هكذا ضرب «باب الحارة» الدراما المصرية

20-08-2010

هكذا ضرب «باب الحارة» الدراما المصرية

لا يخفى على أحد أن مسلسل «باب الحارة» حاز في أجزائه الخمسة دعماً إعلامياً غير مسبوق. فلم تكتف قناة الـMBC وحدها بتروّيج حكايات نجوم الحارة، بل كان هناك شبكة إعلامية كبيرة ساندتها شركات في الأبحاث التسويقية المتخصصة، أبرزههل شخصية «مأمون» طارئة بفعل الخلافات أم ضرورة درامية؟.ا شركة IPSOS وMindshareوpars .
إضافةً إلى هذا كله تلقى العمل ما يشبه التعزيز الإعــلامي المكـثف من قبل قناة «العربية» الإخبارية، التي دأبت قبل وأثناء وبعد بث المسلسل على إعداد تقارير إعلامية مكثفة تضمنت مراحل التصوير وأزمات ومشاكل نجوم المسلسل مع المخرج بسام الملا، كالفنانين عباس النوري وسامر المصري ونزار أبو حجر.
إلى هذا تمكّنت القناة المنتجة (أم.بي.سي) من توظيف كبرى الصحف العربية لتغطية مجريات المعارك الكلامية بين الممثلين والمخرج. ولعلّ تطوير هذا الصراع نبّه شركات الإعلان إلى أهمية استثمار الممثل السوري في إعلاناتها. فاستفادت شركة اتصالات من «الشهامة الشامية» باعتمادها على المصري... وهو الإعلان الذي أدى إلى «فصل» الممثل من «شركة الحارة - المتحدة». لأنه «إما أن يتقيد بطل المسلسل بتعليمات تلزمه أن يبقى تحت المظلة الجماعية لـ«باب الحارة» أمام شركات الإعلان. أو أن يتفرد بشخصيته لقاء انسحابه او «فصله» من المسلسل.
على صعيد آخر استطاعت القناة أن تنظم تواجداً مستمراً لأبطال «حارة الضبع» من خلال التصريحات، واللقاءات لا سيما عبر برامج المنوعات ذات الصلة على شبكة الـmbc، والتي استضافت خلال خمس سنوات، وما تزال، شخصيات العمل بمناسبة ومن دونها.
في المقابل تمكنت شركات الاتصالات من اختراع شكل جديد من التسويق المدفوع مسبقاً عبر ما أسمته «جوال باب الحارة». وقد استثمرته مستفيدة حتى من كواليس التصوير، وهفوات الممثلين أمام الكاميرا.
وقد تخطّت «أفلام الموبايلي» هذه التوقعات لتنجح مؤخراً في صناعة أنواع إعلامية جديدة ميزتها الرئيسة أنها أفلام متعددة الوسائط.
على مستوى آخر لم تقتصر التغطية الإعلامية على مرافقة أحداث ومراحـل التصــوير، بل كان جزء كبير من هذه الحملة يتمحور حول الاستفتاءات الجماهيرية... كما كثُر الحديث عن «حظر تجول» أثناء بث المسلسل، لتتوالى تقارير غريبة عجيبة عن فراغ الشوارع من المارة في عدة عواصم عربية من شرق العالم العربي إلى مغربه. وترافق ذلك مع بناء منتجع «الريف الدمشقي» الذي صوّرت فيه الأجزاء الخمسة من المسلسل، وقد زاره حوالى مليوني زائر عربي للتفرّج على «فضاء» الحارة وديكوراتها.
وبدا الجمهور متكيّــفاً مع كل طارئ على «باب الحــارة» من ظهور شخصيات وغياب أخرى. فحقق الفنان مصطفى الخاني شعبية كبيرة بعد أدائــه لشخصية «النمس». وظهر أولاً في الشرق الأوسط بفعل استفــتاءات عدد من الشركات، مطيحاً الممثل المصري الشهير يحيى الفخراني وبكل روائع الدراما المصرية من ليالي الحلمية، حتى زيزينيا إلى جانب أهم نجوم مصر من العام الماضي.
لكن السؤال هل كان الخاني لينتزع لقب أفضل ممثل لولا انتسابه لـ«باب الحارة»؟. وهل كان نجوم مسلسل، مثل «التغريبة الفلسطينية» للمخرج حاتم علي ليستفيدوا من المال والشهرة والجوائز، لو خصصت له الرعاية الإعلامية ذاتها؟ وهل كان «باب الحارة» ذاته سيحصد هذا النجاح لولا الشركات المتعددة الوسائط التي وقفت وراءه؟ وماذا لو أن المال الذي وُظِف في خدمة «أبو شهاب» وسواه كان في خدمة عمل فني آخر ينتمي لما آل إليه العرب من وضع لا يحسدون عليه في السلفية والتخلف والانكفاء إلى أساطير القبضايات وبطولاتهم؟ وماذا لو أن هذه الحملة الإعلامية التي مولها المال العربي وضِعت في مسلسل لمواجهة البروباغاندا الإسرائيلية؟ هل استطاع الخيال والخرافة أخيراًَ أن يتحكما نهائياً بالعقل الإعلامي العربي أم أن الحكاية تنبع من ضرورات أخرى، ضرورات تبيح المحظورات وتمالئها على حساب المعنى، إزاء الاستهلاك الإعلامي الجاهل؟


سامر محمد إسماعيل

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...