتتقلص منذ عشرة آلاف عام حتى يومنا هذا بحسب سطوة حكامها وقوة جيوشهم وليس بحسب قوميتها أو دينها كما يزعم الإسلاميون والقوميون،
28-08-2022

الحمار الإلكتروني

عندما يحرن حمار الفلاح ولا يرضى أن يمشي خلفه إلى الطاحون يمد له باقة حشيش فيتبعه، وكلما حرن يعطيه قضمة من الباقة فيتبعه حتى يصل الحمار بحمله إلى الطاحون ومازال جائعاً: هكذا يعمل عقل مدمني وسائل التواصل الاجتماعي على معالف الإثارة الإلكترونية، إذ يشعرون بفراغ أكبر وجوع أكثر بعد كل قضمة منها، حيث يمضغ المتصفح خبيصة متنافرة من البوستات الغث فيها أكثر من الثمين والشاذ أو الكاذب أكثر من الصحيح، ذلك أن حجم الفراغ والملل عند الفرد يحددهما زمن تواجده على منصات التواصل، سوى أولئك الذين يديرون المنصات ويجمعون مالهم من مستهلكيها، كالسوبر ماركت: تدخل إليها لتأخذ غرضاً تريده وتخرج منها محملاً بأشياء لم تكن تريدها…
21-08-2022

بقر الرب وفئرانه

تزول الإمبراطوريات ولا يبقى منها سوى ثقافتها ولغتها، وبالتالي فإن اللغة والثقافة هما ما يميز أمة عن أخرى، إذ لا يمكن لأي فرد أن يزعم أنه من عرق صاف بعدما أظهرت اختبارات البصمة الوراثية اختلاط الأعراق، وفي سورية قلب العالم القديم يمكننا أن نحصي في الحمض النووي للمواطن السوري الكثير من السلالات المختلطة، إذ حكم الحثيون بلادنا والمصريون وشعوب البحر والآشوريون واليهود والبابليون والفرس والأنباط والأرمن والهيلينيون والبيزنطينيون والمسلمون العرب والصليبيون والسلاجقة والطولونيون والإخشيديون والزنكيون والأيوبيون فالمماليك فالمغول والعثمانيون، حيث اختلطت شيفرتنا بشيفرة المحتلين، واحتضن الرحم السوري عدداً كبيرا من حيوانات الأمم المنوية على مر القرون،
14-08-2022

ما أنا بقارئ!

لايبقى من المرء بعد موته سوى كلماته الجيدة، لذلك فإن الشعراء والكتّاب والمفكرين هم الأكثر هوساً بالخلود بيننا. ففي البدء كان الكلمة، ولايمكننا معرفة الله من دون الكلمة، لهذا أوصى عباده المؤمنين بالقراءة، غير أن القراءة قبل اختراع الكتابة لم تكن تعني ما تعنيه بعدها، فأن تقرأ الطبيعة أو الناس يعني أن تستكشف باطنهم، وعندما أمر الربُّ عبده ورسوله الأمي محمدا بالقراءة لم يكن يقصد تفكيك الحروف والكلمات المكتوبة في بلاد لا كتب ولا مكتبات فيها؛ إذ أن الخط والنحو العربي لم يكتملا حتى القرن الهجري الثاني وكانت الثقافة العربية شفوية، ولعل الربَّ كان يقصد قراءة معجزاته في الأرض من أجل فهم أفضل للحياة ..
07-08-2022

انتبه أيها المغفل

"ماأغبى هذا العالم وما أغباني": جملة صدَّرتُ بها كتابي الأدبيَّ الأولَ الذي أجاز نصوصَهُ نخبةٌ من الأدباء العرب، وطوَّبوني كاتبا قبل ثلاثين عاماً، ورأيتُ وقتها أنني لست الأذكى، وإنما الأقل غباءً بين الكتاب المتنافسين على جائزة الإبداع العربي في القاهرة، وذلك في جواب لي على سؤال محررة جريدة "الجمهورية" المصرية آنذاك. وقد اشتريتُ بقيمة الجائزة بقرةً هولنديةً بيضاءَ وسوداءَ لم تسرَّ سيرتُها الساخرةُ المسؤولين عندنا، حيث كتبتُ باسمها بعضاً من سيرة الوطن بعد الاستقلال تحت عنوان "يوميات الآنسة عدلا"، قبل أن أقدِّمَ لها طلبَ انتساب إلى اتحاد الكتاب العرب، رشَّحها ثلاثةٌ من أعضائه في حادثة شهيرة كتبتْ عنها الصُّحُفُ آنذاك واختلفَ الناسُ حولها كما اختلف بنو إسرائيل في سورة البقرة...
29-05-2022

تنافس حكومي على جيوب المواطن

خلال هذا الشهر تراجع ترتيب وزارة التجارة الداخلية في نسبة عدائها للمواطن السوري إلى المستوى الثالث، بينما حلت إدارة الهجرة والجوازات في المركز الثاني، ليتم تتويج وزارة الإتصالات بالمركز الأول بعد إقرار قانون الجرائم الإلكترونية ورفع أسعار خدمة الإتصالات : قيصر من ورائكم وحكومة عرنوس من أمامكم.. ليبقى السؤال: ماذا تتوقعون من مفاجآت التنافس الحكومي على تطويقنا وتطويعنا خلال الشهر القادم ؟
18-05-2022

أهالي "ميس الريم" يستقبلون قانون الجرائم الإلكترونية والوفد المرافق له

انتهى زمن الشيوعيين والرأسماليين والبيروقراطيين والإسلاميين وجاء زمن التكنوقراطيين الذين يريدون برمجة البشر والسيطرة على العالم تحت غطاء الأمم المتحدة، ولهذا فإنهم يجهزون لبنية قانونية موحدة تنظم مجتمع المعلوماتية في العالم وتجعله خاضعا لهم! ونحن لسنا بعيدين عن ذلك، حيث يدفع جماعة التكنوقراط الدولة السورية نحو ذلك، بدءا من النظام الإداري الجديد الذي تعمل عليه وزارة التنمية الإدارية وصولا إلى قانون الجرائم الإلكترونية الذي دخل صباح اليوم حيز التنفيذ. فمنذ سنة 2007 إلى اليوم والحكومات المتعاقبة تراكم تعديلاتها على قانون الجرائم الإلكترونية بما يقيد حرية التعبير بزعم حماية المجتمع من نفسه.
14-04-2022

جمركة الكلام

شركات الخليوي تبيعنا للمعلنين من دون موافقتنا، وهذا بعض من بنية الإستبداد التي ورثناها كجمهوريين عن خلافة العثمانيين منذ ماقبل الإستقلال.. ففي كل كل قرار حكومي هناك بقايا استبداد تحتقر خصوصية المواطن وتنتقص من حقوقه وحريته.. وهذا راسخ في بنية الحزب والجبهة الوطنية التي ليست على الجبهة .. كل شيء في عالمنا مختلط بنقيضه، وعندما يجتمع الحزبي العلماني مع السلفي المسيحي والإسلامي فهذا يعني أن الأقوياء قد اجتمعوا على الضعفاء، لأن دولة الأثرياء لاتكتمل من دون استغلال أصوات الفقراء وأمعائهم ..ويبقى السؤال: لوكانت الخليوية شركات استعمارية هل كأنت لتجرؤ على استغلالنا من دون اعتبار لحقوق المستهلكين ؟
29-03-2022

أسواق تفترس زبائنها

غابة من الأسواق المتوحشة، هكذا أصبحت مدن سورية اليوم: يخرج الكائن من جحره لكي يحصل على قوته فيعضه البقال والخباز والطبيب والحلاق وتجار السوق السوداء؛ يذهب إلى مؤسسات الدولة فينهشه موظفوها، يعود مذعورا إلى بيته فتنشل زوجته وأولاده وأهله ماتبقى من قوته وماله ليغدو هيكلا على العظم ! وإذا فكر بالفرار فإن أولاد الحكومة سوف يسلبونه على الحواجز والحدود وقبلها عند بائعي جوازات السفر.. هذه الأسواق المتوحشة التي تستثمرها الثعالب بإدارة الضباع وإشراف الذئاب جعلتنا كعصف مأكول في مهب المآسي والمنون، دون أن يتساءل المفترسون: إذا اختفت قطعان المستهلكين ماذا سيحل بأصحاب السوق وهل سيستمر وجود المدينة ؟!
17-03-2022

في عيد المعلمين

ولا عزاء للمعلمين، جائعين مذلين مهانين، ولا أحد يقدم لهم سوى الكلمات المنمقة في عيدهم البائس.. حتى طلابهم الذين يتسنمون كراسي السلطة مازالوا يمتنعون عن إعطائهم مايستحقون .. فالمعلم في بلادي شهيد حي وجندي مجهول يعيش على الهامش ويطويه النسيان بالتعاون مع الأمراض المزمنة التي لاتميته ولا تسمح له بأن يعيش .. كان والدي يريدني مدرسا ورب أسرة، وقد جربت ان أكون كذلك عندما درست دبلوم التربية حيث اكتشفت ان التدريس مهنة شاقة وأن المدرس أضحية في مجتمع سلفي يرفض التجدد فاخترت طريقا آخر ..غير أن اكثر مايدهشني هو طابور الخريجين المنتظرين لمسابقات وزارة التربية كي يمارسوا المهنة ويعيشوا حياة بائسة لايستحقونها..كونوا ذئابا في مجتمع لا يعرف قيمة المعرفة التي تصنع القوة. فمن لا يكون ذئبا ستعضه الكلاب..