“ضوء”.. مبادرة سورية “تنير” بالصوت طريق المكفوفين
بعد أن انتشرت الفرق التطوعية بأفكارها المتنوعة والمختلفة خلال السنوات الأخيرة في سوريا، أرادت مجموعة من الشباب أن تستهدف فئة غُيبت عن ساحة العمل التطوعي إلا من محاولات خجولة، حتى ظهرت “مبادرة ضوء” لتكون النور المضيء في مجال العلم لفئة مهمشة من طلابه.
قامت مبادرة ضوء، بحسب حديث مؤسستيها، المهندستان، هيا العقاد، وبتول أبو علي على “تسجيل الكتب صوتياً للمكفوفين وضعاف البصر، سواء من طلبة المدارس أو الجامعات، ليكون الفريق التطوعي المكون اليوم من 140 متطوعا، عوناً لكل طالب علم وأراد أن ينير بصيرته فيه”.
وتابعتا “بدأت المبادرة نشاطها أوائل عام 2019، وهي مؤسسة ومدارة من قبل أفرادها فقط، دون أن تكون تابعة لأي جهة أو منظمة”.
وتقوم المبادرة على تسجيل المناهج الدراسية، من خلال “توزيع المهام وفق جدول محدد على المتطوعين والمتابعة ومن ثم قبول التسجيلات ومراجعتها وضمان خلوها من الأخطاء أو الضجيج، لضمان جودة تسجيل عالية وواضحة للطالب”.
ثم بعد التدقيق، ترفع التسجيلات على كلاً من “google drive” و”Youtube” لتكون متاحة أمام جميع الراغبين دون استثناء أي شخص، أو احتكار لجهة معينة إضافة لتوسيع النشاط للوصول إلى كامل المحافظات السورية”.
وتضم قناة المبادرة على “اليوتيوب” حتى تاريخه ما يقارب “450 تسجيلا صوتيا لمختلف الاختصاصات والمجالات الجامعية والسنوات الدراسية المدرسية”.
وبينت هيا العقاد، إحدى مؤسسي المبادرة أن ” الاتجاه الحالي لضوء هو الاهتمام بتسجيل الكتب المدرسية والجامعية لتسهيل الدراسة لجميع المكفوفين المتابعين لتحصيلهم العلمي، حيث تتطلع المبادرة إلى توفير مناهج كاملة بشكل صوتي للمكفوفين وتلبية احتياجاتهم في ظل تجددها باستمرار”.
وتابعت ” ولا سيما مع عدم توفر آلات طباعة “برايل” (وهي اللغة العالمية التي تعتمد نظام النقاط البارزة المتبعة في طباعة الكتب الخاصة بالمكفوفين) وعدم إتقانها من قبل كل المكفوفين”.
وذكرت بتول أبو علي، إحدى مؤسسي المبادرة،أن “ما يميز ضوء هو سعينا للمزيد من التنظيم ومراجعة جميع التسجيلات ومحاولة تقديمها بأفضل شكل ممكن بالاضافة إلى أننا نقوم بأرشفة جميع التسجيلات وتنظيمها وتوفيرها لجميع الطلاب ليس فقط المكفوفين منهم”.
وأوضحت المؤسستان أن “المبادرة تعاونت مع الجامعة الافتراضية السورية، لتسجيل مقرراتها، حيث بدأت المبادرة بتسجيل منهاجي الحقوق والإعلام، وتم اختيارهما بعد الاطلاع على إحصائيات بينت أنهما أكثر اختصاصين فيهما مكفوفين وضعاف بصر، وتعاونت الجامعة أيضاً بمبادرة طيبة إلى تقديم شهادات تطوعية رسمية من الجامعة الافتراضية لكل المتطوعين المشاركين في تسجيل الكتب الصوتية”.
وفي السياق ذاته، توجهت المبادرة لتسجيل كتب ومنهاج الصف التاسع الاعدادي، وأشار القائمون على المبادرة إلى أن التسجيل جرى “دون التنسيق مع وزارة التربية، وإنما قمنا بشكل ذاتي بتأمين المناهج الحديثة وأدلة المعلم إضافة إلى التواصل مع أساتذة متخصصين لنتمكن من توفير كامل الحلول”.
ووصلت المبادرة من خلال تسجيل كتب الصف التاسع إلى “15 طفلاً كفيفاً في حلب، وعدة آخرين في محافظات كطرطوس وحمص”.
وتوفر المبادرة إضافة إلى المناهج والمقررات المدرسية والجامعية، تسجيل طلبات خاصة ترد إليهم لمن يرغب من الفئة المستهدفة، وهي تقوم بذلك بشكل مجاني وتطوعي بالكامل، لتلبي الحاجات السريعة والطارئة للشريحة التي تستهدفها.
ولا يوجد للمبادرة مقر فعلي على الأرض، بل تعمل، وفقاً للقائمين عليها “في كل مكان، وفي أي وقت، حيث يتم التواصل مع المتطوعين بشكل كامل عبر الانترنت (بريد الكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي) وبهذا تكون إمكانية التطوع أكبر لجميع المتطوعين من أي دولة وفي أي توقيت”.
وعن آلية التطوع واختيار المتطوع المناسب، تتبع المبادرة مبدأ “الالتزام والمسؤولية والأمانة في العمل”، ويتم الدخول إلى عائلة “َضوء” عن طريق اختبار صوتي لسلامة النطق ومخارج الحروف، وفق قواعد تعليمية وتعليمات معينة.
ثم يتم تدقيق العينات الصوتية من قبل فريق ضوء، كذلك لاختبار جودة التسجيل من حيث خلوه من الأخطاء والضجيج. بعد أن يستوفي التسجيل جميع ماسبق, يتم قبول المتطوع ليصبح من ضمن فريق متطوعي ضوء ويستطيع المباشرة بمهامه.
ولا يقتصر نشاط المبادرة على تسجيل الكتب في اللغة العربية فقط، بل يتضمن نشاطها أيضاً اللغتين “الفرنسية والانكليزية”، وبذلك تتمكن من تسجيل المناهج الدراسية في اللغتين المذكورتين أيضاً.
ويسعى القائمون على “ضوء” إلى تقديم الدعم المهني والتقني لمتطوعيها، من خلال التعامل المرن خلال التسجيل، والمتابعة المستمرة والسعي إلى التعاون مع الجمعيات والمبادرات والجهات المهتمة بالعمل التطوعي”.
ومع همة شبابها ونشاطها المستمر طيلة العام، تتطلع المبادرة في المستقبل إلى توسيع نطاق عملها من خلال استقطاب المهتمين بالأعمال الأدبية والمسرحية لتلبية طلب أي كفيف يرغب بسماع أي كتاب أو بحث أو عمل ما غير متوفر صوتياً.
وبذلك تقدم “ضوء” أرشيفاً صوتياً على الانترنت يتجاوز الحدود المحلية ويغدو إرثاً تستفيد منه الإنسانية كاملة بأصوات سورية، وغاية إنسانية تطوعية.
الخبر
إضافة تعليق جديد