السيناريو الأمريكي الجديد في لبنان

17-06-2007

السيناريو الأمريكي الجديد في لبنان

الجمل: بدأت عناصر اللوبي الإسرائيلي في واشنطن استثمار حادثة اغتيال النائب اللبناني عن كتلة المستقبل وليد عيدو، وذلك على النحو الذي يمضي في اتجاه تسويق العداء السياسي لسورية.
الباحث اليهودي الأمريكي ديفيد شينكر، يعمل محللاً لشؤون شرق المتوسط بمكتب وزير الدفاع الأمريكي في البنتاغون، وحصراً في وظيفة كبير معاوني الوزير لشؤون سورية ولبنان والأردن والأراضي الفلسطينية، كذلك يقوم شينكر بتقديم الاستشارات لإدارات البنتاغون (وزارة الدفاع) حول الشؤون السياسية والعسكري المتعلقة بسورية، لبنان، الأردن، والأراضي الفلسطينية، وبعد كل هذه المقدمة، نعود لموضوعنا الأساسي ونقول: لقد كتب ديفيد شينكر تحليلاً مفصلاً هذه المرة، حمل عنوان (تصدير سورية للإرهاب إلى لبنان: التهديد والاستجابة).
يقول شينكر في مستهل تحليله:
بالأمس انفجرت سيارة في بيروت أدت إلى مقتل البرلماني عن كتلة المستقبل وليد عيدو، وقد أدى ذلك إلى التقليل من مكانة الحملة المتعددة الجبهات التي تدعمها سورية، بهدف تقويض استقرار لبنان.
ثم يشير شينكر إلى هذه الجبهات، ضمن اثنتين هما:
-  الجبهة الأولى: وتتمثل –برأيه- في معسكرات اللاجئين لفلسطينيين، وعلى وجه الخصوص معسكر نهر البارد، حيث يقاتل الجيش اللبناني جماعة فتح الإسلام الذي يرتبط بتنظيم القاعدة والذي تقوم بدعمه سورية.
-   الجبهة الثانية: وتتمثل في بيروت نفسها، وذلك عن طريق تنظيم الهجمات الإرهابية التي تهدف إلى تقويض استقرار لبنان.
بعد ذلك، يقسم ديفيد شينكر تحليله إلى أربع نقاط، يمكن استعراضها على النحو الآتي:
 الخلفية:
يقول ديفيد شينكر، بعد إحباط عملية السطو على البنك بواسطة قوى الأمن اللبنانية، قامت جماعة فتح الإسلام بـ(قطع رؤوس عشرة من جنود الجيش اللبناني، وذلك على سبيل الانتقام، وقد أدى ذلك إلى اندلاع مواجهة شاملة بين جماعة فتح الإسلام المتمركزة بمخيم نهر البارد والحكومة اللبنانية، ويشير ديفيد شينكر قائلاً بأن الجماعات الإسلامية الموجودة في المخيمات الفلسطينية الأخرى مثل مخيم عين الحلوة، مثل جماعة أنصار الإسلام وغيرها، ويقول بأن الجيش اللبناني يقوم بالتحضير لحملة عسكرية كبيرة تهدف لاحتواء هذه الجماعات.
 حملة الإرهاب:
وفي هذه النقطة يشير شينكر إلى (الوقائع الآتية):
-   حدثت ستة انفجارات في لبنان خلال الشهر الماضي، وكانت هذه الانفجارات تستهدف المسيحيين، والسنة، والدروز في المناطق المجاورة للعاصمة اللبنانية بيروت.
-  في مطلع شهر حزيران استطاعت قوى الأمن الداخلي اللبنانية اكتشاف مخطط كانت تنوي جماعة فتح الإسلام تنفيذه، ويتضمن هذا المخطط مهاجمة الأهداف الآتية: فندق انتركونتننتال, مطار بيروت، وزارة الدفاع، وزارة الداخلية، إضافة إلى أهداف أخرى سياحية، دبلوماسية، سياسية، وأيضاً الكنيسة المارونية. ومن بين الأهداف (مسبح شكا)، وأحد الجسور الرئيسية الواقعة على الطريق الرئيسي بين بيروت وطرابلس.
هذا ويقول شينكر بأن هذا المخطط لو تم تنفيذه فإنه سوف يشكل (الحادي عشر من أيلول اللبنانية). ويضيف قائلاً: إن جماعة فتح الإسلام كانت تنوي بعد تنفيذ هذا المخطط الإعلان عن قيام (إمارة شمال لبنان الإسلامية).. ولكن عندما انكشف أمر المخطط قام زعيم الجماعة بالهروب إلى (سورية)..
- حدثت محاولة لاغتيال عبد العزيز الخوجة سفير السعودية لدى لبنان، بواسطة عناصر فتح الإسلام، وقد تم اعتقال اثنين من السوريين كانا يقيمان بالقرب من مقر السفارة السعودية في بيروت.
-  في 7 حزيران اكتشف الجيش اللبناني سيارة مفخخة وشاحنتان محملات بالأسلحة والمتفجرات في مدينة (بر الياس) الواقعة في منطقة وادي البقاع، وكانت جميعها قادمة من سورية، وذلك بعد يوم واحد من قيام السلطات اللبنانية باعتقال ثلاثة من عناصر تنظيم القاعدة في المدينة نفسها، وعثرت في حوزتهم على مستندات السفر المزورة، وخرائط المدن اللبنانية، ومعدات الرؤية الليلية.
الروابط والصلات السورية:
حاول ديفيد شينكر أن يثبت صلة بين سوريا وما يحدث حالياً في لبنان، وذلك باستخدام ا لذرائع الآتية:
- سبق أن هدد المسؤولون السوريون بتقويض استقرار لبنان إذا قام مجلس الأمن بالتصويت على إنشاء المحكمة الدولية، وقد انفجرت أحداث مخيم نهر البارد عندما اقترب موعد التصويت على إنشاء المحكمة.
- إن شاكر العبسي زعيم جماعة فتح الإسلام كان (معتقلاً) في أحد السجون السورية، وبعد أن أمضى فترة عامين، تم (نشره) في لبنان، بحيث يقوم بتكوين الجماعة و(يتمركز في مخيم نهر البارد. ويضيف شينكر قائلاً بأن شاكر العبسي كان يتلقى التدريب في سوريا على تجميع وتدريب وإرسال الانتحاريين المرتبطين بتنظيم القاعدة إلى العراق.
-  إن العديد من قادة جماعة فتح الإسلام من الضباط العسكريين السوريين.
ويقول ديفير شينكر بأن دمشق تنكر كل الاتهامات، ويقول بأنها لا تعلم شيئاً عن الإرهابيين الذين يمرون عبر أراضيها بين العراق ولبنان. كذلك تنكر دمشق عمليات تمرير السلاح والعتاد العسكري عبر أراضيها إلى لبنان، وللتدليل على ذلك يشير شينكر إلى تقرير لارسن مبعوث الأمم المتحدة الذي قال فيه بأن العتاد العسكري القادم إلى لبنان عبر الحدود السورية- اللبنانية سوف يؤدي إلى تقويض استقرار لبنان.

