روسيا والصين: اتفاق على منع الغرب من انتهاك سوريا
وجهت موسكو مع الصين رسالة تحذير واضحة إلى واشنطن والغرب، من التدخل في سوريا بما ينتهك ميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية، ردا على تصريحات الرئيس الأميركي أمس الاول، حول «الخط الأحمر» الكيميائي الذي قد يؤدي إلى تدخل عسكري خارجي.
وأكدت موسكو أن المصالحة الوطنية عبر الحوار السياسي هي الإمكانية الوحيدة للحل، ودعت الأطراف الخارجية إلى تهيئة الظروف للمصالحة في سوريا، فيما لمّحت الحكومة السورية للمرة الاولى الى استعدادها لمناقشة تنحي الرئيس بشار الأسد في حوار وطني مع المعارضة.
في المقابل، أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بعد استضافته وفدا من «المجلس الوطني السوري» المعارض عن تشجيعه الأخير على إنشاء تجمع واسع يضم مختلف قوى المعارضة السورية في الداخل والخارج، بما فيها الجيش السوري الحر.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عقب لقائه الوفد الحكومي السوري برئاسة نائب رئيس الحكومة قدري جميل إن «معارضي التقدم نحو المصالحة الوطنية كثيرون، بمن في ذلك خارج سوريا. لذلك فإن فرصة النجاح لا تبلغ مئة في المئة، لكنها موجودة». وشدد لافروف على «أن تحقيق نتائج ملموسة يتطلب أن يعي جميع المعنيين بمصير الشعب السوري مسؤوليتهم»، وقال: «سنعمل كل ما في وسعنا من أجل ذلك».
وجدد الوزير الروسي التأكيد أن «تحقيق المصالحة الوطنية هو الإمكانية الوحيدة لوقف نزيف الدماء في سوريا في أسرع وقت». وقال ان «الشيء الأهم هو أنه قد تم دفع الحراك في الاتجاه الصحيح. إن المصالحة الوطنية هي الإمكانية الوحيدة لوقف إرهاق الدماء في أسرع وقت وتوفير الظروف اللازمة لجلوس الأطراف السورية إلى طاولة التفاوض من أجل تقرير مصير بلادهم دون أي توجيه أو تدخل من الخارج».
وأشار لافروف إلى أن على اللاعبين الخارجيين خلق كل الظروف لتحريك الحوار الوطني، وقال ان «الشيء الأهم مما بحثناه اليوم هو الخطوات التطبيقية التي يجب اتخاذها من أجل تحريك المصالحة الوطنية. إننا نرحب بتشكيل وزارة خاصة في سوريا معنية بهذا الشأن».
وحذر لافروف الغرب من اتخاذ إجراء منفرد بشأن سوريا بعدما قال الرئيس الاميركي باراك أوباما ان القوات الاميركية قد تتحرك اذا استخدم الرئيس السوري بشار الاسد أسلحة كيميائية.
واجتمع لافروف مع مستشار الدولة الصيني داي بينغ غو، ونقلت وكالة «انترفاكس» الروسية للانباء عن لافروف قوله إن التعاون الديبلوماسي الروسي والصيني يستند إلى «الحاجة إلى الالتزام بصرامة بمعايير القانون الدولي والمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة وعدم السماح بانتهاكها». وقال لافروف للمسؤول الصيني «أعتقد ان هذا هو المسار الصحيح الوحيد في الظروف الراهنة».
والتقى داي أيضا كلاً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونيكولاي باتروشيف كبير مستشاريه لشؤون الامن امس الأول في مشاورات لم يعلن عنها الكرملين مسبقا.
من جهته، قال قدري جميل في مؤتمر صحافي عقب لقائه لافروف في موسكو إن تقديم المعارضة السورية مطلب رحيل الرئيس بشار الأسد كشرط مسبق لبدء الحوار مع دمشق لا يتوافق مع مبادئ الديموقراطية. لكنه أشار إلى إمكانية مناقشة هذا الموضوع أثناء هذا الحوار في حال انطلاقه.
وأضاف جميل أن الغرب هو الذي يحاول فرض مطلب رحيل بشار الأسد على الشعب السوري، مشددا على أن هذه المحاولات إذا نجحت ستكون سابقة خطيرة، إذ يمكن تكرار السيناريو ذاته في بلدان أخرى.
وشدد جميل على أنه يجب «حل الأزمة السورية بالذهاب للحوار دون شروط مسبقة»، لافتا إلى أن «وضع شروط مسبقة يعني عرقلة الحوار». وأشار إلى أن «هناك مبادئ لإطلاق الحوار، أولها رفض التدخل الخارجي ورفض العنف بكل أشكاله».
وقال جميل إن «سوريا تعاني من عقوبات جائرة وغير شرعية من أميركا والاتحاد الاوروبي، وهذه العقوبات أصابت الشعب كله». وأكد أن اللقاء مع لافروف كان هاما جدا، حيث تم بحث آفاق حل الأزمة، مشيرا إلى أن الشعب يريد إنهاء الأزمة التي تتسبب في مزيد من الدماء وتضغط على الاقتصاد السوري.
ولفت نائب رئيس الحكومة السورية إلى أن «الحكومة السورية تريد جديا الاتجاه شرقا، ما يعني العلاقات مع الدول التي تماثلنا والشرق بالنسبة لنا روسيا والصين والهند وفنزويلا أيضا».
واعتبر جميل أن «تصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما الأخيرة هي مجرد تهديدات دعائية مرتبطة بالانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة»، مؤكدا أن «الغرب يحاول استخدام قضية السلاح الكيميائي ذريعة للتدخل». وأضاف جميل أن «التدخل العسكري المباشر في سوريا مستحيل لان من يفكر فيه ايا كان... انما يدخل في مواجهة أوسع نطاقا من حدود سوريا».
وردا على جميل، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية فكتوريا نولاند «اطلعنا على المعلومات حول هذا المؤتمر الصحافي (الذي عقده) نائب رئيس الوزراء السوري. بصراحة، لم نر فيه أي جديد استثنائي». وكررت نولاند ان «الحكومة السورية تعلم ما عليها القيام به، والحكومة الروسية انضمت إلينا في جنيف (في نهاية حزيران الماضي) لوضع خطة انتقال (سياسي) بالغة الوضوح».
وأضافت نولاند «هذه المشاورات (بين دمشق وموسكو) كانت فرصة للروس ليشجعوا نظام الاسد على البدء بالتزام خطة الانتقال هذه، من دون الحاجة الى القيام بمناورات كتلك التي بدا ان نائب رئيس الوزراء (السوري) يقوم بها».
في المقابل، أعلنت الرئاسة الفرنسية في بيان ان «رئيس الدولة... شجع المجلس الوطني السوري على إنشاء تجمع واسع لكل قوى المعارضة، خصوصا لجان التنسيق المحلية والمجالس الثورية وممثلين للجيش السوري الحر». وأضاف البيان ان «الممثلين الشرعيين لسوريا الجديدة يمكنهم بذلك الإعداد للانتقال نحو نظام ديموقراطي في أفضل الشروط الممكنة».
وتابع البيان قائلا ان الرئيس الفرنسي «رحب بالدور المركزي» الذي يقوم المجلس الوطني السوري داخل المعارضة السورية وبـ«التزاماته لمصلحة قيام سوريا حرة ديموقراطية تحترم حقوق الانسان وكل مكون من مكوناتها». وجاء ايضا في البيان ان فرنسا «ستواصل تقديم المساعدة الانسانية الضرورية للشعب السوري وكل أشكال الدعم المفيدة». وختم ان فرنسا تنوي ايضا «مواصلة أداء دور أساسي للدفع قدما نحو انتقال سياسي في سوريا يفترض تنحي بشار الاسد».
وأعلن رئيس المجلس الوطني السوري عبد الباسط سيدا بعد لقائه هولاند مع وفد من المجلس أن هناك «عملا جديا للاعلان سريعا» عن حكومة انتقالية في سوريا. وقال سيدا «نجري مشاورات معمقة مع مختلف المكونات السورية بشأن تشكيل حكومة انتقالية»، مضيفا «نحن نعمل جادين للإعلان سريعا عن هذه الحكومة بعد الانتهاء من المشاورات».
وبعدما اعتبر سيدا ان «أي تسرع في الإعلان عن هذه الحكومة لن يحل المشكلة»، أعرب عن الأمل بأن «ننتقل سريعا الى الداخل الوطني لكي تقوم هذه الحكومة بأداء واجباتها من الداخل».
وردا على سؤال حول مهمة المبعوث الدولي والعربي الى سوريا الاخضر الابراهيمي، قال سيدا «الابراهيمي هو ديبلوماسي متمرس له خبرة نحترمه كثيرا، لكن نقول ان المسألة تكمن في عدم وجود إرادة دولية ضمن مجلس الامن قادرة على الارتقاء الى مستوى الاحداث».
واعتبر رئيس المجلس الوطني السوري ان مجلس الامن «معطل بفـعل الفيتو الروسي، ومهمة الابراهيمي ستكون محكومة بهذه الآليات القديمة التي تتحكم بمجلس الامن والتي تعود الى الحرب العالمية الثانية».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد