«الفاخورة» فضائية عربية جديدة لدعم حياة أطفال غزة
في ظل السيل الفضائي العربي الذي أغرق المشاهد في متاهة فضائية إخبارية عصية على التفسير، وغير قابلة للتحليل، حتى مع وجود هذا الكم الكبير من المفكرين والمحللين الاستراتيجيين الذين تغص بهم الشاشات لحظة وقوع الفاجعة... أي فاجعة، أطلت فضائية «الفاخورة» الاثنين الماضي بمبادرة من حرم أمير دولة قطر موزة المسند لحماية طلاب قطاع غزة.
و«الفاخورة» تهدف الى دعم حق أطفال غزة في التعليم بعدما دمر الجيش الإسرائيلي عدداً من مدارس القطاع، وهي تستمد اسمها مباشرة من المدرسة التابعة لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين في غزة التي استهدفتها إسرائيل في غمرة حربها الوحشية على القطاع، ما أدى إلى استشهاد 43 مواطناً لجأوا إليها هرباً من القصف الإجرامي العشوائي. من هنا أهمية هذه القناة الجديدة التي وإن كانت ستكتفي بالبث ستة أيام فقط بمعدل ثماني ساعات يومياً على القمرين «نايل سات» و«عرب سات»، تسد ثغرة في البث الفضائي العربي، خصوصاً ان أيام العدوان على غزة كشفت عجزاً كبيراً في تسويق الخطاب الإعلامي العربي وصل الى ذروته بالتأكيد مع رفض محطة «بي بي سي» بث نداء الاستغاثة الخاص بمساعدة القطاع المنكوب، على رغم الاحتجاجات الكثيرة التي جاء بعضها هذه المرة من قلب بريطانيا الرسمية والشعبية نفسها. في المقابل أخذت محطة «الجزيرة» الناطقة بالانكليزية على عاتقها مهمة بث نداء الاستغاثة «المنبوذ» لتسد فراغاً فضائياً أوجدته المحطة الانكليزية العريقة. فراغ ما كان ليحدث لو تمكن البث الفضائي العربي أن يطور في أوقات فراغه الكثيرة في المرحلة الماضية، ملامح جديدة لخطاب لا تعود مهمته إقناع الضحية بمدى الظلم والحيف جرّاء كل اعتداء يلحق بها على يد هذا «العدو» أو ذاك.
قناة «الفاخورة» مبادرة لافتة يؤمل منها ألا تنضم إلى القنوات العربية الأخرى التي بالغت في النحيب والعويل على الضحايا من دون أن تأبه لرسم مخرج حقيقي أمام هؤلاء على الأقل في تسويق صورة تليق بهم إلى عقل العالم ووجدانه.
بهذا المعنى نعتقد أن رفض «بي بي سي» جاء في محله ليفرض علينا طريقة مختلفة في التفكير الإعلامي لا يعود يصلح معها التفجع على الأرامل واليتامى والثــكالى بطريقة تفقد كل هؤلاء بريق «الأنسنة» المقنعة لكل من يتابع مأســاتهم على شاشات التلفزيون.
وإذا كانت «الجزيرة» الناطقة بالانكلــيزية أخــذت على عاتقها مهمة بث النداء، فهذا لأنه يفترض بها أن تكون ســـباقة ومبادرة، لا أن تنتظر رفض «بي بي ســـي» كي تقوم هي وتبادر، وإلا لماذا تبث باللغة الانكليزية أصلاً؟
فجر يعقوب
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد