اكتشافات أثرية في جبلة من القرن التاسع قبل الميلاد
مرة اخرى يتأكد ان سورية مهد الحضارات والأغنى بالكنوز الاثرية وسجل يوم امس اكتشافا أثريا مهما من خلال أعمال البعثة الاثرية السورية ـ البلجيكية المشتركة في موقع تل تويني الأثري في جبلة وهو عبارة عن ختم امبراطوري وجزء من قلادة ضمن أعمال التنقيب في الموقع هذا ما قاله الباحث الاثري الدكتور بسام جاموس المدير العام للآثار والمتاحف مؤكدا ان الختم والقلادة شبه الكاملة قد تم اكتشافهما في مبنى يرجح ان يكون معبدا دينيا يعود إلى القرن التاسع قبل الميلاد فالقلادة وهي ناقصة وتتألف من خمس حبات من الخرز الطبيعي ونوع من الحجر الكريم يتوسطها، أما الختم الامبراطوري فهو من حجر الكوارتز وهو ابيض شبه بللوري وهو اسطواني بقطر 1.5 سم وارتفاع 3.5 سم.
وأكد الدكتور جاموس أنه وبعد إجراء البحوث على الختم تبين أنه يحوي صورا متعددة منها شخص على شكل بطل يصارع حصانا وتمثل هذه الصورة مشهدا ميثولوجيا كان متعارفا عليه كرمز للقوة.
يشار الى ان هذا الختم كان يستخدم في توقيع الرسائل الملكية بين الممالك، ولاكتشافه اهمية لانه يقدم نموذجا عن الحياة الحضارية والبشرية في عصر سورية القديم كما يدل وبشكل كاف على ان تل تويني الاثري كان مملكة تعاقبت عليها الحضارات منذ 4 آلاف عام.
وأكد المدير العام للآثار والمتاحف السورية أن هذه الاكتشافات تشير الى مخاض جديد لقراءة تاريخ الحضارات السورية وتمهد لثورة في البحث العلمي الاثري في جبلة.
- هذا وقد أظهرت أعمال التنقيب والكشف التي تقوم بها مديرية آثار جبلة للسنة الثالثة على التوالي في مسرح جبلة الأثري عن غرف الملقنين للممثلين في المنصة الرئيسية والواقعة في الجهة الشمالية من المسرح.
وأشار المهندس إبراهيم خير بك مدير الآثار في جبلة إلى أنه تم التوصل في أعمال الحفر والتنقيب إلى المنسوب الأساسي لأرضية المنصة الرئيسية على عمق حوالي المترين وبمساحة 150م2 تقريباً، قد ظهر ضمن المنصة أربع غرف للملقنين وهي بحالة معمارية وإنشائية ممتازة عدد أبوابها سبعة ويتم الدخول إليها من فتحتين جانبيتين عبر رواق أمامي يصل إلى غرف الملقنين ويعد هذا العمل منفرداً متميزاً لأنه لم يسبق أنه تم إظهار غرف الملقنين بهذا الشكل في المسارح الأثرية المعروفة على مستوى سورية وقد يكون على مستوى العالم، والذي أظهر كيفية إخراج الاحتفالات على خشبة المنصة في ذلك الحين وتؤكد الدراسات بأن خشبة المنصة كانت مصنوعة من الخشب حيث كشف عن حفر بالصخر لأماكن توضع الألواح الخشبية، كما تم الكشف عن قناة مائية خاصة لتصريف المياه من أرضية المدرج.
وأضاف إن استمرار أعمال الكشف في الجهة الشرقية من المدرج أدت إلى إظهار تسعة أروقة من أصل 18 رواقاً، وتم التوصل فيها إلى المنسوب الأصلي لأرضية المدرج على عمق أربعة أمتار، ولقد تم تعويم تلك الأروقة وإظهارها للعيان ونقوم في نفس الجهة بعمليات الحفر والترحيل وإزالة بعض الجدران الاصطناعية والتي تم بناؤها حديثاً إضافة إلى تنظيف الجدران داخل المدرج من هباب الفحم والعفونة والاشنيات والطحالب والغبار.
كما يجري حالياً تنظيم باب للدخول للخدمة، وتجهيز واجهة المنصة الرئيسية بأحجار ضخمة تصل أبعادها إلى المترين تقريباً وهي ذات دقة عالية من الإتقان وظيفتها امتصاص الصوت لمنع ارتداد الأصوات بين الممثلين والجمهور على المدرجات، إضافة إلى إنشاء قوس كبير من أقواس الرواق الأعلى كون له دواعي إنشائية كبيرة لمنع حدوث انهيارات في المستقبل وسيتم تنظيمها من نفس نوع وشكل ولون الحجر الأساسي للمدرج.
كما أشار بأنه سيتم إكمال الجزء المخرب وغير الموجود من السور الخارجي وتجهيزه بإنارة تضفي مزيداً من الجمال وتظهر معالم المسرح ليلاً.
وأما بالنسبة للقى الأثرية فقد تم اكتشاف تمثال نصفي رخامي من الحجر الأبيض وبجانبه تاج عمود رخامي في المنصة الرئيسية للمسرح، وذكر المهندس خير بك بأن التمثال بحالة جيدة ويبلغ ارتفاعه حوالي 30 سم وتشير الدلائل على أنه يعود لشخصية مهمة لم يتم تحديد مرجعيتها بعد.
وأضاف انه تم العثور على العديد من اللقى الأثرية المهمة في المنصة كقالب لصب الذهب والفضة أبعاده 8ھ3 وسماكة أقل من 1سم، ولوحة رخامية 15ھ30 سم كتب عليها كتابات بالإغريقية، وقطعة حجرية صغيرة كتب عليها كتابات عربية بحروف صغيرة جداً، وجرة فخارية كبيرة بارتفاع حوالي 2م وقطر 1.5م الجزء العلوي منها مكسر سوف يتم العمل على ترميمها وإعادتها إلى شكلها الحقيقي، وهذه الجرة كانت معدة لحفظ الزيوت والخمور، بالإضافة إلى بعض الجرار الفخارية الصغيرة تعود لعصور مختلفة «القرن الرابع والعاشر والثالث عشر» وبعض اللقى البرونزية، والحديدية كنضوات للأحصنة ووزنات وغيرها.. وتجري حالياً عمليات الدراسة والبحث للقى الأثرية وفك رموز الكتابات لتحديد ماهيتها ومن ثم توثيقها.
وتجدر الإشارة إلى أن نسبة الإنجاز من الأعمال في المدرج وصلت إلى 60% ومن المتوقع أن تنتهي أعمال الكشف والإظهار للمدرج الكامل مع نهاية 2007 ويعود مسرح جبلة الأثري للقرن الأول الميلادي ويحتل المرتبة الخامسة على مستوى العالم والثانية على مستوى سورية من حيث الأهمية التاريخية والأثرية ويبلغ قطره 90م وارتفاعه 15م، ويتسع لحوالي ثمانية آلاف متفرج تعرض للعديد من الكوارث الطبيعية على مر العصور، كما لاقى نصيبه من الإهمال والتعدي، بدأت فيه أعمال التنقيب في عام 1950 وتوقفت في عام 1952 حتى بداية التسعينيات حيث جرت أعمال تنقيب وإظهار محدودة وخجولة، ولأهميته التاريخية والأثرية والثقافية والسياحية فقد قررت وزارة الثقافة ـ المديرية العامة للآثار والمتاحف إعادة تأهيله من جديد وتمت المباشرة بالأعمال منذ منتصف عام 2006 وما زالت مستمرة حتى الآن ومن المتوقع أن تستمر حتى نهاية العام الحالي إلى أن يتم تأهيله بالكامل لكي يتم توظيفه واستثماره سياحياً وثقافياً وإقامة النشاطات المختلفة فيه.
يوسف علي- عاطف عفيف
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد