استنساخ عربي لكارثة ليبيا: «ائتلاف الخونة» ممثل شرعي للسوريين

بدأ وزراء الخارجية العرب، أمس، استنساخ التجربة الليبية في محاولة لتكرارها في سوريا، عبر اعترافهم بـ«الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ممثلا شرعيا ومحاورا أساسيا مع جامعة الدول العربية»، مطالبين «المنظمات الإقليمية والدولية بالاعتراف به ممثلا شرعيا لتطلعات الشعب السوري»، مكررين ذهابهم إلى مجلس الأمن الدولي لإصدار قرار تحت البند السابع لوقف إطلاق النار، وهو ما تحفظت عليه الجزائر والعراق.
ويأتي ذلك بعد بلبلة داخل الاجتماع، حيث حاول رئيس الحكومة وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني إجلاس وفد المعارضة في مقعد دولة سوريا خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، لكنه جوبه بتحفظ عدد من الدول العربية، قبل أن ينجح بإدخال الوفد، بحجة أنه اجتماع للجنة الوزارية العربية الخاصة بسوريا.
وترجم لبنان سياسة النأي بالنفس، المتفاهم عليها حكومياً، بعدم وضع توقيعه على مقررات الاجتماع الوزاري العربي في الشأن السوري، خاصة أن وزير خارجية لبنان عدنان منصور، تولى رئاسة هذا الاجتماع، على أن يترأس اليوم الاجتماع الوزاري العربي - الأوروبي الذي سيشارك فيه ممثلون لكل دول الاتحاد الأوروبي وتشارك بترؤس أعماله وزيرة خارجية قبرص ايراتو كوزاكو ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون.
وبينما كان قد أعلن رسميا عن تأجيل اجتماع اللجنة الوزارية العربية المعنية بالملف السوري (كان موعده في الثالثة من بعد ظهر أمس)، فوجئ المشاركون في أعمال الاجتماع الوزاري العربي عند الخامسة عصراً، بدخول وزير خارجية قطر حمد بن جاسم آل ثاني وإعلانه أنه سيترأس هو الاجتماع وليس منصور، على أساس أنه اجتماع اللجنة الوزارية الخاصة بسوريا، فما كان من لبنان إلا أن غادر قاعة الاجتماعات في مقر الجامعة بالقاهرة، كونه ليس عضواً في اللجنة المذكورة. وشدد منصور في ختام الاجتماع على أن «حل الأزمة السورية يأتي من الداخل السوري وليس من الخارج».
وبالفعل استُدعي المبعوث العربي والدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي ورئيس «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» أحمد معاذ الخطيب ورئيس المجلس الوطني السوري جورج صبرا. وقدم الموفد الدولي والعربي مداخلة حذر فيها من أن الوضع في سوريا شبيه بوضع الصومال. ثم تحدث كل من صبرا والخطيب.
وكان رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي قد تمسك بسياسة «النأي بالنفس» التي تعتمدها الحكومة، والامتناع عن التدخل في أي أمر يتعلق بسوريا.
كلام ميقاتي جاء في اتصال هاتفي تلقاه من منصور، قبيل توجهه إلى القاهرة أمس، للمشاركة في اجتماع الوزراء العرب. وخلال الاتصال، أكّد ميقاتي أن «الموقف اللبناني من أي أمر يتعلق بسوريا في خلال الاجتماع يتحدد على مستويين: الأول هو اتباع نظام الجامعة العربية، لجهة تنفيذ القرارات الصادرة عنها، بصفة لبنان رئيسا لمجلس وزراء الخارجية العرب. أما على المستوى الثاني فإن لبنان سيبقى متمسكا بسياسة النأي بالنفس والامتناع عن التدخل في أي أمر يتعلق بسوريا، أيا يكن مشروع القرار المقترح على مستوى اجتماعات وزراء الخارجية».
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن مصادر ديبلوماســية عربيــة، في القاهرة، قولها إن حمد ضغــط من أجل إجلاس وفد المعارضة السورية في مقعد سوريا خلال اجتماع وزراء الخارجــية العرب، لكنه جوبه بتحفظ عدد من الدول العربية.
وقالت المصادر إن «عددا من الدول العربية أبدت تحفظا على حضور وفد المعارضة السورية اجتماع مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري»، مضيفة أن «عددا من الدول العربية تحفظ أيضا على حضور وفد المعارضة السورية لأعمال اللجنة الوزارية العربية المعنية بسوريا، ما دفع اللجنة إلى عقد اجتماعها في مكان آخر (القاعة الكبرى للجامعة العربية)، بحضور عدد كبير من الدول العربية غير الأعضاء باللجنة».

