الأسد يتمسّك بوحدة العراق وعروبته
تقدمت المصالحة بين دمشق ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خطوة إضافية امس، باستقبال الرئيس بشار الأسد وفدا من «ائتلاف دولة القانون» سلمه رسالة من المالكي تتعلق بتعزيز العلاقات الثنائية.
وأعلن الوفد، بعد الاجتماع مع الأسد في دمشق، التمسك «بحق دولة القانون الدستوري» بتشكيل الحكومة المقبلة، مؤكدا أنها ستمثل الجميع، وضمنهم «القائمة العراقية» بزعامة إياد علاوي، مشيرا إلى أن المالكي «سيبدأ بدراسة تشكيل الحكومة الجديدة برئاسته» فور عودة الوفد من سوريا.
وتعتبر خطوة الوفد هذه الثالثة على هذا المستوى في عملية تطبيع العلاقات بين دمشق والمالكي، بعد الاتصال الهاتفي بين رئيس الوزراء السوري محمد ناجي عطري ونظيره العراقي منذ أيام، وزيارة المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ دمشق في آب الماضي للغرض ذاته. وسبق للمالكي أن أرسل موفدين مقربين منه إلى سوريا لهذه الغاية في أشهر سابقة، إلا أن العلاقات لم تبدأ بالتحرك إيجابا إلا في الأسابيع الأخيرة. ويرى مراقبون أن زيارة المالكي دمشق، إن تمت قريبا، ستكون الخطوة النهائية في مسار إغلاق صفحة الماضي بين الجانبين، وذلك
استباقا لأي اتفاق يمكن أن ينشأ لاحقا لتشكيل الحكومة العراقية.
وكان المالكي اتهم سوريا في آب العام 2009 بإيواء أشخاص اتهمهم بالوقوف وراء تفجيرات دموية وقعت في بغداد وأدت إلى مقتل 110 أشخاص. وسحبت دمشق وبغداد سفيريهما بعد طلب المالكي من الأمم المتحدة تشكيل لجنة تحقيق دولية في التفجيرات.
واستمع الأسد من الوفد، برئاسة كبير مفاوضي «دولة القانون» ومستشار المالكي الشيخ عبد الحليم الزهيري، إلى برنامج «دولة القانون» السياسي، في إشارة إلى رغبة المالكي في الحصول على تأييد دمشق في الجهود المبذولة لتشكيل الحكومة العراقية. وضم الوفد كلا من الزهيري ووزير الأمن الوطني شيروان الوائلي وعزت الشهبندر وعباس البياتي وحسن السنيد.
وذكرت وكالة (سانا) أن الأسد تسلم «رسالة خطية» من المالكي «تتعلق بالعلاقات الثنائية بين سوريا والعراق وأهمية تعزيزها وتطويرها في كافة المجالات، بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين». ونقلت عن الأسد تأكيده «حرص سوريا الدائم على إقامة أفضل العلاقات مع العراق ودعم أمنه واستقراره ووحدة أراضيه وشعبه».
وأوضحت الوكالة أنه «جرى خلال اللقاء بحث المستجدات المتعلقة بالجهود المبذولة من أجل تشكيل الحكومة الجديدة، وأهمية مشاركة جميع مكونات الشعب العراقي فيها وأن تحظى بتأييده بما يسهم في تحصين وحدة العراق وأمنه واستقراره واستعادة دوره العربي والدولي». وجدد الأسد دعم بلاده «أي اتفاق بين العراقيين يكون أساسه الحفاظ على وحدة العراق وعروبته وسيادته».
وقال الزهيري، في مؤتمر صحافي، إن «الوفد عرض للرئيس الأسد برنامج ائتلاف دولة القانون وحرص الائتلاف على إشراك جميع القوى العراقية في الحكومة»، مشددا على أن «العلاقات مع سوريا استراتيجية وتنبع من المصالح المشتركة لأن أمن سوريا من أمن العراق». وأعلن أن التوتر بين البلدين «وصل إلى نهايته». وأضاف «لا توجد أزمة مع سوريا. العلاقات جيدة وطبيعية. كان هناك بعض التصريحات السياسية وقد توقفت». وتحدث عن زيارة مرتقبة للمالكي لسوريا «تعيقها الظروف الأمنية في الوقت الحالي».
وقال البياتي «نتمسك بحقنا الدستوري باعتبار التحالف الوطني يشكل اكبر كتلة نيابية وبالتالي أصبح من حقه أن يشكل هذه الحكومة» في إشارة إلى الاندماج بين «دولة القانون» و«الائتلاف الوطني» الذي يضم «المجلس الأعلى الإسلامي العراقي» برئاسة عمار الحكيم والتيار الصدري برئاسة السيد مقتدى الصدر. وأضاف «إن هذه الحكومة ستستند الى شراكة وطنية حقيقية لا تستثني أي قائمة كبيرة كانت أم صغيرة، لأنها لا تريد أن تهمش أي قائمة»، مشيرا إلى أن الحكومة ستكون حكومة تمثيل، تضم ائتلاف الكتل الكردستانية والقائمة العراقية بالاضاقة إلى قوائم صغيرة، وجميع الكتل والمكونات العراقية إلا تلك التي لا تريد أن تشترك».
وأكد السنيد أن المالكي «سيبدأ بدراسة تشكيل الحكومة الجديدة برئاسته» فور عودة الوفد من سوريا. يشار إلى أن المفاوضات داخل «التحالف الوطني» لا تزال جارية حول اختيار آلية اختيار مرشح واحد لمنصب رئاسة الوزراء في أعقاب تسمية «الائتلاف الوطني» عادل عبد المهدي مرشحه لهذا المنصب.
وكشف الشهبندر أن «الحوارات بين الأطراف والكتل العراقية بلغت سقفها، وتوصلت إلى أنها يجب أن تتنازل لبعضها كي تلتقي في نقطة وسط». وقال إن «الأطراف السياسية بدأت تتفهم بشكل واقعي مطالب الآخرين، وخاصة إصرار ائتلاف دولة القانون على تمسكه بحقه في ترشيح المالكي»، لافتا إلى أن ترشيح المالكي «بدأ يلقى قبولا واقعيا من بقية الأطراف ومن المحيطين الإقليمي والعربي».
وقال دبلوماسي، في دمشق، إن القيادة السورية قد تعمل مع المالكي برغم خلافاتهما وخلفيته الدينية. وأضاف «مع رحيل القوات الأميركية تصل الأمور إلى نقطة تتولد فيها لدى الجميع رغبة في وجود حكومة بالعراق بغض النظر عمن يرأسها. كل ما ينبغي للمالكي فعله هو الانتظار».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد