لبنان: عون يرفض تفسير موسى والجميل يتضامن مع أشلاء الإسرائيليين

22-01-2008

لبنان: عون يرفض تفسير موسى والجميل يتضامن مع أشلاء الإسرائيليين

بدا «الانسجام» واضحاً بين الأكثرية والمعارضة اللبنانية في تقديم استنتاج مشترك حول وصول المبادرة العربية في حل الأزمة اللبنانية الى أفق مسدود، ولو أن الجانبين قد اختلفا في تحديد المسؤول عن إيصالها الى ما وصلت اليه، على أن يشكل الاجتماع العربي في السابع والعشرين من الجاري محطة مفصلية يتقرر في ضوئها المنحى الذي سيسلكه العرب في التعامل مع الأزمة اللبنانية، وما إذا كان هناك من سيبادر، في حال تقاعسوا، الى ملء الفراغ، كما حصل في مرّات سابقة.
وبينما طغى الموضوع الفلسطيني على اهتمام الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، بعد عودته الى القاهرة، شهدت بيروت فصلاً جديداً من فصول الاشتباك السياسي، كان اللافت للانتباه، أنه تناغم مع ما قاله السفير الأميركي جيفري فيلتمان، حيث وجه انتقادات حادة الى الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، على خلفية خطابه الأخير وما تضمنه في موضوع أشلاء وبقايا الجنود الاسرائيليين، ونقل من التقوا عن فيلتمان قوله كلاماً يتطابق في مضمونه مع كلام مسؤولين اسرائيليين، واستخدامه مفردات بينها «الاشمئزاز» و«الاستنكار» و»هول ما سمعناه» الخ...
ولم يقتصر الأمر على فيلتمان وقبله عدد من المسؤولين الاسرائيليين، بل ردّد «العبارات» نفسها عدد من قياديي الأكثرية ولا سيما الرئيس أمين الجميل «بتكليف من قوى الرابع عشر من آذار ومن الأميركيين مباشرة»، على حد تعبير مصدر مقرب من فريق الأكثرية. واستدعى الأمر ردوداً من «حزب الله» الذي أخذ على البعض أنه لم يبد «الحماسة» نفسها في التعاطف مع الفلسطينيين في قطاع غزة، ولا حتى انتابه «القرف» مما صنعت أيديه وايدي اسرائيل في صبرا وشاتيلا قبل ربع قرن تقريباً!
في هذه الأثناء، قال مصدر دبلوماسي فرنسي رفيع المستوى قوله ان باريس طوت نهائياً ملف تدويل الأزمة في لبنان، وذلك في اشارة مناقضة لما كان قد أعلنه وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير من الرياض قبل اسبوع بأن الملف اللبناني قد ينقل إلى الأمم المتحدة إذا فشلت المبادرة العربية.
وقال المصدر الفرنسي نفسه إن فكرة التدويل «ولدت ميتة». ورفض فكرة قيام الأمم المتحدة باستصدار قرار يلزم المؤسسات الدستورية اللبنانية انتخاب رئيس جديد للجمهورية أو تكريس حكومة الرئيس فؤاد السنيورة «لأنها الحكومة الشرعية ولا تحتاج إلى قرار دولي جديد، كما أنه لا توجد أي دلائل على تدخل أجنبي مباشر لمنع الانتخابات الرئاسية التي تغلب على العجز في إجرائها عناصر تأزم داخلي بالدرجة الأولى».
ورفض المصدر الدبلوماسي الفرنسي اعتبار سابقة تدخل مجلس الأمن الدولي في شاطئ العاج وتـعيين رئيس انتقالي للوزراء، رغماً عن معارضة الرئيس لوران غباغبو مرجعية صالحة للاستنساخ بسبب تعقيدات الوضع اللبناني ومنها مرابطة آلاف الجنود الفرنسيين والأوروبيين والدوليين في الجنوب اللبناني والخشية من ردود الفعل المرتقبة على وجودهم «وهذا كله يجعل من التدويل مخاطرة غير محسوبة».
وتوقع المصدر الفرنسي انسداداً مديداً في الأزمة اللبنانية، وقال إن فرنسا تعتبر أن المبادرة العربية قد فشلت وأن اجتماع وزراء الخارجية العرب في السابع والعشرين من الجاري في القاهرة لن يؤدي إلى نتائج باهرة ولن يكون قادراً على إحداث أي اختراق جدي في جدار الأزمة اللبنانية. 