  التحديات الماثلة أمام سياسة الولايات المتحدة:
يقول شينكر بأن الاهتمام الأمريكي الراهن أصبح يركز على النقاط الآتية:
-   تعمل سورية وتنظيم القاعدة من أجل تقويض استقرار لبنان.
-  الجيش اللبناني يقوم حالياً بمهمة مكافحة الإرهاب، ولكنه يفتقد إلى الخبرة والدراية.
-   قوى الأمن الداخلي في لبنان يسيطر عليها السنة، ولذلك، فهناك شكوك حول احتمال قيام عناصرها بالتعاطف وتقديم الدعم للتنظيمات والجماعات الإسلامية السنية.
وينتقل شينكر بعد ذلك إلى ضرورة قيام الحكومة الأمريكية بمساعدة الحكومة اللبنانية في مواجهة ما يمكن أن يكون بمثابة (حرب سورية طويلة) وأيضاً يجب أن تركز الحكومة الأمريكية على المتابعة الدائمة لموضوع المحكمة الدولية وتنفيذ القرار 1701، وأيضاً العمل من أجل دفع مجلس الأمن الدولي باتجاه إصدار قرار جديد يهدف إلى تأمين وحماية الحدود اللبنانية مع سورية. ويقول شينكر أيضاً بأن الحكومة اللبنانية الحالية طالما أنها نجحت في تخطي وتجاوز المسائل والإجراءات السيادية والدستورية، فقد آن الأوان لكي تستمر في هذا التجاوز وتقوم بتقديم طلب جديد –بدعم أمريكي- من أجل نشر القوات الدولية على طول الحدود السورية اللبنانية.
وعموماً، لقد احتوى تحليل ديفيد شينكر على الكثير من المغالطات والأكاذيب، ولكن يتوجب الانتباه إلى أن شينكر ليس شخصاً عادياً، فهو يعرف الفرق بين الحقيقة وبين الكذب، وبالتالي فإن لجوءه لاستخدام الكذب هو أمر مقصود، ويهدف إلى توفير الذرائع من أجل حشد دعم الرأي العام الأمريكي والمسؤولين الأمريكيين إلى إدارة بوش على النحو الذي يعزز قدرتها في تنفيذ السيناريوهات الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط، والتي شارك في إعدادها ديفيد شينكر.. وغيره.
الكذب لدى جماعة المحافظين الجدد  يعتبر من الوسائل الضرورية لإدارة الدولة وتوجيه شؤون الحكم، وقد ثبت أن الكذب والتضليل نجحا في الدفع باتجاه غزو العراق.. والآن يتم استخدام الكذب والتضليل من أجل استهداف منطقة شرق المتوسط، وليس سورية وحسب، بل وبالتأكيد فإن لبنان سوف يكون  المستهدف الأول قبل كل شيء.
وتجدر الإشارة إلى أن ديفيد شينكر كتب تحليلاً في يوم 24 أيار الماضي بصحيفة يو.إس.توداي الالكترونية الأمريكية حمل عنوان (المعركة الحقيقية من أجل لبنان سوف تأخذ مكانها في الأمم المتحدة) وقد كان هذا المقال مركزاً في الهجوم على سورية، وما ورد فيه من حيثيات يشير إلى أن ديفيد شينكر كان يمهد السبيل أمام مقاله الثاني، وذلك كأنه كان يعرف مسبقاً بتطورات وتداعيات الأحداث التي سوف تحدث في المنطقة، وهو أمر ليس مستبعداً خاصة وأنه يعمل في وظيفة محلل شؤون الشرق الأوسط والمختص بالشؤون السياسية والعسكرية الخاصة بالمنطقة.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...