زحمة مسافرين لبنانيين والمعابر بين سوريا ولبنان تعود الى سابق عهدها
على مدى سنوات مضت، بقيت المناطق السورية القريبة من محافظة الشمال اللبناني، من أبرز الأماكن التي يرتادها أبناء طرابلس وعكار، إن لناحية سياحية أو اقتصادية. إلا أن الأحداث التي عصفت بتلك المناطق قطعت حبل الودّ بين الشعبين الجارين، لحين تحريرها من براثن المجموعات التكفيرية لتعود الى حضن الوطن، وتعود معها حركة التنقل بين لبنان وسوريا.
لا شك أن الأحداث السورية، أثرت بشكل كبير في حركة تنقل السكان بين لبنان وسوريا، خصوصاً في ظل ما شهدته المناطق القريبة من الساحل اللبناني مثل حمص وتل كلخ، من مواجهات عنيفة بين عناصر الجيش السوري والمجموعات التكفيرية، وانتهت بانتصار منطق الدولة، وعودة تلك المناطق الى حاضنة الدولة السورية. ومما لا شك فيه أيضاً أن تلك الحرب كانت السبب الرئيس في منع مئات اللبنانيين، من التوجه نحو المناطق السورية، والتي تربط بينها حالات قربى ومصاهرة، وصداقات بين الشعبين الجارين اللبناني والسوري.
اليوم ومع عودة الحياة الى طبيعتها في المناطق السورية، بدأت معابر العريضة والعبودية تعود إلى سابق عهدها، وهي غالباً ما تشهد زحمة سير خانقة، معظم أيام الأسبوع، وخصوصاً أيام السبت والأحد، جراء توجّه عدد كبير من العائلات اللبنانية إلى مناطق طرطوس واللاذقية وحمص.
جلنا على المعابر، حيث التقينا عشرات المواطنين اللبنانيين المتوجهين نحو الأراضي السورية، للسؤال عن الأسباب التي دفعت هؤلاء إلى العودة الى تلك المناطق.
يعدّ معبرا الدبوسية والعريضة الحدوديان، من أهم المعابر التي تربط الجانبين السوري واللبناني، وذلك لقربهما من المناطق اللبنانية والسورية في آن واحد، وغالباً ما كان هذان المعبران يشكلان صلة الوصل الأساسية بين الجانبين الشقيقين، إن من حيث الناحية الاقتصادية عبر “ترانزيت” الشاحنات ونقل البضائع، أو عبر عبور مئات العائلات اللبنانية والسورية من وإلى سوريا.
الجديد هنا في مشهد حركة التنقلات، هو ما يشهده هذان المعبران بشكل يومي عبر عودة مئات العوائل السورية التي نزحت إلى لبنان مع بداية الأحداث السورية، وبعد أن استعاد الجيش السوري كل المناطق إلى حضن الدولة، وهو ما دفع أعداداً كبيرة من العمال السوريين للتوجه قبل أيام من عيد الأضحى الى سوريا لتمضية إجازة العيد مع ذويهم.
ولم يقتصر الأمر على العائلات السورية فقط، إذ فضلت العديد من العائلات اللبنانية تمضية عطلة العيد في سوريا، منهم من توجه نحو حمص عن طريق الدبوسية، ومنهم من توجه نحو طرطوس واللاذقية عن طريق العريضة، الكثير من زائري الأراضي السورية أثنوا على حسن سير المعاملات عند نقطة الحدود، مشيرين إلى أن الإجراءات الأمنية ميسرة خصوصاً من جهة الأمن العام السوري.
يروي محمد (45 عاماً) عن دخوله إلى سوريا “للوهلة الأولى ترددت كثيراً، خاصةً أن الإعلام كان يحدثنا عن دمار كامل للمناطق السورية، لكن مجمل الذين ذهبوا الى هناك، أشاروا إلى استتباب الأمن، وبتنا نتوجه بشكل أسبوعي ودوري مع عائلاتنا إلى طرطوس، لتمضية معظم وقتنا هناك” وتابع محمد “لا شك أن التسهيلات وحسن المعاملة التي نتلقاها من الجانب السوري، خصوصاً عند الحواجز الأمنية، هي التي شجعتنا أكثر على العودة مجدداً إلى هنا، إضافة الى أن بيننا وبين سوريا حكاية عشق”.
من جهته علي (39 عاماً) والمتوجه نحو حمص، أشا إلى سبب زيارته سوريا “الإعلام الكاذب صور لنا أن لا منازل قائمة في سوريا، جئت اليوم لأرى مسجد خالد بن الوليد في حمص، بعدما أشيع عن دمار المسجد بشكل كامل، إلا أننا تفاجأنا أن المسجد لم تصبه أية رصاصة”.
ويتابع علي “بتنا نتوجه الى هنا بشكل أسبوعي، فارق الأسعار بين لبنان وسوريا، هو النصف، نحاول أن نشتري معظم أغراضنا من هنا، الخضار والفاكهة ومواد التنظيف، حتى أن البنزين هنا أبخس ثمنًا، لا بل أن الفرق شاسع بين لبنان وسوريا، ويصل الى نصف السعر”.
تبقى الروابط بين الشعبين اللبناني والسوري، أقوى من كل المحاولات في تفريق الشعبين الجارين، وأكثر ما يثبت ذلك هو تلك الحركة الكثيفة التي تشهدها المعابر الحدودية بين البلدين، ومما لا شك فيه أنها سترتفع في الأشهر المقبلة لتعود إلى سابق عهدها، لا بل أكثر، مع بدء إعادة الإعمار في المناطق السورية، والتي سيكون فيها للبناني حصة كبيرة.
العهد
إضافة تعليق جديد