السوريون بين سندان كورونا ومطرقة قيصر
الجمل ـ يارا انبيعة:
إن الناس على مر العصور كانت تختبرهم الانواء و تعصف بهم الأرزاء، و ما من أمّة إلا قد نالها من الويل ما نالها، فكان نهضوها أو اندثارها منوطاً بما قد يستقيم إليه حالها و ما يعمد إليه أهلها من إصلاح أمرهم أو صلاحه، و لم يكن العلم او المعرفة او التنوير من ذلك ببعيد، ولكن عندما يجوع الديك فإنه سينقر رأس صغراه غير آبه بما قد تعطيه إياه من دروس في التجمّل و التصبّر، و ليس ذلك عن حالنا ببعيد.
في سوريا قصّة ملحمية و رواية إنسانية مفجعة تجعل معها كل ما قيل و حيك من الادب الإنساني محض تفاهة لا قيمة له، إنني بكل صدقٍ أستغرب من يلهث الآن خلف الادب الفرنسي أو الروسي ليستسق منه مواد ذهنية و إنسانية يغني بها حافظته الفكرية و هو سوري يعيش حالة من الابداع البيئي لم تتح لشكسبير، و لم تكن في متناول فولتير ليكتب و يبدع!
إن ما يمرّ على سوريا لا أعتقد جازمةً! أنّه مرّ على قبيلٍ من القبائل أو شعب من الشعوب، اللهم إلا ما حصل للحسين في كربلاء.
فبين الطامح و الطامح، ترى الخاذل وناب الذئب الذي يأتيك ممّن يتسمون بالأهل و أولاد البلد، و البلد منهم براء، فإن سلّمنا جدلاً بصحة الصور التي قرّر على أساسها قانون قيصر الأمريكي، فالعجب كل العجب من أنهم يأتون و يقررون قانوناً ليدافعون فيه عن القتلى فيقتلون ذويهم جوعاً! و نرى من يهلل لذلك أيضاً، إن كنتم تؤمنون بصحة الصور " و لنفرض جدلا ذلك" فكيف تعممون العقاب على الناس؟ و لم لا يكون العقاب على المنفّذ؟ أجدني اطرح طروحاً سخيفة هنا! فقد سلمت جدلا لوهلة معكم أنه يحق لكم أن تعاقبو حتى المجرمين ! و هو ما لم يكن لكم و لا لغيركم، سوانا.
و لن نفرد سطورا عديدة للحديث عن حقنا و حقكم و قانونكم و قانوننا فهو حديث لا طائل منه و لا ينهيه سوى السيف كما اعتدتم.
إن ما يعتصر له القلب هو ذلك العجوز في بلدي الذي أفنى عمره فيها يخدمها ويسعى لأطفاله، ذلك العجوز الذي أمضى سبعين عاماً في هذه البلاد من الركض المتلاحق دون راحة، الذي أصبح اليوم يحلم بان يموت بهدوء كما يموت العجائز على فراشه و بين حفدته، يحلم أن يموت قبل ان يشيع الموت جوعا هنا، لمثل هذا العجوز يجب أن تكتب الصفحات، إن ما وضع فيه قبل أشهر بين سندان الوباء و مطرقة الجوع، أصبح الان من سخرية الزمان، فحتى مطرقة الجوع قد رقّت لحاله بعد ان علمت ان خروجه متحديا الوباء كمكوثه في بيته سيّان، في الحالتين لا طعام و لا مال يكفي لسد الرمق، و الملايين تُبثّ على الفيسبوك في مزاد علنيّ و مناكفات صبيانية، قد يشفي غليل الشعب لو أنّها تبتّ عن أبيها! قد.
بكل الأحوال نحن شعب احترفنا الانتظار –عن غير رغبة- و لكنه أصبح حرفة لا يمكن أن ننكرها، الإنتظار السلبي أم الإيجابي، لم نعد نملك أداة للتفريق بينهم، ننتظرر فَرَجاً و خُبزاً و نَصراً .
إضافة تعليق جديد