سوريا تشن هجوماً دبلوماسياً معاكساً وتغمز من قناة تركيا
كشف قادمون من العاصمة السورية ممّن التقوا قياداتها العليا أنّ الرئيس بشار الأسد أوعز إلى مساعديه بالبدء بحملة دبلوماسية مضادة تستهدف الولايات المتحدة والدول الأوروبية ولا توفر تركيا، وذلك تمهيدا لشنّ حرب مضادة موازية للحرب الأمنية التي شنّها النظام وأكدها الأسد شخصيا من خلال ما جاء في خطابه الأخير حول استحالة الحوار مع المجموعات المسلحة التي وصفها بالخارجة عن القانون.
ويعرب هؤلاء عن اعتقادهم بأنّ النظام السوري يسير وفق جدول زمني محدد زاوج بين الإصلاحات السياسية والحملة الأمنية الواسعة النطاق من جهة والمواجهة الدبلوماسية من جهة ثانية، فالمؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الخارجية السورية وليد المعلم جاء استكمالا لخطاب الأسد أكان من حيث الشكل أو المضمون، فهو انتقد الولايات المتحدة من دون أن يكسر الجرة معها إذ طلب منها، وبطريقة غير مباشرة، الانتظار لتحقيق الإصلاحات المفترضة غامزا من قناة الإدارة الأميركية التي استغرقت سنة كاملة لإعداد قانون اجتماعي، فكيف بسوريا التي وعدت بمراجعة الدستور برمته، بينما قطع شعرة معاوية مع الاتحاد الأوروبي في إشارة واضحة إلى أنّ دمشق في صدد إلغاء الاستثمارات النفطية الأوروبية في سوريا لمصلحة روسيا والصين.
وما يعزز هذا الاعتقاد بحسب هؤلاء هو قيام قوات الأمن السورية بتقسيم الدولة إلى مربعات أمنية واضحة المعالم، على أن تتولى الأجهزة الأمنية معالجة الشأن الأمني وفق مقتضيات الحاجة، وبشكل متدرج يسمح للنظام بترتيب البيت الداخلي واستعادة المبادرة الأمنية وعبرها المبادرة السياسية التي تسمح لسوريا بكسر عزلتها الدبلوماسية.
أما بالنسبة للرسالة الموجهة إلى تركيا فيرى هؤلاء أنّ سوريا كانت واضحة للغاية لجهة تمسكها بدورها الإقليمي من دون التنازل عنه حتى لمصلحة تركيا التي ما زالت تراوح بين حدي إعادة ترتيب علاقاتها مع سوريا وقطعها بصورة نهائية مع استبعاد الاحتمال الثاني لعدة اعتبارات يختصرها زوار العاصمة السورية بتوازن القوى بين الدولتين من جهة واستمرار إيران بدعم سوريا سياسيا ومعنويا وحتى مخابراتياً. وهذا يعني أنّ أيّ مواجهة بين تركيا وسوريا ستؤدي إلى مواجهة مباشرة بين تركيا وإيران بما يعيد خلط أوراق المنطقة برمتها وهذا ما لا قدرة لأحد على احتماله، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية التي تراقب عن كثب تطور الوضع الأمني في سوريا من دون الدخول على الخط المباشر.
والجدير بالملاحظة أيضاً هو حراك النظام داخل الشارع السوري من خلال الإيعاز إلى مناصريه بالخروج إلى الشارع ومقارعة المتظاهرين والمحتجين عبر مظاهر تأييد للرئيس بشار الأسد ووصفه بقائد الإصلاح في مشهد يدعو إلى التأمل الكامل بمستقبل البلاد في ظل حراك سياسي متسارع استهله الأسد بتوسيع رقعة قانون العفو ليشمل المزيد من شرائح المعارضة التي يسعى النظام لتلبية ما يراه محقا من مطالبها مع الإشارة إلى أنّ سوريا تعتبر الوحيدة في المنطقة العربية التي تعتمد النظام العلماني أسوة بجارتها تركيا.
ويخلص هؤلاء إلى التأكيد بأنّ النظام السوري هو من يطلب العزلة الدولية في هذه المرحلة بالذات حيث يسعى إلى تنظيم شؤونه بعيدا عن التدخلات الغربية، بحيث لفت تأكيد المعلم أن سوريا لن تتعرض لأي حظر جوي، ولا لتدخلات عسكرية أجنبية مباشرة.
أنطوان الحايك
المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية
إضافة تعليق جديد