مرسي يعزّز الارتباك السياسي: الطعن في حكم وقف الانتخابات
لم يخيب الرئيس المصري محمد مرسي سوء ظنّ معارضيه. فبعد أيام من تصريح رئاسة الجمهورية باحترام حكم القضاء الإداري بوقف دعوة رئيس الجمهورية المواطنين الى انتخابات مجلس النواب، التف مرسي، أمس، على الحكم وأعطى الضوء الأخضر لهيئة قضايا الدولة للطعن في الحكم، في خطوة من شأنها أن تعيد الارتباك والجدل الى الساحة السياسية.
وقدّم نائب رئيس هيئة قضايا الدولة الطعن أمس على حكم القضاء الإداري نيابة عن رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الشورى ووزير العدل.
وجاء الطعن في 14 صفحة، وكان أهم ما استند إليه أن الحكم بوقف الانتخابات جاء متجاوزاً حدود الرقابة المخوّلة للقضاء الإداري، مؤكداً أن قرار رئيس الجمهورية بالدعوة إلى إجراء الانتخابات صدر بوصف الرئيس سلطة حكم وليس إدارة. وحاول الطعن نفي ما ارتكز عليه حكم القضاء الإداري بأن الدستور الجديد أخرج الدعوة للانتخابات من الأعمال السيادية باعتماده النظام المختلط (رئاسي وبرلماني)، عندما أشار الطاعن الى أن طبيعة قرار دعوة الناخبين، باعتباره من أعمال السيادة، لا تتغيّر باختلاف نظام الحكم، بل تظل قائمة سواء كان صدوره في ظل الدستور القديم (النظام الرئاسي) أو في ظل الدستور الجديد القائم.
وقبل تحريك هيئة قضايا الدولة الطعن عقد المستشار القانوني لرئيس الجمهورية محمد فؤاد جاد الله سلسلة اجتماعات مع عدد من القانونيين لدراسة كيفية تقديم الطعن من دون الوقوع في أخطاء قانونية أو إثارة الرأي العام.
وقالت مصادر في مؤسسة الرئاسة إن اجتماعاً ضمّ الرئيس مرسي وجاد الله وعدداً من أساتذة القانون الدستوري وأعضاء في اللجنة القانونية في «حزب الحرية والعدالة»، عقد، مساء أمس الأول، في منزل الرئيس في التجمع الخامس، لدراسة طعن الهيــئة المعد منذ ثلاثة أيام.
وأشارت المصادر إلى أن جاد الله، الذي كان يعمل في مجلس الدولة، اتصل برئيس هيئة قضايا الدولة، وأجريا تعديلاً لفقرتين في الطعن تمهيداً لتقديمه.
وقالت مصادر قضائية في المحكمة الإدارية العليا إن حكم القضاء الإداري القاضي بوقف دعوة الناخبين تمّت كتابته بحرفية شديدة، حيث تمّ تقسيمه إلى جزءين، أولهما قضائي يتمثل في وقف الانتخابات بمراحلها كافة، وهو شق قابل للطعن به أمام دائرة فحص الطعون في المحكمة الإدارية العليا وقد تمّ تكييف هذا الجزء من الحكم بموجب نصوص الدستور الجديد التي يبدو أن واضعيها تناسوها، إلى جانب شق إداري يتمثل في قرار المحكمة الإدارية بإحالة القانون رقم 2 لسنة 2013 الخاص بانتخابات مجلس النواب إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستوريته، وهو القرار الذي لن يفلح أي طعن قضائي في التصدّي له، لأن الأعراف القضائية المستقر عليها وأحكام المحكمة الدستورية العليا الواجبة النفاذ تنص على أنه متى اتصل علم المحكمة الدستورية العليا بأي قضية فلا يحق لأي جهة قضائية مهما كانت أن تباشر نظر الدعوى أو أن تبدي رأياً فيها.
وعندما قدمت هيئة قضايا الدولة الطعن حدثت بلبلة شديدة لأن الرئاسة خرجت بتصريحات تنفي تقدمها بأي طعن، وهي ذات التصريحات التي اطلقتها اللجنة العليا للانتخابات التي أكدت أنها ليست جهة طعن بل جهة تنفيذية.
ـأما الجهة الثالثة التي تنصلت من الطعن فكانت مجلس الشورى، إلا أن المستشار في هيئة قضايا الدولة محمد طه أكد أن هيئة القضايا تقدمت بالطعن ممثلة عن رئيس الجمهورية ووزير العدل ومجلس الشورى. وأوضح أن الرئاسة والحكومة، ممثلتان فى وزارة العدل، ومجلس الشورى، هي الجهات الثلاث التي صدر ضدها حكم الدرجة الأولى، مشيراً إلى أن تقديم الطعن جاء بناء على طلب من رئيس مجلس الشورى الدكتور أحمد فهمي، حيث أرسل إلى الرئاسة والحكومة طلباً لتقوم الهيئة بالطعن ممثلة عن رئيس الجمهورية ومجلس الشورى ووزير العدل.
بدوره قال عضو المحكمة الدستورية العليا عدلي فهمي في تصريحات إن الطعن على حكم القضاء الإداري أمام المحكمة الإدارية العليا لا يلغي إحالة القانون إلى المحكمة الدستورية العليا، لكنه يمكن أن يلغي قرار وقف الانتخابات، موضحاً أنه في حال ألغت المحكمة الإدارية العليا قرار محكمة القضاء الإداري بوقف الانتخابات، فإنه سيتمّ السير من جديد في الإجراءات الانتخابية، ولكن ذلك لا يلغي إحالة القانون إلى المحكمة الدستورية، مؤكداً أنه بمجرد صدور الحـــكم بالإحالة إلى المحكمة الدستورية فإنها تدخل في حوزة المحكمة وتخرج من يد أي جهة باستثناء المحكمة الدستورية.
من جهته، قال عضو «جبهة الإنقاذ الوطني» وحيد عبد المجيد إن هذا الطعن ليس مفاجئاً بل كان متوقعاً برغم إعلان مؤسسة الرئاسة من قبل أنها لن تطعن، مشيراً إلى أن النمط السابق للرئاسة في التعامل مع الأمور في الأشهر الماضية يظهر عدم الالتزام بما يصدر عنها من مواقف ووعود.
واشار إلى ان استمرار هذا التراجع يدمّر مصداقية مؤسسة الرئاسة، ويؤدي إلى مزيد من الاحتقان والغضب يتحمّل مسؤوليتهما الرئيس وجماعته. ولفت إلى أنه من المحتمل أن يكون هذا التراجع في الموقف جاء بعد ضغط من جماعة «الإخوان المسلمين» على الرئيس محمد مرسي، موضحاً «بدا واضحاً للجميع أن الرئيس ومؤسسته ليست لهما الكلمة الأخيرة في القرارات التي تصدر عنهم، وأن مكتب ارشاد الجماعة هو صاحب الكلمة؛ وهذا دلت عليه شواهد كثيرة».
على جانب آخر، شهد اجتماع اللجنة التشريعية والدستورية في مجلس الشورى، أمس، مشادات بين أعضاء «حزب الحرية والعدالة» وممثلي «حزب النور» السلفي و«حزب الوفد» الليبرالي أثناء مناقشة مشروع قانون الانتخابات الجديد المقدّم من محمد طوسون رئيس اللجنة وعضو جماعة «الإخوان»، ما اضطر الأخير إلى رفع جلسة اللجنة، ليقرّر عقدها بعد نصف ســــاعة، بعدما فاجأ المستشار عمر الشريف، مســـاعد وزير العدل للشؤون القانونية، الجــميع بإعلان رفضه لمشروع القانون.
وقال إن الحكومة لم تجد الوقت الكافي للإطلاع على هذا القانون، خصوصاً في ما يتعلق بالأساس الذي تمّ عليه وضع تقسيم جديد للدوائر.
وعقب رفع الجلسة سادت حالة من الغضب بين نواب المجلس المعارضين لـ«الإخوان» بعدما فوجئوا بالطعن المقدم من مجلس الشورى على حكم وقف الانتخابات.
وقال رئيس الهيئة العليا لـ«حزب النور» عبدالله بدران إن هذا تصرف لا يليق بمجلس تشريعي يعمل رئيسه من خلف أعـــضائه إرضاءً لجماعة من دون أي اعتبار لبقية فئات المجتمع.
محمد فوزي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد