هجرة معاكسة للاجئين من تركيا إلى سورياواتهامات للموساد ورقابة على أخبار الريحانية
تعرض رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان للانتقاد من جانب المعارضة لعدم زيارته منطقة الريحانية التي شهدت تفجيرين دمويين السبت الماضي، أفضيا إلى أكثر من 50 قتيلا وعشرات الجرحى بعضهم لا يزال في حال الخطر الشديد.
لكن اردوغان رد قائلا انه سيزورها بعد عودته من الولايات المتحدة، التي سيزورها غدا الخميس للاجتماع بالرئيس الأميركي باراك أوباما. وانتقد اردوغان المعارضة قائلا انها فرحت بعد حصول التفجيرين في الريحانية، معتبرا ان تركيا لن تقع في الفخ الذي يراد أن ينصب لها، داعيا الى التصرف بعقلانية.
ورد اردوغان، في كلمة أمام نواب كتلة «حزب العدالة والتنمية» على اتهامات المعارضة له، قائلا انه لم يقطع التواصل مع النظام السوري إلا بعد يأسه من جدوى المفاوضات. وأضاف «يراد لتركيا الفتنة عندما يحملون اللاجئين أو الجيش السوري الحر مسؤولية التفجيرات في الريحانية». وتابع «لن نسكت على الظلم في أي مكان، وستكون تركيا حاضرة دائما».
وفي اجتماع كتلة نواب «حزب الشعب الجمهوري» قال زعيم الحزب كمال كيليتشدار اوغلو إن اردوغان ووزير الخارجية احمد داود اوغلو يعملان لمصالح الغرب والولايات المتحدة لذا تتعرض تركيا للأذى. وأضاف إن «الرجلين دمى بيد أميركا، وهما يتحملان مسؤولية التفجيرات في الريحانية. وما داما على مقاعد السلطة فلن تعرف تركيا الاستقرار والأمن»، موضحا انه «لا حدود بين تركيا وسوريا، بعدما حوّلتها الحكومة إلى ممر للجيش السوري الحر الذي يعلن عن وجود قيادته في تركيا علنا فيما تنفي الحكومة التركية ذلك. لقد حوّل اردوغان تركيا إلى بقاع لبناني آخر».
في هذا الوقت نفى زعيم منظمة «حزب التحرير الشعبي التركي ـ الجبهة ـ المستعجلون» ميراتش أورال اتهامات الحكومة التركية بأن منظمته تقف خلف تفجيري الريحانية. وقال أورال، في حوار مع صحيفة «جمهورييت»، إن «اعتداء الريحانية دنيء وغير انساني، وهو يهدف الى تعديل موازين القوى. وفقط يمكن لإسرائيل ورجب طيب اردوغان ان يقوما به». وأوضح انه «لا نشاط لمنظمته منذ 30 عاما، ولم تقم بأي عمل في تركيا»، معتبرا ان انقرة تريد توظيفه أداة لاتهام سوريا.
الجدير ذكره أن أورال يتواجد في سوريا منذ 33 عاما، وهو مستعد للعودة إلى تركيا في حال توفرت محاكمة عادلة له. وقال انه «يناضل ليس من أجل النظام في سوريا بل ضد القوى الاستعمارية في المنطقة».
ونقل النائب عن «حزب السلام والديموقراطية» الكردي ارطغرل كوركتشي، بعد زيارة إلى منطقة هاتاي والريحانية، ان «السكان هناك يوجهون أصابع الاتهام إلى الجيش السوري الحر كمسؤول عن تفجيري الريحانية»، مضيفا إن «تفجيري الريحانية سببهما سياسات الحكومة».
في هذا الوقت، شهدت بلدة الريحانية، التي يقارب عدد سكانها 25 ألفا ومع قضائها 80 ألفا، أحداثا خطيرة حيث شن مواطنون أتراك اعتداءات على الأماكن التي يسكنها لاجئون سوريون في البلدة والقضاء. ويقدر عدد اللاجئين السوريين في القضاء بحوالي 70 ألف لاجئ.
وتنقل مراسلة صحيفة «حرييت» من البلدة أن المئات من الأتراك تعرضوا للسوريين واحرقوا العلم التركي، واتهموا الحكومة بالتقصير ودعوا اردوغان للاستقالة. كذلك دعا السكان إلى إغلاق معسكر «آبادين» القريب من الريحانية والذي يعتبر المكان الرئيسي لقيادة «الجيش السوري الحر» والذي لا يسمح بدخوله لأحد إلا بموجب إذن مسبق.
وذكرت الصحيفة أن أصحاب المهن كانوا الأكثر غضبا، وقد اضطر السوريون للهرب والعودة بسيارات مع أغراضهم إلى سوريا، لكن إغلاق معبر جيلفيغوزي أبقى السوريين عند المعبر في ظلال شاحنات النقل الخارجي في ظروف مناخية صعبة نتيجة تساقط الأمطار والبرد. وقال احد اللاجئين للصحيفة، وهو من الذين فقدوا نصف عائلته، «حتى لو كنت أعرف أنني سأموت في سوريا فإنني أريد العودة إلى بلادي ولن أبقى هنا».
في هذا الوقت، استغربت كتابات في صحف متعددة، منها «ميللييت»، سرعة استنتاج الحكومة التركية بأن سوريا وراء التفجيرات، ولم يكن مضى ساعتان على الانفجار. وذكّرت الصحيفة إن «جمعية حقوق الإنسان» التركية كانت أجرت قبل شهرين دراسة ميدانية حذّرت فيها من الدور المتزايد للموساد الإسرائيلي في الريحانية وإقليم الاسكندرون، خصوصا أن هناك مكتبا أيضا للاستخبارات الأميركية في الريحانية.
ونقلت الجمعية عن النائب عن «الشعب الجمهوري» رفيق ايريلماز قوله إن «المجموعات المسلحة المتشددة المعارضة السورية تتحرك في تركيا بتوجيهات من الموساد، وان السكان قلقون من تعرض بلدتهم لتفجيرات تعد لها أجهزة الاستخبارات الخارجية».
على صعيد متصل، بتفجيري الريحانية فرضت الحكومة التركية رقابة على الأخبار المتعلقة بالحادثة ومنعت نشر أي خبر يتصل بالتحقيقات والتقديرات حول الضحايا، بعدما شاعت أنباء عن مقتل عدد أكبر بكثير من العدد المعلن منعا لتفاقم السخط ضد الحكومة. ولاحظت بعض الصحف أن الحكومة لم تعلن الحداد الوطني على الضحايا في محاولة لعدم تضخيمها وما ينتج عن ذلك من ردود سلبية ضد الحكومة.
إلى ذلك، أعربت دمشق، على لسان وزير الاعلام عمران الزعبي، استعدادها للقيام بتحقيق مشترك مع أنقرة حول تفجيري الريحانية، وهو ما سارع اردوغان الى رفضه.
ودانت الحكومة السورية، في بيان، «التفجيرات الإرهابية التي طالت المدنيين في منطقة الريحانية بتركيا». واعتبرت أن «مثل هذه الجرائم البشعة هي نتيجة مباشرة لانتشار ظاهرة الإرهاب في المنطقة، وتستهدف الإساءة المباشرة للعلاقات بين الشعبين السوري والتركي».
محمد نور الدين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد