ثلاثة آراء في مسرحية «سوبر ماركت»
- أضواء المسرح تتلألأ في سماء دمشق.. والمسرح يستعيد علاقته الحميمة بالجمهور، مثلما الغيوم تتكاثف في كانون وتنهمر خيراً ومطراً يعيد الحياة إلى بردى والألق إلى دمشق كذلك جاءت مسرحية سوبر ماركت فأعادت الحياة إلى المسرح وتألقت أضواؤه جاذبة أعداداً غفيرة من جمهور المشاهدين.
ذلك الجمهور الذي احتشد على شباك تذاكر صالة الحمراء، وتدافعت جموعه عبر ممرات الصالة وأروقتها فكان عدد من يقف للمشاهدة لايقل عن عدد من أنعم الله عليهم بالفوز بكرسي حجزوه قبل ساعات من بدء العرض وربما قبل أيام .
مسرحية سوبر ماركت التي أعدها وأخرجها الفنان أيمن زيدان من تأليف الكاتب المسرحي الايطالي داريوفو الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1997 والذي ولد في روما 1926 فلم تكن هذه المدينة لتشهد ولادته فحسب بل شهدت شهرته الواسعة وانطلاقته التي شملت كافة أرجاء أوروبا حتى أطلق عليه لقب(الرحالة المسرحي) مستفيداً من بساطة مناظر عروضه وإمكانية تقديمها في أي مكان حيث تنقل برفقة زوجته (فرانكا راما) وبصحبة الفرقة المسرحية التي أسساها معاً، وداريوفو إضافة إلى أنه كاتب مسرحي فقد كان ممثلاً ومخرجاً بارعاً فكتب وأخرج ومثل وقدم للجمهور عروضاً عديدة مثل «الأكمة والكسيح»و«الرجل العاري والرجل بثياب السهرة» و«اسرق أقل رجاء »و «موت فوضوي صدفة» و«ليس للصباغين ذكريات» و «مستر بوفو» و«لاندفع الثمن» و«سوبر ماركت» التي تعرض حالياً على مسرح صالة الحمراء بدمشق، ويلاحظ الناقدون الأدبيون وكذلك المسرحيون أن معظم الشخصيات في مسرحيات داريوفو هم من الفقراء والمظلومين الذين سلبهم الأقوياء حقوقهم وكرامتهم وأنه قد وقف معهم وناصرهم في أسلوب ساخر ناقد مطالباً بتحقيق العدالة الاجتماعية التي تحدث عنها في أكثر من موضع(أنا لاأهتم بالسياسة قدر اهتمامي بالعدالة )،
مسرحية «سوبر ماركت» جديدة في رؤية أيمن زيدان قديمة في عهده بها فقد قدمها للجمهور في عام 1992، واليوم يعيد تقديمها ضمن رؤية فنية درامية واسعة فيها الكثير من الحذاقة والخبرة الفنية، ورغم أنها تتناول أحوالاً اجتماعية قاسية إلا أنها عرضت في قالب كوميدي ومواقف مضحكة سلبت الأحداث مافيها من ألم ومعاناة وهي تتحدث عن ارتفاع أسعار المواد التموينية في روما وثقل الحياة اليومية على الناس في أحد الأحياء مما دفعهم إلى سرقة سوبر ماركت ونهب مافيه من سكر ورز ومعكرونة، فتجري أحداث المسرحية حول محاولة الحكومة لاستعادة المسروقات مستنفرة لذلك جميع أجهزتها الأمنية المختصة وغير المختصة وإذ تقف شخصية المواطن الشريف التي تعبر عن رفضها لهذه الواقعة على الرغم من المعاناة في الغلاء وارتفاع الأسعار وتمسكها بالأخلاق والفضيلة، إلا أن الأمر ينتهي بهذه الشخصية الى القناعة التامة بما جرى لتقوم بدورها وتسرق من أكياس الرز والسكر إثر ارتطام الحافلة بحافلة أخرى وبيان أنها كانت معدة للتهريب.
في الفضاء المسرحي ظهرت العناية الشديدة في تنفيذ الديكور حيث امتلأت خشبة المسرح بالأدوات التي أظهرت غرفة نوم تحتوي على السرير والخزانة وغرفة الجلوس تحتوي على الطاولات والكراسي وغرفة مطبخ توزعت فيها أدوات الطبخ من براد ومغسلة ومرتبة الصحون والرفوف، وبالطبع لايتفق هذا مع ماسبق وتحدثنا عنه حول بساطة مسرح داريوفو لاسيما عندما نفكر بتلك الشبكة من أنابيب الصرف الصحي وكيف توزعت وتداخلت في سقف خشبة المسرح للدلالة على أن المكان هو قبو تسكن فيه أسرة جيوفاني.
في المعالجة الفنية يظهر الجهد الكبير والخبرة التي أغدقها أيمن زيدان على المسرحية إعداداً وإخراجاً وانتقاء ممثلين حيث شاركه في تقديم العرض: شكران مرتجى ـ محمد حداقي ـ فادي صبيح ـ أسيمة أحمد ـ حازم زيدان و طالب عزيزي، يضاف إليهم مجموعة من العاملين في الصالة، وربما نلاحظ أن المسرحية لم تستفد من دلالات الألوان في الإضاءة على الرغم من الأداء العالي في تنفيذ السينوغرافيا، وبالطبع لم يكن ذلك إهمالا لهذه الدلالات بل لأنه تم الاعتماد على طريقة أخرى جعلت الألوان تصرخ على خشبة المسرح من خلال موجودات المنزل التي تلونت بالأحمر والأصفر والبرتقالي والأزرق والأبيض بشكل فاقع حتى جيوفاني يرتدي قميصاً أبيض مزركشاً بالأحمر والبرتقالي، وترتدي زوجته أنطونيا فستاناً أحمر فظهر التجانس بين لباسها ولباس زوجها في الصورة الجدارية وعلى خشبة المسرح.
لقد ظهرت تأثيرات المحطات الفضائية والصورة العصرية للمسرحية من خلال الإعداد حيث نجد (مع الوزراء مش حتقدر تغمض عنيك) وكذلك (لازم تعاملو الناس بشكل حضاري. ماذا تقول ؟ بشكل حضاري عم تتفرج على الجزيرة ياملعون)، وكذلك كثرت فيها القفشات المسرحية التي قابلها الجمهور بالكثير من التصفيق مثل(نحن لشو عم نشتغل من أجل كم متعهد وكم حرامي وكم تاجر فاسد)، وكذلك انتشرت فيها الكوميدية المضحكة فكانت الكوميديا التي تعتمد على الموقف مثل انزلاق الرقيب «محمد حداقي» على خشبة المسرح وتفاجؤ جيوفاني بزوجته أنطونيا وقد أصبحت حاملاً وكذلك كانت الكوميديا التي تعتمد على الكلمة مثل (هذا متفرج ببطاقة دعوة ـ قاعد ببلاش وماعاجبه)، كما كثرت فيها العبارات الخطابية ذات الصدى (أنا شايف كل شي حولي، أنا شايف روما التي امتلأت مولات وسنترات نحن الفقراء مافينا نفوت عليها)، وكذلك(هذا بيتي لن أخرج منه أنا أدافع عن وطني وأحميه ولازم وطني يدافع عني ويحميني )، وربما عمل العرض المسرحي على هز أجساد المشاهدين بالضحك طوال ساعتين إلا أنه عمل على هز وجدانهم في اللحظات الأخيرة حين راح جيوفاني «أيمن زيدان» بصوته المسرحي الرنان يعلن عن تمسكه بمنزله وعدم مغادرته وراحت المجموعة تردد مايقول كل على طريقته.
- في «سوبر ماركت» بين وقار المسرح وعظمته.. ومتطلبات الجمهور
أيمن زيدان يمسك العصا من منتصفها
يحق لنا ان نستمتع بالمسرح ونشاطر المخرج أيمن زيدان كلمته «أتمنى ان نستمتع معاً» التي اختصرها هكذا بأربع كلمات.. فالجدية الكاملة صارت رديفاً للموت في هذه الأيام.. والضحك وسيلة لمقاومة اليأس والاحباط..
وحين أغرانا الفنان أيمن زيدان بحضور عرضه المسرحي «سوبر ماركت على خشبة الحمراء» بسبب نجوميته الدرامية كانت دمشق خارج المسرح تعيش لحظات الشتاء القارس وتحضر ذاتها لاستقبال عامها الثقافي الجديد، باعتبارها عاصمة للثقافة العربية. حين تعود الحياة للمسرح تصير الأقبية شرفات عليا تطل على الفرح والحياة، وحين يعود ممثلونا الى المسرح ننسى كل أحاديثنا عن أزمة المسرح، ونغفر للحكومات المتعاقبة لامبالاتها تجاه المسرح القومي، و«سوبر ماركت»، هذا العرض الكوميدي تمكن أصحابه من جلب الجمهور رغم صقيع كانون وحزنه الكبير.. لابل امتلأت الصالة بعدد كبير من الأطفال وامتثل هذا الجمهور الباحث عن الضحكة لرجاءات مدير المسرح الزميل سمير المطرود فأغلق هواتفه النقالة وامتنع عن كل أشكال التصوير.
لم أشعر ان الفنان أيمن زيدان في هذا العرض نجم تلفزيوني فقد عاش الشخصية وكأنه لم يفارق الخشبة لحظة واحدة، وهذا العرض الكوميدي الذي يعتبر من النصوص الخفيفة التي كتبها: دار يوفو استطاع زيدان ان يبقيه في الحدود الكوميدية المقبولة أي لم ينزلق فيه الى حدود المسرح التجاري الرخيص وأيضاً لم يكن على مستوى عروض كوميدية قدمها القومي من عيار «دبلوماسيون» مثلاً فقد أمسك أيمن زيدان العصا من المنتصف ووازن قدر ما يستطيع بين وقار المسرح وعظمته ومتطلبات الجمهور الباحث عن ضحكة في هذا الصقيع الشتائي..
كانت مضامين النص السياسية والاجتماعية مطواعة بين يدي المخرج زيدان فغلاء الأسعار الجنوني دفع الناس لاقتحام السوبر ماركت وسرقته، تستنفر الحكومة جهاز الشرطة لتفتيش البيوت والبحث عن البضائع المسروقة وتبدأ المفارقات من منزل جيوفاني ذلك العامل الفقير الممثل للشرف والخضوع للقانون الحكومي السائد..
لست في وارد تعداد مضامين الحدث المسرحية فالمواجهة كانت حادة بين الضمير الذي مثله جيوفاني والجوع المعربش على الحياة، جاءت الكوميديا في العرض وكأنها سخرية مضاعفة.. ضحك أولي للبقاء وضحك نهائي على الأحوال المأساوية وبين الضحكتين كان أكل الكلاب مشروعاً للجائعين الباحثين عن لقمة شريفة.
شكران مرتجى التي لعبت دور زوجة جيوفاني والتي نسيت أيضاً لون كاميرا التلفزيون في هذا العرض شاهدناها تميل للمسرح باعتباره اختباراً جدياً لأدوات الممثل ووازاها في هذا الاختبار جودة لابل تفوقاً على الجميع الممثل محمد حداقي الذي لعب أكثر من شخصية في هذا العرض..
سؤال عميق تضمنه هذا العرض يتعلق بإمكانية وصول الناس لمرحلة السرقة بسبب الغلاء والجوع.. وعرض هذا السؤال على ألسنة الشخصيات عبر الحدث المسرحي كان ضرورياً جداً ليبقى المسرح فسحة للاستمتاع والتثقيف معاً.
لفت انتباهي أثناء العرض تلك الاشارة «الثقيلة» التي أطلقها الفنان أيمن زيدان عبر العرض ضد المثقفين الذين يمكن ان لا يعجبهم العرض وصفق الجمهور الحاضر لتلك الجملة «الثقيلة» ولا أعرف لماذا يصر الفنان أيمن زيدان على أن يكون عرضه حائزاً على الاعجاب بالاجماع؟..
ترى هل تنقص قيمة العرض المسرحي شيئاً إذا انقسم الحضور بالنصف تماماً بين مؤيد، معجب، وغير مؤيد وغير معجب وقد شاهدت الكثير من العروض التي لم تعجب البعض وأعجبت البعض هذا من جهة، ومن جهة ثانية هناك تخوف من سيادة شكل كوميدي واحد على عروض القومي لا سيما ان هناك من يعتقد ان الجدية الزائدة لم تعد تلائم العصر الحالي، ولكي نأتي الجمهور لابد من بعض الطراوة والتساهل في شروط العروض الفنية وأظن ان دوافع هذا التساؤل نابعة من عدم حضور لعروض القومي وعدم معرفة وأزمة عروض القومي السابقة ان تسويقها الاعلاني ضعيف ويبدو ان هناك حلحلة لهذا الموضوع وهذا ما لمسناه في هذا العرض..
بكل الأحوال نقول للفنان أيمن زيدان الذي لا يعترف بوجود ناقد فني في سورية ان عرضه هذا «سوبر ماركت» أعطانا فسحة لنتنفس بعض المسرح في هذا الزمن التلفزيوني وصرخة الشخصية المسرحية الكبرى المتعلقة بالأحوال المعيشية أظنها وصلت الى الحكومة لا سيما ان د. عبد الله الدردري نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية حضر العرض وهي ليست المرة الأولى التي نشاهده يتابع هذه العروض.. مع أن أحداث العرض تقع في روما، وليس في دمشق؟!..
د.طارق عريفي -مصطفى علوش المصدر: تشرين
- قبل افتتاح عروض مسرحيته «سوبر ماركت»، وجه الفنان السوري ايمن زيدان خطاباً نارياً ضد كل القائمين على المؤسسة الثقافية الرسمية. صمت الرجل طويلاً في المؤتمر الصحافي الذي عقد لاطلاق الموسم المسرحي، وعرضه. لم يتوقف عن التدخين في صالة مسرح القباني الصغيرة، فيما مدير المسارح والموسيقى الدكتور عجاج سليم، يتحدث عن خطته، ويجيب عن أسئلة الصحافيين.
بدا زيدان متريثاً وهو يطالب المسرحيين بألا يراهنوا على الحماسة بعد الآن، لأنه «رهان لم يعد كافياً ولا ممكناً»، معتبراً أن «مشكلة بعضهم تكمن في تعنّتهم تجاه رؤاهم»، في وقت يسود «الجهل المطبق بالصيغ القادرة على اعادة الجمهور إلى الصالات». لكنه لم يلبث أن انفجر، وكأن ما قاله لم يثلج صدره.
كشف أن مسرحيته كادت تتوقف، إذ قرر مع بقية الممثلين قبل وقت قصير من افتتاحها، الاستنكاف بعدما علموا أن الموازنة المرصودة لحملتها الاعلانية هي «50 ألف ليرة سورية» (ألف دولار تقريباً). استهجن كيف يحدث ذلك في حين أن «أجر موظف في مهرجان سينما، وفي بلد ليس فيه سينما، يصل إلى مليون ليرة»! لكن بعد تدخل وزير الثقافة، سوّيت الخلافات وارتفعت موازنة الحملة الاعلانية.
وفي سياق هجومه، اعتبر زيدان أن طريقة تعاطي المؤسسات الرسمية مع الفنان «محزنة»، مشيراً إلى أن شروط العمل في التلفزيون «ليست أكثر انسانية». ويقول عن ذلك: «دخلت والممثل الكبير سلوم حداد إلى التلفزيون السوري، وخرجنا منه، كقطين في محل جزّار»، في اشارة الى مقابلة تلفزيونية معهما حيث قوبلا بمعاملة غير لائقة من المسؤولين هناك، في وقت تتباهى فيه هذه المؤسسة وغيرها بانجازات الدراما السورية «مع أن لا يد لهم بها ولا بما تحققه».
وبعيداً من ثورته ونياتها الحسنة، لم يبتعد أيمن زيدان في مسرحية «سوبر ماركت» عن سياقات عمله السابقة. طغت الدراما الكوميدية على أعماله الأخيرة، وهو جاء إلى المسرح ليعدّ مسرحية كوميدية ويقدمها، مصطحباً ممثلين أساسيين عملوا معه في التلفزيون (شكران مرتجى ومحمد حداقي وفادي صبيح ومعهم أسيمة أحمد وحازم زيدان وطالب عزيز).
المسرحية التي كتبها الايطالي داريو فو، وترجمها الدكتور نبيل الحفار، وأعدها زيدان وأخرجها، وبدأت عروضها أخيراً، وكان المسرح القومي قدمها قبل 15 سنة.
حاول زيدان تجنيد كل أدوات الاضحاك التي لديه. أكثر من اللعب بالمفردات والجمل. ولم يتوان عن دغدغة الجمهور إذا لزم الأمر (عبر الايحاء بالخروج عن النص ومخاطبة الحضور، واعادته بعض المشاهد على انه أفلت الشخصية أو نسي الحوار). لكنه أغفل الحدث الذي ترتكز اليه المسرحية ومفارقاتها على أساسه؛ كيف يتحول موظف عصامي يلاحق زوجته على أي هفوة غير مبال بتردي الوضع الاقتصادي وارتفاع الأسعار، رافضاً أن يصير الفقراء سارقين حتى تحت وطأة مأساتهم، بدوره سارقاً.
يحدث ذلك بلمح البصر، بعد أن يخبره صديقه بأن المعمل خفّض أجور العمال وسيستغني عن خدمات بعضهم! وبدت الجملة التي قالها قبل انقلابه السريع (ينقلون الانتاج إلى الخارج لتخف تكاليفه) محشورة وتعكس مشكلة في اعداد النص، ومن دون أي مبرر لها، فهي لم تحدث تحولاً أو أثراً ملموساً في هيئة الشخصية.
لم يكن زيدان مضحكاً لأنه يؤدي نموذجاً عصامياً، ثم صار مضحكاً في شكل مختلف لأنه غادر عصاميته. كان الشخص نفسه، وأدواته هي ذاتها منقولة من عمله في الكوميديا التلفزيونية. تكاد المسرحية أن تكون شريطا مسجلاً من النكات التي تطلق من دون توقف، لا مكان فيها للحظة صمت. تغيب فيها الفرجة المسرحية لمصلحة «قفشات» المواقف والنكات، كان طبيعياً، مع حضور نجوم الكوميديا التلفزيونية، أن يتجاوب الجمهور مع خفة المفارقات، والتنكيت الذي بلغ حدّ التهريج أحياناً... بالضحك. جمهور ملأ الصالة وبقي قسم منه يتابع وقوفاً.
على رغم ذلك تخلل العرض بعض ومضات الأداء عند بعض الممثلين، وخصوصاً محمد حداقي الذي قدّم نموذجاً مختلفاً عما فعله زملاؤه، بلعب متقن على الشخصيات التي أداها (يؤدي بعض الممثلين شخصيات عدة في المسرحية) وفي شكل رفع سوية الكوميديا وزاد جرعتها. وما يلفت الانتباه في إعداد زيدان لنص المسرحية، هو ابقاؤه على الاسماء الايطالية ذاتها، سواء الشخصيات أو المدن، على رغم قوله سابقاً إن من اهم اسباب اعادة تقديمه المسرحية كون «المسائل التي تطرحها حول آليات السلطة وغيرها لا تزال ساخنة». ولما كان جريئاً إلى تلك الدرجة خلال المؤتمر الصحافي، فهل وجد أن تردي الوضع المعيشي، وملحقاته، لا يمكن اسقاطها، بالأسماء، على الواقع السوري؟ خصوصاً أن ذلك لن يزيد من المباشرة المركّزة التي غصّ بها العرض، بما فيه الديكور والملابس. أم ان زيدان يعتقد بأن المسائل المطروحة لا تزال ساخنة في ايطاليا؟!
وإذا كان الهدف من عودة زيدان هو اختبار قابلية الجمهور للتحول إلى متفرجين، بذريعة إعادتهم إلى الصالات، فالأمر لم يكن بحاجة إلى كل تلك المقدمات، خصوصاً في حضور أمثلة من قبيل المسرح التجاري وجمهوره. وإذا كانت النتيجة هي تحويل الخشبة إلى شاشة تلفزيون، أو تحقيق انتصارات للأخير في أراض ليست له وتعويضاً عن خسائر فيه، فذلك لن يزيد إلا في نعي المسرح السوري، الذي إذا لم تنعشه الحماسة فلن تفيده النيات الحسنة أكثر.
وسيم إبراهيم
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد