اللحوم المهربة تغرق الأسواق وعلى مرأى الجميع
كشفت مذكرة جمعية اللحامين بدمشق عن حقائق خطيرة عمايحدث في سوق اللحوم... فاللحوم الحمراء النظامية التي تدخل عبر المسلخ البلدي لمدينة دمشق ومنذ سبع سنوات لاتشكل سوى نسبة 20٪ فقط من احتياجات العاصمة.
أما البقية - وهنا الطامة الكبرى - فيتم تغطيتها من اللحوم الحمراء المهربة ومن الذبح خارج المسلخ، والقسم الضئيل جداً فقط يغطى من اللحوم المستوردة نظامياً.
هذه الحقائق تؤكدها الأخبار اليومية المتزايدة باضطراد عن حالات مصادرة أطنان من هذه اللحوم الفاسدة ومنتهية الصلاحية من قبل مديريتي التجارة الداخلية بدمشق وريفها, وأكدتها أيضاً وقبل أيام للثورة إحدى السيدات مشيرة إلى أن اللحوم المهربة تباع علناً قرب منزلها في أحد أحياء دمشق وبكميات كبيرة وشاهدة العيان مدرسة علوم وعضو في جمعية حماية المستهلك.
- وقبل أن نقرأ جانباً من مذكرة جمعية اللحامين، نشير إلى أخطاء وزارة الزراعة بإصرارها على الاستمرار بتصدير الاغنام السورية بدعوى أن ذلك خدمة للاقتصاد الوطني وبقاء حصة سورية في الأسواق الخارجية وتحديداً الخليج العربي...
وهذا العام وحده تقرر تصدير مليون رأس غنم وماعز من أصل المتاح للاستهلاك وهو 5،2 مليون رأس... أي أن النسبة المقررة للتصدير كبيرة جداً..
ومقابل ذلك - تؤكد مصادر الوزارة - السماح باستيراد اللحوم الحمراء المجمدة والمبردة لتسد حاجة السوق المحلي...
الواقع يؤكد أن استيراد اللحوم وتحديداً الجاموس له غايات أخرى - لمصانع المرتديلا - والمستوردون شكلوا طرفاً من أطراف الاحتكار... رغم أن استيراد لحوم الجاموس لم ولن يكسر سعر لحم الغنم البلدي إطلاقاً مع غياب أي حملة إعلامية لتغيير قناعات وأنماط استهلاك المواطن للتحول إلى هذه المادة الجديدة....
أما الكميات القليلة جداً من لحم العجل البرازيلي الجيد المناسبة لثقافة وذوق المستهلك السوري فكمياتها قليلة ويتهافت عليها اللحامون وأصحاب المطاعم لتباع كبلدية وبأرباح مضاعفة دون أن يسمع بها أحد إلا عبر الصحف والمشكلة هنا أن قناة الاستيراد ضيقة جداً ويعرقلها الطرفان الآخران في لعبة احتكار سوق اللحوم...
وبالتالي فإن الكميات الموعودة لتسد حاجة السوق المحلي قليلة جداً وهي بحدود 15 ألف طن جاموس مجمد وثلاثة آلاف لطن لحم عجل مبرد...فهل هذه الكميات تكفي خصوصاً وأن العراقيل مستمرة على كم استيراد العجل المبرد تحديداً لدرجة أن تحليل عينة من إ حدى الصفقات ظلت أكثر من شهر علماً أن المنطق يقول يكفي ثلاثة أيام لأن مدة الصلاحية لاستهلاك اللحوم المبردة ثلاثة أشهر فقط...
ثم أين العائد الاقتصادي لتصدير العواس السوري, وهذا السلوك مسؤول إلى حد كبير عن ضعف القوة الشرائية للمواطن لأن اللحوم البلدية جزء أساسي من سلة غذاء الأسرة السورية وكلما زاد الانفاق على طرف من هذه السلة سيصيب باقي أجزائها بالضرر وبالنتيجة يؤثر في دورة الاقتصاد الكلي ويصيب الأسواق بالكساد سواء علمنا أم لم نعلم...
- أما الجهة الأخطر...فهي مافيا اللحوم المهربة التي تجوب الأسواق عرضاً وطولاً وعلى مرأى الجميع وهي منتهية الصلاحية ومصادرها تمتد من الصين إلى البرازيل..
وهنا نأتي إلى مذكرة جمعية اللحامين الموجهة إلى وزارة الاقتصاد عن طريق اتحاد الحرفيين بتاريخ 8/5/2010م والتي تؤكد أن دمشق كانت تستهلك خلال عشر سنوات 993-2003 نحو 5000 ذبيحة يومياً عن طريق المسلخ البلدي بالزبلطاني ومنذ عام 2003م وحتى اليوم أصبح مايدخل عن طريق المسلخ بحدود ألف ذبيحة فقط...أي أن الفاقد80٪ يتم تغطيته بإغراق السوق باللحوم المهربة بكل أشكالها وأنواعها ويتم خلطها وتغطيتها باللحوم النظامية..
وتضيف المذكرة: في هذه الأيام تعلق اللحوم المبردة المهربة على مرأى الجهات المعنية بالبرادات الخاصة بالواجهة ولحم الغنم الصيني يباع في محال المشوي والصفائح وبعض المطاعم....
مشيرة إلى أنه رغم الحاجة الماسة باستيراد اللحوم لاتزال اللحوم المهربة غير الصالحة للاستهلاك البشري تتدفق على أسواقنا بغياب الرقابة أو إغماض عينها عنها...
- أما الحلول السريعة المقترحة لأزمة اللحوم المفتعلة فهي لمصلحة المستهلك والتاجر وإذا كانت قناة تجار اللحوم مغلقة على أبطالها المعهودين فهي ستشكل حكراً جديداً لصالحهم دون غيرهم... ولهذا لابد من وجورد التنافس الحقيقي بين الكبار والصغار ليصب في مصلحة المستهلك والاقتصاد المحلي قبل أن يصب في صالح الآخرين...
وحسب مذكرة اللحوم فإن المطلوب :
- تسهيل معاملات استيراد اللحوم وخفض الرسوم الجمركية وعدم التأخر في فحص العينات.
- ايجاد كادر كاف للرقابة من مديريات التجارة الداخلية والشؤون الصحية حيث لايوجد إلا طبيب بيطري واحد فقط والسوق يتطلب العشرات..
- تواجد دوريات الرقابة أيام العطل والأعياد لعدم إتاحة الفرصة لضعاف النفوس (؟؟).
وبدلاً من صراع الديوك بين أطراف ثلاثة تحكم قبضتها على السوق...طرف يريد الابقاء على التهريب وثان يريد قناة التصدير لوحده وثالث يريد التفرد بقناة الاستيراد...
بدلاً من ذلك نسأل : أين استراتيجية وزارة الزراعة المعلنة للجمهور للتعامل مع الثروة الحيوانية اتجاه الحاضر والمستقبل...فخيار استيراد المنتجات الحيوانية بأقل من تكلفتها محلياً قد لايكون حلاً بعيد المدى...وفي بلد يفتقر لمصادر تمويل ثابتة ومستمرة.. وإن كان ذلك حلاً سريعاً لحماية المستهلك وتخفيف الضغط على الموارد الطبيعية.
والحل الدائم هو بدعم المنتجين للثروة الحيوانية وابتكار أساليب علمية تعطي جدوى اقتصادية للانتاج الحيواني بمافيه مردوده من اللحوم والحليب وخفض كلفة مستلزمات التربية والتسمين..
قاسم البريدي
المصدر: الثورة
التعليقات
مدينة الياسمين
إضافة تعليق جديد