تفاقم ظاهرة الانتحار في مناطق المسلحين شمال حلب
أقدم شاب من المقيمين في مدينة عفرين على شنق نفسه داخل منزله الذي يقيم فيه مع عائلته، في حالة انتحار جديدة تُسجّل ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة مسلّحي تركيا بريف حلب الشمالي.
ووفق ما نقلته مصادر من عفرين، فإن ذوي الشاب عثروا عليه جثةً هامدة داخل غرفته بعد أن قام بشنق نفسه، مشيرةً إلى أن الشاب ينحدر من ريف محافظة حماة، حيث كان قد وصل إلى مدينة عفرين مع دفعات المسلحين وعائلاتهم التي كانت خارجةً من المنطقة الوسطى إلى ريف حلب الشمالي.
وأشارتِ المصادر إلى أن الشاب انتحر نتيجة الفقر وقلة موارد الحياة، وعدم قدرته على تأمين الطعام لأولاده، تزامناً مع اقتراب موعد دفع أجرة البيت الذي يقطنه وعائلته وعدم تمكّنه من تأمين المبلغ المطلوب، ما جعل عائلته مهددةً بالتشرد إلى جانب الجوع الذي تعانيه بالأصل.
وتأتي حادثة انتحار الشاب لتضاف إلى سلسلة من حوادث الانتحار التي شهدتها مناطق سيطرة مسلحي تركيا في شمال حلب خلال الأشهر الأخيرة، والتي تركّزت أسباب معظمها حول الأوضاع المعيشية السيئة التي كان يعانيها المنتحرون، لناحية عدم توفّر الموارد المالية وقلة فرص العمل، إلى جانب موجة الغلاء الكبيرة والتضييق المعيشي على القاطنين في تلك المناطق من قبل المسلحين، وخاصة في ظل التدهور الكبير الذي يعيشه الاقتصاد التركي مؤخراً والذي أرخى بظلاله القاتمة على مناطق نفوذ أنقرة في شمال سوريا بشكل عام.
كما أشارت المصادر إلى أن بعض حالات الانتحار التي أقدمت عليها سيدات وشابات في مقتبل العمر، كانت أسبابها متعلقة بفقدان الشعور بالأمان ضمن مناطق مسلحي تركيا، سواء لناحية التفجيرات المستمرة وعمليات الاغتيال، إلى جانب عمليات الخطف والاعتقال التي تشهدها تلك المناطق باسمرار، وما يعقبها من أذىً نفسي وجسدي للنساء داخل السجون.
وتتركز معظم حالات الانتحار المسجّلة ضمن مناطق سيطرة مسلحي تركيا، في منطقة عفرين التي يعاني قاطنوها ظروفاً معيشية صعبة تتزامن مع فقدان الأمان بشكل تام، بفعل عمليات التفجير المتلاحقة، وحملات المداهمة والتفتيش والسرقة التي ينفّذها مسلحو أنقرة، حيث سُجّلتِ في المنطقة خلال العام الجاري عدد كبير من حالات الانتحار إحداها لفتاة رمت نفسها من شرفة منزلها، وأخرى لرجل مسنٍّ أطلق النار على نفسه من بندقية صيد، إلى جانب الشاب الذي شنق نفسه ليلة أمس، وجميعها حالات انتحار جاءت على خلفية الفقر وضنك العيش.
كما سُجّلت من ضمن الحالات، حالة انتحار لشاب عشريني، أقدم على إنهاء حياته برصاص مسدس حربي، على خلفية عمليات ابتزاز تعرض لها وأسرته من قبل قياديين تابعين لفصائل تركية، الأمر الذي دفعه للانتحار وترك رسالة يوضح فيها أسباب قيامه بذلك الفعل.
بدورها مناطق الباب وجرابلس وإعزاز، شهدت حالات انتحار عديدة للأسباب ذاتها، حيث تركّزت معظم حالات الانتحار المسجّلة في تلك المناطق، ضمن المخيّمات العشوائية المنتشرة في محيطها، وخاصة على أطراف مدينة إعزاز، والتي كانت قد شهدتِ الأسبوع الجاري حادثة انتحار لرجل أقدم على حرق نفسه داخل المنزل الذي يقطنه وحيداً وسط المدينة.
ويعاني القاطنون ضمن مناطق سيطرة مسلحي أنقرة في الشمال الحلبي، من صعوبة بالغة في العيش، نتيجة عدم توفّر العمل وتحكم الفصائل المسلحة بكافة زمام الأمور والأعمال التجارية، وتضييقها الخناق بشكل كبير على المدنيين وسرقة كافة المساعدات الواردة إليهم، ليأتي انهيار الليرة التركية مؤخراً، ويزيد من المنعكسات السلبية، وخاصة أن تركيا قد فرضت على القاطنين ضمن مناطق سيطرتها التعامل بالليرة التركية حصراً، ما رفع من أسعار كافة المواد والسلع والرئيسية، وأوقع الأهالي في المزيد من الضغوط والأعباء المعيشية.
زاهر طحان - أثر
إضافة تعليق جديد