اللاجئون العراقيون ضحية خارج الحسابات الأميركية

21-08-2010

اللاجئون العراقيون ضحية خارج الحسابات الأميركية

تفجير في بغداد قبل يومين أزهق أرواح 61 شخصاً. وقبله تفجير في موقع آخر أردى العشرات. دوامة العنف لم تهدأ، حصدت منذ بداية 2010 فقط نحو ألفي مدني. المشهد السياسي العراقي ليس أفضل حالاً. مفاوضات تشكيل الحكومة تطول، ثم تتعثر. ومع ذلك يفاخر الأميركيون بأن «العراق سيكون أهم إنجازاتنا».
لم يوضح نائب الرئيس الاميركي جو بايدن من أين يستقي «تفاؤله»، الذي «يعكس لامبابغداد تحترق في 21 آذار 2003 مع بداية الغزولاة أميركية بكل الانتقادات التي وُجّهت إلى دور واشنطن في احتلال العراق، منذ غزوه في 2003».
نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني، هو أيضاً، لم يوضح لمَ يتعيّن على الديموقراطيين «أن يشكروا (الرئيس السابق) جورج بوش.. على هذا النجاح». كلاهما، ومعهم كثيرون آخرون، لم يتطرقا إلى «التكاليف الإنسانية» التي تكبدها العراقيون. ولم يتساءلا «بماذا ندين كأميركيين للشعب العراقي؟».
عدد القتلى المدنيين في العراق بلغ، بحسب موقع «عراق بودي كاونت»، حتى اليوم نحو 100 ألف. أما عدد اللاجئين العراقيين، سواء النازحين داخلياً أو في دول مجاورة كسوريا والأردن، فبلغ 4.5 مليون نازح، ما يجعلها «أكبر أزمة لاجئين في المناطق الحضرية في العالم».
غالبية هؤلاء النازحين فروا من بلادهم في ذروة الحرب الأهلية، بين العامين 2006 و2007، فيما بلغ عدد المتدفقين إلى سوريا في تلك الفترة 30 ألف لاجئ شهريا، بموازاة آلاف لجأوا إلى الأردن يومياً.
قصص هؤلاء تروي حقيقة «الواقع العراقي المرير». ليس مبالغاً به أن يقول أحد اللاجئين العراقيين في دمشق يائساً أنه «لم يعد يملك شيئاً الان»، وهو الذي خُطف ابنه الأصغر قبل أن يعثر على جثته في فناء مدرسة مهجورة في بغداد. هرب بعدها إلى سوريا مع زوجته وطفليه الآخرين. هو يقسم «ألا يعود إلى العراق، ولو عاد بلدي إلى سابق عهده».
في شقة متداعية في شرقي عمان، يستذكر لاجئ آخر كيف «اشتبك المسلحون مع الأميركيين، في مدينته بعقوبة في 2006. منزلنا احترق ليلتها. والآن كل شيء انتهى، وسيتم تقسيم البلاد، ولهذا لن أعود».
عاد بعض اللاجئين إلى ديارهم. ولكن العديد منهم لا منزل لديهم ليلوذوا إليه. حتى المدن التي هجروها لم تعد كما كانت. الخريطة السكانية تبدّلت. مدن شيعية أضحت سنية، والعكس صحيح. المنازل التي كانت تؤوي أصدقاء وأهالي، باتت اليوم بيوتاً للغرباء. أما الحكومة العراقية فتعد بالتعويض عن الممتلكات المفقودة، وتعمل على تسهيل العودة. لكن خطواتها تبدو غير كافية.
لمَ تراهم يعودون، و«العراق يفتقر لأدنى مستويات الخدمات الأساسية». فوفقاً لوزارة الدفاع، يستفيد 20 في المئة فقط من العراقيين من المرافق الصحية، ويتمتع اقل من 30 في المئة بالخدمات الصحية، و45 في المئة فقط تصلهم مياه صالحة للشرب، و50 في المئة لا أكثر، يستفيدون من 12 ساعة من الكهرباء يوميا. هو وضع مرشح لأن يطول، أقرّ السفير العراقي لدى واشنطن سمير الصميدعي، متوقعاً أن «نستغرق سنتين أو ثلاثا لنبلغ نقطة يحصل فيها الناس على ما يكفي من الكهرباء».
لاجئو سوريا والأردن وغيرهم يعيشون اليوم على المساعدات الضئيلة التي تقدمها الأمم المتحدة. ففي تشرين الأول 2009، قدرت المنظمة الدولية أن 500 ألف لاجئ عراقي بحاجة فورية لتوطينهم في الخارج.
أما واشنــطن، وهي من تســببت «بهذا الواقع المرير»، فبالكاد استقبلت 50 ألف لاجئ عراقي، فيما استقبلت السويد «التي لم تشارك في الغزو»، عدداً مماثلاً، رغم كونها «دولة أصغر من الولايات المتحدة سكانيا بـ33 مرة واقتصاديا بـ43 مرة».
ليس هذا فحسب، فقد «خفضت واشنطن تمويلها للمجتمع المدني العراقي». وبعدما ساهمت بنحو 220 مليون دولار، قبل أربع سنوات، «اقتصرت المساعدات هذا العام، بناء على طلب الرئيس (باراك أوباما) ووزيرة خارجيته (هيلاري كلينتون) على 32,5 مليون دولار» فقط.
فإن كانت تريد واشنطن أن تدفع للعراقيين ما تدين به إليهم، عليها مواصلة انسحابها، وعليها زيادة دعمها المالي لمفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وخاصة «أن المساعدات التي تقدّمها حالياً للمفوضية تكاد توازي ما تنفقه عسكريا في العراق، خلال أيام معدودة». كما، يتعين عليها استقبال عدد اكبر من اللاجئين العراقيين.

المصدر: السفير نقلاً عن «كريستيان ساينس مونيتور»

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...