لبنانياً، أعلن رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون أن المعارضة اللبنانية ترفض رفضا قاطعا التفسير الذي قدّمه الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى للمبادرة العربية، وقال إن المعارضة «ترفض التفسير المعطى ولو حظي بتغطية كل العرب، ولا حرج لدينا في إبداء رأينا بصراحة».
وحمّل عون عمرو موسى «مسؤولية قطع الطريق امام المبادرة العربية، وذلك من خلال التفسير الذي قدمه لها (13+10+7) والذي لا يتلاءم مع حقيقة مضمونها»، وأشار الى ان نص المبادرة واضح «ونحن نحسن قراءة اللغة العربية جيداً، أما إذا أصبحت هناك لغتان عربيتان، فهذا شأن آخر».
وأوضح عون أن قيادات المعارضة ستجتمع خلال يومين، متجنباً الخوض في طبيعة الخطوة التالية التي سيتم الإقدام عليها، «لأننا هذه المرة لن نتكلم عن تحركات على الأرض إلا متى قررنا ان نباشر فيها فعلاً».
وقال عون رداً على سؤال «نحن نريد 11 وزيراً حتى لا ننزل الى الشارع».
وجاء موقف عون المفوض الحوار باسم المعارضة، غداة مغادرة موسى بيروت عائداً الى القاهرة، حيث بدأ مساعده السفير هشام يوسف بإعداد مشروع تقرير سيقدمه موسى الى الاجتماع الوزاري العربي الذي سيعقد في القاهرة في السابع والعشرين من الجاري، لاستعراض نتائج جهود الأمين العام في بيروت.
وقد أطلع موسى، أمس، الرئيس المصري حسني مبارك ووزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط على نتائج مشاوراته مع المسؤولين اللبنانيين والسوريين، وأعلن متحدث رسمي باسم أبو الغيط أنه توافق مع موسى على أهمية الاجتماع الوزاري العربي لمتابعة الوضع اللبناني، كما شدد الوزير المصري على حرص بلاده «على إنهاء الأزمة اللبنانية بأسرع وقت ممكن حتى لا يتسبب الفراغ الرئاسي في زيادة حالة الاحتقان والتوتر الداخلي».
ورداً على سؤال حول إمكان عقد قمة عربية طارئة في القاهرة، وهل ستعقد القمة العربية في موعدها في نهاية آذار المقبل في دمشق، أكد موسى أن القمة مقررة في موعدها السنوي وفي مكانها المقرر في دمشق وفقاً لقرار القمة العربية الحالية في الرياض «فلا مناقشة في هذا الموضوع وإذا كانت هناك تحديات فإنها تشكل أسباباً تتطلب عقد القمة في موعدها».
ونقلت وكالة «يونايتد برس انترناشيونال» عن دبلوماسيين عرب تأكيدهم المعلومات حول اتصالات عربية هادئة من أجل عقد قمة طارئة في القاهرة تخصص للموضوع الفلسطيني أولاً واللبناني ثانياً.
وقال مصدر بارز في قوى الأكثرية إن النائب سعد الحريري أبلغ بدوره، عمرو موسى ومساعديه أنه يرفض متابعة الحوار مع ميشال عون في ضوء تجربة الحوار الأولى معه وما تلاها من مواقف صبّت في خانة تعطيل المبادرة العربية.
أضاف المصدر إن وزراء الخارجية العرب مطالبون بتحميل المعارضة اللبنانية ودمشق مباشرة ومن دون مواربة تبعات التعثر الذي أصاب تحرك موسى، «لأنه لم يعد جائزاً مواصلة تمييع الأمور»، وكشف المصدر نفسه ان موسى كان قد أعد في السابق تقريراً يحمّل المعارضة مسؤولية عرقلة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في المرحلة التي سبقت ترشيح العماد ميشال سليمان الى رئاسة الجمهورية ولكن ضغوطاً مورست آنذاك حالت دون ولادة التقرير، آملا في أن تكون المعطيات قد تغيرت اليوم.
من جهته، رأى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط أن المحكمة الدولية «كانت ولا تزال العنوان الأساس للصراع مع النظام السوري وحلفائه في الداخل». أضاف خلال حفل عشاء تكريمي اقامه في دارته في كليمنصو على شرف السفير الأميركي جيفري فيلتمان «بشار الاسد وأعوانه في لبنان سيقومون بكل ما بإمكانهم لإلغائه سياسياً وجسدياً ولإلغاء المحكمة الدولية».
وقال جنبلاط إنه ليس مقتنعاً بنظرية تغيير سلوك النظام السوري «التي أثبتت عدم جدواها، لأن بقاء هذا التغيير من دون إعطاء الفرصة للتغيير داخل سوريا الأسيرة والسجينة لن يعطيها أي أمل في التغيير، ولن يكون تالياً للبنان اي أمل في الاستقرار والسيادة والحرية». وختم بالقول «سنفتقدكم يا سعادة السفير، سنفتقدك يا عزيزي جيف».
وفي «عظته الأسبوعية» عبر مجلة «الأنباء»، انتقد جنبلاط السيد حسن نصر الله من دون ان يسميه، وسأل «ماذا يفسر كلام بعضهم مؤخراً عن الأشلاء وعن التهديد بمعارك تغيّر وجه المنطقة، ودائماً من لبنان؟ فهل هذا يعني أننا قادمون على حرب جديدة لإعادة تحرير الجنوب مرة أخرى مع كل ما عناه ذلك من تدمير وخراب وخسائر بشرية واقتصادية؟ أليس هذا هو التطبيق العملي لنظرية لبنان الساحة؟».

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...