ورحب البيان الختامي لوزراء الخارجية العرب «بالاتفاق الذي توصلت إليه أطياف المعارضة السورية في الدوحة، برعاية أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني وتشكيل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، والذي جاء استكمالا لمؤتمر المعارضة السورية بالقــاهرة في 2 و3 تموز الماضي تحت رعاية الجامعة العربية».
ودعا «باقي تيارات المعارضة للانضمام إلى هذا الائتلاف الوطني حتى يكون جامعا لكل أطياف الشعب السوري من دون استثناء أو تفرقة، وحث المنظمات الإقليمية والدولية على الاعتراف به ممثلا شرعيا لتطلعات الشعب السوري، وتوثيق التواصل مع هذا الائتلاف السوري للمعارضة باعتباره الممثل الشرعي والمحاور الأساسي مع جامعة الدول العربية». كما دعا إلى «تقديم الدعم السياسي والمادي لهذا الكيان الجامع للمعارضة».
وأكد البيان «ضرورة مواصلة الجهود من أجل تحقيق التوافق في مجلس الأمن، ودعوة مجلس الأمن إلى إصدار قرار بالوقف الفوري لإطلاق النار بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، حتى يكون ملزماً لجميع الأطراف السورية». وطلب «رئيس اللجنة الوزارية المعنية بالوضع في سوريا والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي الذهاب إلى مجلس الأمن لطرح الموقف الحالي في سوريا، والمطالبة بتحرك عاجل للمجلس في هذا الشأن».
وأكد المجلس الوزاري العربي «دعمه الكامل لمهمة الإبراهيمي ودعوة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية إلى الدخول في حــوار مكثف معه لإيجاد حل سلمي لنقل السلطة وفقا لقرارات مجلس الجامعة وبيان جنيف في 30 حزيران الماضي وذلــك وفــقا لجدول زمني يعتمده مجلس الأمن لنقــل السلطة».
وسجلت الجزائر تحفظها على ما ورد في القرار بشأن الاعتراف بالائتلاف الوطني ممثلا شرعيا لتطلعات الشعب السوري، وعلى الفقرة الخاصة بإصدار قرار من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع، مؤكدة أن هذا لا ينسجم مع مهمة الإبراهيمي لإيجاد حل سياسي وسلمي للأزمة السورية.
كما أبدى العراق تحفظه على ما ورد في القرار بشأن دعوة مجلس الأمن لإصدار قرار بالوقف الفوري لإطلاق النار بموجب الفصل السابع. وطلب تعديل الفقرة لتصبح «دعوة مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته لوقف العنف لأن الدعوة لأحكام الفصل السابع تشرّع التدخل العسكري في وقت نحتاج لأي جهد لحل سلمي للأزمة ودعم مهمة الإبراهيمي»، فيما أكد لبنان أنه ينأى بنفسه عن هذا القرار.
وكان حمد قد قال، على هامش الاجتماع، إنه تم بحث موضوع الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي مع الإبراهيمي والخطيب وصبرا. وقال «نريد توضيح ما هو معنى الفترة الانتقـــالية، وهي تعني انتقالا للســلطة وتحديــد جدول زمنـــي لذلك».
وكان الائتلاف المعارض قد نال أول اعتراف رسمي، مع إعلان دول مجلس التعاون الخليجي اعترافها به على أنه «الممثل الشرعي للشعب السوري». وأعلنت واشنطن أنها ستقدم الدعم للائتلاف الجديد، فيما دعت موسكو المعارضة إلى إعطاء أولوية للحوار مع النظــام وليس للتدخــل الأجنبي. وكررت بكين دعوتــها جمــيع الأطــراف في سوريا إلى التــفاوض.
وأعلنت قوات الاحتلال الإسرائيلي أنها وجهت «ضربة مباشرة» إلى مصدر قذيفة هاون أطلقت من الجانب السوري وسقطت في الجزء المحتل من الجولان. وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية ان «مدفعية سورية متنقلة أصيبت مباشرة بالرد الإسرائيلي».

المصدر: السفير+ وكالات