حتى العامة: تكلفة المدارس ترهق المواطن
لم يخرج «منذر» بعد من الصدمة المالية لرمضان المبارك والعيد السعيد لتصدمه متطلبات المدارس واحتياجاتها فهناك دفع كل راتب الشهر الثامن وملحقاته من مكافأة إن وجدت وتعويضات وخلافه، وجاء العيد ليدفع كل راتب شهر تسعة أما ملحقاته فبقيت للمدرسة ومتطلباته فبناته الأربع موزعات من الثاني الابتدائي وصولاً إلى الثاني الثانوي، والسؤال هل تكفي تلك الملحقات أو المدخرات أو ما استطاع «منذر» توفيره لمثل هذه المناسبة إذا علمنا أن متوسط تكلفة الطالب الواحد لمثل هذه المناسبة وصل الى حدود 4000 ليرة وقد يتجاوز 6000 ليرة في بعض الحالات؟ وهل يحتاج المواطن السوري كحال منذر لثلاثة أشهر أم ستة ليخرج من الصدمة تلك ويستعيد مقدرته على الحياة إذا ما تبين أن نصف ما اشتراه لبناته كان بالدين؟.
الحكاية تبدأ بالثياب دوما فالعيد يحتاج إلى ثياب جديدة والمدارس كذلك وخاصة هذا العام فالمنهاج بأغلبه جديد ولكل جديد زهوة، ومن هنا طالبت البنت الصغيرة من بنات «منذر» أن تحصل على صدرية جديدة لصفها الثاني، فاشترت «راما» صدرية بحوالي 350 ليرة سورية وهي من النوعيات المتوسطة ولم تتمكن كما حال قريباته أن تحصل على واحدة بألف أو ألفي ليرة، ومن ثم توجهت «راما» برفقة والدتها لشراء الحذاء بكلفة 400 ليرة سورية وبالطبع السعر يصل لحدود 1000 ليرة سورية في غير مناطق وخاصة أن الدنيا موسم وبعد الحذاء جاءت بدلة الرياضة بحوالي 1000 ليرة وهو سعر جيد مقارنة مع 2500 أو 3000 ليرة لمثيلاتها في دمشق مثلا فالسوق الذي قصدته أم راما يقع في الريف بعد زيارة غير موفقة إلى دمشق التي صدمتها بأسعار أسواقها المبالغ فيها حسب تعبيرها.
«راما» بالأولوية لكونها المدللة والصغيرة وثيابها أقل سعراً من غيرها إضافة لكون كتبها المدرسية مجانية وليست بحاجة إلا لبعض الأقلام والنثريات، وتتشابه «راما» الصغيرة مع «حسن» ابن الجيران في مسألة الكتب والنثريات ولكنها تختلف بالنسبة للاحتياجات الأخرى فحسن بالصف الخامس ويحتاج إلى بدلة كان سعرها 2200 ليرة وحذاء ثمنه وصل إلى 900 ليرة في حين الحقيبة جاءت لتسجل فارقاً كبيراً وصل إلى 600 ليرة مقابل 300 ليرة لحقيبة «راما» أما بدلة الرياضة فقاربتها بالسعر وهو 1000 ليرة.
وبالعودة إلى البنات وهمومهن التي لا تنتهي حسب تعبير والدتهن نرى أن «وئام» الأخت الكبرى لـ«راما» دفعت لها أمها ثمن بدلة الصف السابع 2000 ليرة ونصفها لبدلة الرياضة و400 ليرة للحذاء و500 ليرة للحقيبة أما الدفاتر والأقلام فكلفت رقما لافتاً للنظر وهو 600 ولم تنس وئام القميص الخاص بالبدلة وثمنه 250 ليرة، لكن «رهام» الأخت الأكبر وهي في الصف التاسع يعني شهادة ولازم تدلل على أمل النتيجة فحصلت على بدلة بـ1600 ليرة يضاف لها قميص بخمسمئة ليرة وحذاء بذات السعر وحقيبة بذات السعر أيضاً ومتفرقات من حجاب وجوارب وخلافه بحوالي 500 ليرة ودفاتر وأقلام ما يكفي للعام كاملا حسب ظنها وصل سعرها جميعاً إلى 1000 ليرة.
ولم تختلف تكلفة الثياب والمستلزمات المدرسية بين «رهام» والأخت الكبرى «دانا» طالبة الصف الثاني الثانوي كثيراً ولكن يضاف لمستلزمات المدرسة تلك ثمن نسخة الكتب والتي تكلف قرابة 2500 ليرة، ليضم هذا المبلغ إلى 1600 ليرة ثمن بدلة و650 للحذاء و350 للقميص و500 ليرة للألبسة المختلفة و1000 ليرة للدفاتر و500 للحقيبة.
في الختام دفع والد راما ووئام ورهام ودانا قرابة 16300 ليرة ثمن ثياب ومعدات مدرسية نصفها إن لم يكن ثلاثة أرباعها بالدين ويجب عليه اليوم أن يفي بهم للمستحقين من راتب الشهر القادم وبذلك يسجل ثلاثة أشهر من الكسر، تحتاج برأيه ثلاثة أشهر أخرى ليستعيد توازنه رغم أن راتبه جيد فهو موظف قديم في إحدى شركات النفط من القطاع المشترك ولكن ما دفعه للمدرسة يشكل ثلثي راتبه ومكافآته وحوافزه.
إن كان «منذر» والد الفتيات يحظى براتب جيد لسنوات خدمة طويلة وميزة الشركة النفطية فكيف حال البقية من الموظفين الذين لا يتجاوز راتبهم نصف تكلفة ما دفع لمستلزمات المدرسة أي أقل من 8000 ليرة ولديهم ثلاث بنات أو ابنتان تدرسان في صفوف مختلفة فكيف يعيش ومن أين يجب عليه الحصول على ما يكفي لينفقه ثمن جميع ما ورد يضاف إليه الطعام والشراب وفاتورة الهاتف الثابت والنقال والمياه والكهرباء إن لم تخرج له لا سمح اللـه مشكلة صحية من هنا أو أخرى من هناك؟!!!.
المصدر: الوطن
التعليقات
حق عاجل
إضافة تعليق جديد