تقرير استخباري حول تلميحات الانسحاب الأمريكي من العراق
الجمل: نشر مركز دراسات القوة والسلطة على موقعه الالكتروني اليوم 15 آذار 2007م تقريراً استخبارياً حمل عنوان (تقرير استخباري: تلميحات انسحاب استراتيجي من العراق).
يقول التقرير:
أفادت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية الصادرة يوم الاثنين الماضي بأن مسؤولي البنتاغون قاموا بإطلاع الصحيفة على أن الولايات المتحدة تقوم بإعداد خطط للطوارئ –يتم تطبيقها- في حالة فشل سياسة رفع عدد القوات الأمريكية العاملة في العراق. وتهدف الخطط إلى إجراء انسحاب تدريجي للقوات الأمريكية بشكل يتزامن ويرتبط برفع معدلات تدريب وإعداد القوات العراقية. وتتماثل خطط الطوارئ هذه بالتماشي مع إفادات روبرت غاتز وزيد الدفاع الأمريكي التي قدمها أمام الكونغرس الأمريكي مؤخراّ، والتي قال فيها: إن فشل سياسة زيادة ورفع عدد القوات الأمريكية سوف يقود بالنتيجة إلى سحب القوات الأمريكية. وقد أظهرت هذه التصريحات أن الولايات المتحدة تسعى حالياً إلى الحد من خسائرها في العراق والتكيف مع الواقع الأمني الجديد في الشرق الأوسط إذا اتضح بان التدخل في العراق قد أصبح فاشلاً.
يقول التقرير: إن نجاح استراتيجية زيادة القوات الأمريكية هو نجاح ضئيل الاحتمال، وذلك لأن عامل الفشل يكمن في الاستراتيجية نفسها، وليست في الاستراتيجية التي يتم تطبيقها بواسطة القوات الأمريكية ميدانياً في العراق: فالجنرال ديفيد بتراوس – المسؤول عن القوات الأمريكي في العراق- يقوم باتباع مذهبية وعقيدة عسكرية وقتالية تقليدية في مكافحة ومقاومة التمرد، فهو يقوم بحماية المناطق التي تقع بالأساس تحت السيطرة الأمريكية، وبالعمل على التنظيف أو الإمساك بالمناطق العراقية الواقعة إما تحت سيطرة المتمردين أو تحت دائرة نفوذهم.
والخطوات التي يتبعها الجنرال بتراوس تركز على استخدام القوات الأمريكية لفترة أطول في السيطرة على المدن وبعض القرى الرئيسية العراقية، وبعد الاطمئنان إلى تنظيفها من التمرد، تقوم القوات الأمريكية بالتركيز على عملية البناء وإعادة التعمير.. ويقول التقرير: إن هذه الطريقة سوف تؤدي إلى المزيد من الفشل، وذلك لأنها:
- تحتاج إلى فترة زمنية طويلة جداً.
- تحتاج إلى قوات أكبر عدداً وحكماً وعتاداً.
- تحتاج إلى نفقات مالية باهظة.
- لا يوجد ضمان بأن التمرد سوف لن يعود إلى هذه المناطق، خاصة وأن المتمردين هم من أبناء هذه المناطق نفسها.
يشير التقرير إلى أن مشكلة الاستراتيجية الأمريكية الجديدة تتمثل في جملة (القليل جداً، والمتأخر جداً..) ويكن تفسير ذلك على النحو الآتي:
• قالت الإدارة الأمريكية بأن عدد القوات الأمريكية الموجودة في العراق والبالغ 141 ألف جندي هو عدد غير كاف، وقامت بزيادة 21500 جندي ليصبح العدد الكلي 162500 جندي أمريكي، والآن أصبحت الإدارة الأمريكية تقول مرة أخرى بأن هذا العدد غير كاف وتطالب بالمزيد من الجنود فحسب، بل من المال والعتاد.
• عامل الوقت أصبح لا يخدم توجهات الإدارة الأمريكية، ولم تعد الظروف مثلما كانت عليه في عام 2003م، 2004م، و2005م، بل تغير الرأي العام الأمريكي، وأصبح الكونغرس أكثر عناداً واعتراضاً على سياسات وتوجهات الإدارة الأمريكية، ومن ثم يمكن القول بأن تحركات الإدارة الأمريكية الأخيرة قد جاءت متأخرة جداً.
يقول التقرير: إن استراتيجية زيادة القوات الأمريكية، هي استراتيجية فاشلة وفقاً لكل المقاييس والاعتبارات، وحتى الآن لم يستطع خبراء البنتاغون والإدارة الأمريكية تقديم مجرد (سيناريو) متماسك مقنع بإمكانية أن تؤدي الاستراتيجية الجديدة إلى تحقيق النجاح، بل ما هو واضح الآن يتمثل في أن كل سيناريوهات الإدارة الأمريكية الجديدة سوف تقود إلى الفشل وإلى الإضرار بالمصالح الأمريكية في سائر أنحاء منطقة الشرق الأوسط والشرق الأدنى.
يشير التقرير إلى أنه من الصحيح تماماً القول بأن انسحاب أمريكا من العراق سوف يتم فهمه باعتباره انتصاراً للقاعدة والإسلاميين الراديكاليين، ولكن الحقائق الميدانية تقول بغير ذلك، فالجهاديون المتطرفون يشكلون نسبة ضئيلة داخل العراق. وقد تقاتل الكثير من العراقيين مع عناصر تنظيم القاعدة والجماعات المتحالفة معها، وحتى العراقيين الذين يتعاطفون مع القاعدة والإسلاميين المتطرفين، فإنهم يقومون بذلك ليس تأييداً لأيديولوجية القاعدة، بل لأنهم يريدون خروج أمريكا من بلادهم، وبالتالي فإنهم يؤيدون ويدعمون هجمات القاعدة والمتطرفين ضد المصالح الأمريكية، انطلاقاً من هذا الموقف حصراً، ومن ثم إذا قامت الإدارة الأمريكية بتقليل عدد قواتها في العراق، فإن ثمة نتائجاً إيجابية سوف تحصل، أبرزها:
- انخفاض الاعتداءات والهجمات ضد القوات والمصالح الأمريكية.
- سوف يتجه العراقيون إلى مقاومة سيطرة القاعدة والمتطرفين على بلدهم.
- سوف تقل الخسائر الأمريكية.
- سوف تجد الإدارة الأمريكية نفسها في موقف مريح إزاء الرأي العام الأمريكي، الكونغرس، الرأي العام العالمي، البلدان العربية.
وتقول آخر فقرات التقرير:
تستطيع الولايات المتحدة بعد الانسحاب من العراق، أن تقوم بتطبيق عمليات تتناسب مع قدراتها، وتستخدم التكنولوجيا وقدرات حلفائها من أجل تعزيز استقرار حكومات المنطقة، وبالتالي تتعزز المصالح الأمريكية، وبالنسبة لإيران فإن الانسحاب الأمريكي سوف يؤدي لإضعاف النفوذ الإيراني في المنطقة، لأن إيران لن تجد مبررات وذرائع لتدخلها في العراق، وبالتالي لن يكون أمامها من سبيل سوى الانسحاب، أو مواجهة العراقيين.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد