شركات الإعلان السورية تخترق حياة المواطن الخصوصية
الجمل- حازم كلاس: «تعلن محلات... عن تنزيلات الموسم الصيفي»، «هل تريد أن تفوز سورية.. صوت على الرقم..»، «اربح.. بالتصويت على الرقم».
«شركة.. تدعوكم لزيارة معرض..» وغيرها العشرات وربما المئات من الرسائل القصيرة «SMS» التي تصل الى هواتفنا النقالة أو من رسائل البريد الإلكتروني «E-mail» فتخترق خصوصيتنا وتزعجنا وتجبرنا على الاطلاع على أمور قد لا نكون راغبين أصلاً في معرفتها.
لا أحد يشك في أن رقم هاتفك الجوال هو رقم شخصي أنت تحدد لمن تعطيه، وأن بريدك الإلكتروني هو شخصي أيضاً ولا يحق لأحد أن يستخدمه دون أن تكون أنت من أعطاه اياه، فرقم هاتفك الجوال وعنوان بريدك الإلكتروني لا يختلفان عن رقم هاتف منزلك «الأرضي» أو حتى صندوق بريدك «العادي».
ولا أعتقد أن شركات الاتصالات والبريد كانت قبل دخولنا عصر الانترنت والهاتف الجوال تقوم بإعطاء رقم هاتف منزلك أو رقم فاكس مكتبك أو صندوق بريدك لأي شخص.. فقد كانت هذه الشركات تحترم خصوصيتك، فأنت عندما دفعت مبلغاً من المال لتحصل على رقم هاتف أو لتمتلك صندوق بريد لم تطلب ولم يكن من ضمن شروط شرائك لهذه الخدمات أن يتم نشر رقم هاتفك وصندوق بريدك وتعميمه على شركات الدعاية والإعلان. ومن ناحية أخرى فإن الشركات المخدمة نفسها لم تكن تسمح لنفسها أن تستغل معرفتها لرقمك ـ كونك قمت بشراء خدمتك من عندها ـ فتقوم بعرض خدماتها في السوق على أنها شركة دعائية تقوم بإزعاجك في الوقت الذي تريد بهدف زيادة أرباحها وتلبية رغبات الشركات الدعائية التجارية في الاستفادة من هذه الوسائل المتطورة للدعاية والإعلان.
هي طريقة ناجعة إذا ما نظرنا إليها بالمنظار الاقتصادي والتجاري، فأنت من خلال إرسالك لبضع كلمات برسالة قصيرة «SMS» أو ببريد إلكتروني «E-mail» تضمن وصول إعلانك الى الملايين من أصحاب الهواتف النقالة ومستخدمي الانترنت وبكلفة قد تكون أقل بكثير إذا ما كنت تفكر بوصول إعلانك الى العدد نفسه من المتلقين عبر طرق ووسائل إعلانية أخرى ـ ولسنا هنا بصدد ذكر التفاصيل من إحصاءات وأرقام تشير الى مدى فعالية هذه الطريقة من المنظور الإعلاني ـ ولكن من وجهة نظر أخرى فإن في هذه الرسائل القصيرة ورسائل البريد الإلكتروني اختراقاً لخصوصيتك وهتكاً لحرمتها فأنت قد لا تكون راغباً في الاطلاع على هذه الإعلانات. وقد تنبهت العديد من الشركات الكبرى لهذا الأمر وعلى سبيل المثال فإن العديد من المواقع الإلكترونية العالمية التي تقدم خدمة البريد الإلكتروني المجاني تقوم بوضع خيارات لك، فأنت عندما تقوم بالتسجيل أو الاشتراك في هذه المواقع بهدف الحصول على خدماتها تجد أنه من ضمن البيانات المطلوبة تسجيلها هو الأمور التي تهمك: الثقافة، الرياضة، المطبخ، الموسيقا.. الخ فتقوم أنت باختيار ما يناسبك منها وقد لا تختار منها شيء أصلاً. هذا إضافة الى أنها قسمت صندوق بريدك الإلكتروني الى قسمين الأول البريد الوارد» «Inbox» والثاني الـ «junk Mail» كي لا تزعجك ببعض رسائل البريد الالكتروني التي قد لا تكون راغبا بها.
فمستخدم الانترنت أو الهاتف الجوال ليس مجبراً بالحصول على إعلان الشركة الفلانية على نفقته الشخصية، فهو يقوم بالاتصال بالانترنت وينتظر وصول بريده الالكتروني ثم يفتحه فيفاجأ بأن جل بريده هو إعلانات لشركات بعضها يعرفه وأكثرها لا يعرفه. كما أنه ليس مضطراً لأن يعيش حالة من القلق ريثما يتمكن من تحين اللحظة المناسبة لقراءة رسالة قصيرة «SMS» وصلت إليه وهو يقود السيارة أو وهو في عمله أو ليفتحها لاحقاً ويرى أنها عبارة عن إعلان تجاري لا يهمه نهائياً.
لذا نرى من الضروري وضع القوانين الضرورية واللازمة لتنظيم هذه الحالات وخاصة أننا ما زلنا في طور تعميق مفهومي ثقافة الإعلان وثقافة المعلوماتية.
الجمل
التعليقات
ما يلزمنا هو ثقافة الخصوصية
المشكلة ليست
إضافة تعليق جديد