شرشحة فنية لـ " الصمود" برعاية السيد المحافظ
الجمل ـ حلب ـ باسل ديوب: وأنت تقترب من الكرة الحديدية الضخمة التي شوهت ساحة سعد الله الجابري في قلب مدينة حلب تلمح لافتة ضخمة، وما يبدو أنه معرض فني، وصوت السيد حسن نصر الله في رسائله الصوتية خلال الحرب الأخيرة، ما يغريك بالتقدم أكثر، وما إن تصل حتى يصدح مكبر الصوت بأغنية للفنان الكبير " شعبولا "
لا وأن ينتابك القلق من هذا الانتقال الفظ من الرصانة، والفصاحة، والكبرياء، في مقاطع من خطب السيد حسن نصر الله إلى الهشّك بشّك، و خفة شعبولا، فأي فن هذا الذي يجمع بين السيد حسن نصر الله و شعبو.....لا !!
تعرف اللافتة بالمعرض المحتفي بنصر المقاومة :(صامدون صامدون معرض للفنان جهاد حسن ، فكرة وإعداد "محفوظ الشريف الجزائري ")و الأخير يحتل أسمه المساحة الاكبر من المساحة المخصصة لراعي المعرض وصاحب المعرض، لكن بعد التمعن في المعرض يتضح أن لا فكرة فنية في المعرض أساساً فكيف يكون ذلك ؟؟
تتلاحق الصور بشكل تقليدي، وليس فيها ما يبوح بفكرة ما، لا ناظم بينها سوى كونها ملتقطة في لبنان أثناء وبعيد الحرب، أشلاء ضحايا ودمار شديد دبابة محترقة هنا، وجسر منهار هناك، صور تتلاحق ، منها ما شاهدناه سابقاً في مكان آخر، يجب أن نسال صاحب المعرض فيما لو كان قد عمل مصورا مرافقا، أو مراسلاً حربياً أثناء سير العمليات في لبنان، فبعض ما يعرضه سبق أن عرضته الفضائيات ونشرته الصحف نقلاً عن وكالات أنباء متعددة.
قد تتساءل هل غامر هذا الفنان السوري وذهب إلى حيث لم يصل الإعلام السوري نفسه الذي استنفر أثناء الحرب واعتبر المعركة معركته نقلاً عن المنار والجزيرة ؟؟
وبالتدقيق في المعروضات يتبن أن عدسة الفنان السوري لم تطأ أرض لبنان حتى انتهاء المعارك ، لكن الأمر لا يمكن أن يمر هكذا ببساطة فهو لا يقتصر على نسبة صور إلى غير صاحبها لحدث عظيم لامس شغاف قلوب من يمرون في الساحة في سياق استثمار رخيص لعواطف ومشاعر من اعتبروا المعركة معركتهم ، فقد بلغ الأمر بصناع الفكر الفني الخلاق في هذا المعرض أن يبتذلوا الطفولة في محاولة لاستدرار عواطف أسمى وأجل من أن يحركها هكذا أسلوب فج ، مدرسي ، تلقيني ، مصطنع، غاية في الابتذال، فإحدى اللوحات كانت ملفقة غاية في التلفيق، فقد قام الفنان من بنات أفكاره الفنية أو ربما من بنات أفكار صديقه لاعب التايكواندو " محفوظ الشريف الجزائري" بلصق شظايا صواريخ التقطها من بين الأنقاض على " تيشرت " ولادي ، ولطخه ببضع قطرات من محلول اليود الطبي ، بعد أن أعمل فيه أداته الفنية المبتكرة " المشرط " ، وزاد في التصنع بأن كتب بضع عبارات كاريكاتيرية في سياق الموت والدمار الذي تابعه الجمهور ذاته على الهواء مباشرة بالصوت والصورة ، مثل " شظايا ضد الإنسانية " " قتلوا الأطفال قتلوا النساء والشيوخ " " دماء الطفولة تصرخ " دماء أو اليود الطبي لا فرق .
في لوحة أخرى يلصق لحاء شجر وشظايا ولا نعرف إن كان قد أحضرها من لبنان مع الشظايا ويعلق بخطه أسفلها " أعداء الشجر" شظايا القصف الوحشي في لبنان " الفكرة تذكرنا على الفور بالنشاطات اللا صفية التي كان يكلف بها تلاميذ المرحلة الابتدائية.
ما يدعو للأسف أن المعرض كان برعاية السيد المحافظ، الذي يبدو أن لا "مستشارين " فنيين لديه. فقد كان من الأفضل أن يكون معرض الفنان الضوئي جهاد حسن برعاية السيد محفوظ الشريف الجزائري و فلافل الفيحاء “ الجهة الممولة“، بدلاً من السيد الدكتور تامر الحجة محافظ حلب وضمن احتفاليات المدينة عاصمة للثقافة الإسلامية أيضاً.
ليس هذا المعرض حالة عابرة ولا منزوعة السياق فآخر ما يفكر به المتنطحون لتقديم أو استثمار حالة سياسية أو وجدانية سواء أكانوا أفراد مرتبطين بمؤسسات ثقافية رسمية في سورية أو المؤسسات نفسها ،هو المستوى الفني لأعمالهم ولم لا فالحدث كبير ومتبلور في الوجدان ،وأي عمل سيتخذ من ذلك الوجدان رافعة لتمرير الابتذال وتدني الذائقة الفنية والجمالية التي لا ضرورة لها ، قد يحيلنا هذا إلى أدب المناسبات وهو أدب رث يلهث وراء الحدث وربما يعكس انعدام التفاعل الخلاق والإنساني معه حتى .
ربما كانت هذه مشكلة المؤسسة نفسها و الإيديولوجيا الحاكمة التي تتقدم على الفن و تجره وراءها بدلاً من التوحد به .
الجمل
إضافة تعليق جديد