لبنان: مجلس الوزراء يقرّ إقامة علاقات دبلوماسيّة مع سوريا
خلافا لما كان متوقعا، ساد جلسة مجلس الوزراء اللنباني أمس هدوء »ما بعد العاصفة »، وتجاوز التضامن الوزاري بنجاح أول اختباراته، بعدما سُحبت »فتائل المواجهة« من قاعة الاجتماع في قصر بعبدا تتويجا لاتصالات جرت قبل الجلسة من أجل تأجيل البحث في بعض المسائل الخلافية، واحتواء البعض الآخر، ما دفع أحد الوزراء الى القول: »في العادة، كلام الليل يمحوه النهار، هذه المرة كلام النهار محاه الليل«.
وقد لعب رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان دورا رئيسيا في إدارة »دبلوماسية التهدئة«، وفي ضبط إيقاع الجلسة التي انتهت الى قرار عملي وحيد يتعلق بإقرار رسمي للعلاقات الدبلوماسية مع سوريا وإنشاء سفارة لبنانية في دمشق، إضافة الى الاعلان عن عزم الرئيس فؤاد السنيورة على توجيه كتاب الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون حول التهديدات الاسرائيلية ضد لبنان.
وأكدت مصادر وزارية لـ»السفير« ان النقاش تم بطريقة هادئة وجدية والوزراء تصرفوا بروح المسؤولية، لافتة الانتباه الى ان كلا منهم شرح وجهة نظره بطريقة متزنة بعيدا عن الصخب والانفعال.
وفي حين أرجئ تعيين قائد للجيش، وطلب سليمان إرجاء البحث في موضوع إنشاء مقر لمكاتب وزراء الدولة ونائب رئيس الحكومة وتجنب اللواء عصام ابو جمرة إثارة إشكالية تحديد صلاحياته تجاوبا مع رغبة رئيس الجمهورية، عُلم أن مسألة صلاحيات الوزراء قد أثيرت على خلفية الملابسات التي رافقت زيارتي الرئيس السنيورة الى مصر والعراق، وطالب الوزراء أصحاب الشكوى بان تكون هناك ضوابط في هذا الشأن، وقد جرى الاتفاق على وجوب احترام صلاحيات كل وزير وحدود اختصاصه.
وطرح وزير الصناعة غازي زعيتر مسألة استبعاده عن رحلة الاسكندرية محتجا على اجتماع الرئيس السنيورة الى وزير الصناعة المصري في غيابه، فأوضح له رئيس الحكومة ان الجانب المصري لم يبلغه مسبقا خلال التحضير للزيارة بان وزير الصناعة سيكون حاضرا في المباحثات، مشيرا الى انه فوجئ بحضوره.
وحسب المعلومات، فان وزير الاتصالات جبران باسيل طلب بدوره ان يسحب من جدول الاعمال موضوع المصالحة المنجزة في الماضي مع شركتي الخلوي وإعفائهما من الضرائب، وذلك احتجاجا على إدراجه ضمن جدول الاعمال من دون علمه وهو الوزير المختص، واعتبر باسيل ان إبرام المصالحة وإقرارها في احدى الحكومات السابقة لا يعفي من وجوب طرح المساءلة حول أسباب ما حصل، ومن يتحمل مسؤولية استسهال دفع أموال للشركتين، بينما تُحجب عن أصحاب الحقوق من موظفي الدولة.
وفي إطار التمهيد لاجواء التهدئة، علم ان غداء جمع نائب رئيس الحكومة وزير الطاقة القطري عبدالله العطية ونائب رئيس مجلس الوزراء عصام أبوجمرة والوزراء فوزي صلوخ وآلان طابوريان ومحمد الصفدي في أحد مطاعم وسط بيروت، بدعوة من صلوخ، ويبدو ان عطية تمنى خلاله التهدئة والابتعاد قدر الامكان عن التشنج.
- أما موضوع تعيين قائد للجيش، فلم يُطرح لا من قريب ولا من بعيد على طاولة مجلس الوزراء، في انتظار المزيد من المشاورات بهذا الخصوص، علما ان مصادر واسعة الاطلاع أكدت ان التداول الجدي اصبح محصورا باسمي ضابطين، ويفترض ان يتم البت نهائيا بهذا الموضوع في جلسة مجلس الوزراء المقبلة، مشيرة الى ان التأخير يؤدي الى الارباك في المؤسسة العسكرية، فضلا عن ان الوضع الامني بات يتطلب حسم هذه المسألة بالسرعة القصوى.
وقالت المصادر ان عقدة الخلاف التي ما زالت تؤخر التعيين، لا تكمن في ما بين الموالاة والمعارضة، بل هي في داخل الموالاة لانقسام الرأي فيها حول الضابطين المرشحين. واشارت المصادر في هذا الاطار الى مشاورات على هذا الصعيد مع النائب وليد جنبلاط الذي يختلف رأيه عن رأي حلفائه في الموالاة حول احد المرشحين.
والى جانب هذه الاعتبارات، لفت أحد الوزراء الانتباه الى انه، ووفقا للقانون ، فان قائد الجيش بالإنابة تُصرف له تعويضات القائد الاصيل في حال مرت ثلاثة أشهر على تولي مهامه بالإنابة، وبالتالي فان اللواء شوقي المصري يكون قد أتم هذه المدة يوم الاثنين المقبل.
يشار الى ان خلوة بين رئيسي الجمهورية والحكومة سبقت جلسة مجلس الوزراء واستمرت ثلاثة ارباع الساعة ، وقد استهل الرئيس سليمان الجلسة بالتشديد على ضرورة التنسيق الدائم والمتواصل بين الوزراء في مراعاة اختصاص كل منهم، وتحدث عن اهمية جدول الاعمال وخاصة عن القرار بإقامة العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسوريا.
ثم تناول الرئيس السنيورة التهديدات التي اطلقتها اسرائيل فأكد انها مرفوضة ومستنكرة، وان دلت على شيء فعلى ما تبيته تجاه لبنان، وهي تختلق الذرائع للاعتداء عليه وعلى شعبه. واضاف: ان لبنان ملتزم بالقوانين الدولية والقرارات الشرعية، وهو ليس معتديا بل معتدى عليه، وعلى اسرائيل ان تحترم القرارات الدولية وان تنفذها. كما أطلع المجتمعين على النتائج التي حققتها زيارتاه الى مصر.
- في هذا الوقت، برز على الصعيد النيابي التوجه لدى رئاسة المجلس النيابي لبت التقسيمات الانتخابية المتفق عليها في الدوحة، في الجلسة التشريعية التي حددها الرئيس نبيه بري الثلاثاء المقبل، وذلك من خلال إدراجه على جدول اعمال الجلسة الاقتراح المقدم من النائب امين شري لاعتماد القضاء دائرة انتخابية، ما يعني تطبيق احد ابرز بنود اتفاق الدوحة، وبالتالي اطلاق الرصاصة الاخيرة على قانون الالفين وعلى مراهنة بعض الفرقاء المحليين والخارجيين على اجراء الانتخابات المقبلة على اساسه.
ويبرز في الجلسة ايضا، مشروع يتعلق باستحداث مديرية الدين العام في ملاك وزارة المالية، ومشروع يتعلق بإعفاء جميع شركات الطيران النظامية والعامة العاملة في مطار رفيق الحريري الدولي ـ بيروت من بدلات الهبوط والانارة والايواء وبدلات الاشغال، واقتراح يرمي الى تنظيم علاقة المالك مع المستأجر على اثر الاحداث الحاصلة اعتبارا من ١٢/٧/٢٠٠٦ ، واقتراح تمديد مفعول قانون الايجارات رقم ١٦٠/.٩٢ واقتراح يرمي الى اعفاء مادة المازوت من الضريبة على القيمة المضافة.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد