مشروع "أركان" الإسرائيلي لتزييف التاريخ السوري
لايمكننا أن نفهم ماهية الشيء بمعزل عن ماضيه، لهذا أستعين غالبا بفلسفة التاريخ عند "هيغل" المعلم الأول للآباء المؤسسين لأحزابنا القومية التي يسترخي ورثتهم اليوم على مقاعد الجبهة الوطنية التقدمية.. فالتاريخ المدرسي عندنا مجرد أسماء ملوك ومدن ومعارك: هياكل ميتة بلا أرواح يلزمنا أن نسبغ عليها الحياة التي كانت تتدفق في أوردتها كي نتمكن من قراءة تاريخنا ونفهم موعظته..
وكنت تقدمت بداية شهر كانون أول الحالي بمطالعة تحت قبة مجلس الشعب حول تغيير أسماء الكثير من القرى السورية وطمس تسميتها الآرامية والفينيقية والكنعانية ـ التي تحمل دلالات ومعان تاريخية ـ بما يخدم الفكر التوراتي الذي يسعى إلى تزوير تاريخ المنطقة ليدعم أساطيره الدينية التي تأسس عليها الكيان الإسرائيلي، وقدمت بضعة شواهد على كلامي : فقرية "بعل علين" ويلفظها أهل منطقتنا في ريف جبلة "بلعلين" وتعني بيت الإله العالي، تم تغيير اسمها إلى (عروس الجبل) !؟ وقرية "بدادا" في صافيتا وتعني بيت الإله حدد ، غيروا اسمها إلى (دورة).. أما "جبل صافون" مقر الآلهة السورية والذي يوازي جبل الأوليمب اليوناني فأخذ اسما مضحكا (الجبل الأقرع) ! أما معبد "بيتو كيكي" أي بيت الإله فبات اسمه (حصن سليمان)!! وغيرها الكثير من الأسماء التي يشكل تغييرها خطرا على هويتنا وانتمائنا السوري، ويتماهى مع المشروع الإسرائيلي "أركان" الذي انطلق عام 2003 بمشاركة 30 دولة وامتناع سورية، غير أن مدير التنقيب الفارّ أيام وزير الثقافة المنشق رياض نعسان آغا أعطى كامل التسهيلات والتراخيص اللازمة لعمل فريق المشروع في سورية ـ حسب المذكرة التي قدمها لنا الباحث والمؤرخ د. إياد يونس مع تفاصيل عن بعثات التنقيب المنخرطة في المشروع الإسرائيلي ويترأس بعضها يهودا أوربيين كانوا يعملون في معهد وايزمن الإسرائيلي ـ وقد حولناها إلى وزارة الإدارة المحلية ع/ط وزير الدولة لشؤون مجلس الشعب، وقدمنا 57 قرية تم تغيير اسمها وطمسه، كقائمة أولى لحين استجابة الوزارة والقيادة المركزية لحزب البعث وباقي أحزاب الجبهة لمواجهة المشروع الإسرائيلي "أركان" الذي يهدف إلى كتابة تاريخ جديد لسورية والشرق الأوسط تمثل فيه "إسرائيل" الزعامة التاريخية منذ الألف الثالثة قبل الميلاد، وننتظر جوابا عمليا من المعنيين في حزب "الرسالة الخالدة" وحزب "تحيا سوريا" لمواجهة تزييف التاريخ والهوية السورية..
نبيل صالح
إضافة تعليق جديد