15-12-2017
«تحرير الشام» تحشد الفصائل في إدلب
انتهت جولة جديدة من محادثات جنيف السورية، من دون تحقيق أي تقدم على مسار «التسوية السياسية» التي ترعاها الأمم المتحدة. النهاية التي بدت «متوقعة» منذ أيام الجولة الأولى، انتهت بلوم متبادلٍ حاد اللهجة، بين الوفد الحكومي والمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، حول أسباب فشلها.
وترافقت هذه الجولة بتطورات لافتة في الميدان، بينها، طرد «داعش» من كامل بلدات وادي الفرات الجنوبي وتقدم الجيش في ريفي حماة وحلب على حساب «هيئة تحرير الشام»، مع ارتفاع واضح في حدة التصريحات المتبادلة، الأميركية والروسية، حول الوجود العسكري في سوريا والحرب ضد «داعش». الوفد الحكومي أصرّ في مؤتمر صحافي لرئيسه بشار الجعفري، على إحياء نقاش «سلّة مكافحة الإرهاب» بوصفها «مدخلاً أساسياً» لباقي «السلال» المطروحة. واعتمد على التطورات العسكرية والأمنية التي رافقت انعقاد الجولة، من هجمات «داعش» جنوبي دمشق، لتكريس تلك الفكرة.
توجه دمشق في هذه الجولة كان واضحاً، برفض التفاعل مع المعارضة والمبعوث الأممي تحت سقف بيان «الرياض 2». وبرغم «التراجع» المعارض عن مطلب «إزاحة (الرئيس بشار) الأسد»، فقد أبقى الوفد الحكومي على موقفه السلبي، وأضاف دي ميستورا إلى دائرة الانتقاد، بعد تصريحات أدلى بها الأخير للتلفزيون السويسري، وقال فيها إنه طلب من موسكو الضغط على الحكومة السورية في مسألتي الانتخابات والدستور. وذكّر الجعفري المبعوث الأممي بهذا «الخطأ» الذي ارتكبه، لكونه «ميسّراً للمحادثات». وذهب أمس إلى انتقاد «مشغلي المعارضة»، مخصصاً السعودية بالاسم، وذلك لدورها في «تلغيم» بيان اجتماع المعارضة الذي استضافته في الرياض، مؤكداً أن بلاده لن تقبل بالتفاوض مع وجود شروط مسبقة من أي طرف.
ورأى أن تطورات الأحداث على الأرض، فرضت الحديث عن «مكافحة الإرهاب» كأولوية، مؤكداً في الوقت نفسه، أن «احترام سيادة سوريا والتعامل مع حكومتها لمحاربة الإرهاب أهم من محاربة الإرهاب نفسها». ورأى أن «الإطار الذي سيجري في مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي، مختلف كلياً عن اجتماعات جنيف وأستانا».
ومن جانبه، أعرب دي ميستورا عن أسفه لعدم حصول «مفاوضات حقيقية» في جولة جنيف المنتهية، متهماً الحكومة السورية بعدم الرغبة الحقيقة في الحوار.
ورأى أنه أُضيعَت فرصة ذهبية خلال هذه الجولة، للمضي نحو مفاوضات مباشرة بين الوفدين. وكان المبعوث الأممي قد عقد آخر اجتماعاته مع الوفدين الحكومي والمعارض، أمس، قبل أن يعلن ختام الجولة.
ومع فشل جولة جديدة من المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة، يبدو الوضع الميداني في طريقه إلى جولة جديدة من التصعيد، وخاصة في مناطق تماس الجيش و«هيئة تحرير الشام»، في أرياف حماة وإدلب وحلب. وبينما يكثّف الجيش عملياته في محيط قرية أبو دالي وغرب خناصر، تشير المعطيات إلى أن اتفاقاً بين أبرز الفصائل المسلحة العاملة في منطقة إدلب ومحيطها، دخل حيّز التنفيذ بعد أشهر من الخلافات والاشتباكات الداخلية. وتناقلت أوساط معارضة، أن كلاً من «هيئة تحرير الشام» و«حركة أحرار الشام» و«حركة نور الدين الزنكي»، وفصائل أخرى، بدأت في تنفيذ بنود اتفاق، جرى التوصل إليه بعد مشاورات جمعت قادة الفصائل وشخصيات «جهادية مستقلة». وكما يتضمن الاتفاق حل قضايا المعتقلين والحواجز المختلف عليها، فإنه سيتيح مشاركة «أحرار الشام» وسواها، ضمن معارك ريفي حماة وحلب الجارية. وقالت وسائل إعلام معارضة إن أهداف التعاون الجديد، هو إحياء غرفة عمليات عسكرية مشتركة على غرار تجربة «جيش الفتح»، وذلك بقصد «التصدي» لهجمات الجيش السوري وتنظيم «داعش»، على حدود إدلب الجنوبية الشرقية.
وفي موازاة تلك التطورات الميدانية، ترتفع حرار الجدل الأميركي ــ الروسي حول الحرب ضد «داعش» في الشرق السوري، بعد الإعلان الروسي لانسحاب جزئي للقوات العاملة في سوريا. وبينما أعلن مسؤول أميركي أن «طائرتين أميركيتين من طراز (اف 22) اعترضتا طائرتي (سو 25) روسيتين أول من أمس... وأطلقتا مشاعل حرارية بعد دخول الطائرتين الروسيتين منطقة جوية محظورة، شرق نهر الفرات»، نفت وزارة الدفاع صيغة المعلومات الأميركية، وأكدت أن طائرة «سو 35» روسية أجبرت الطائرتين الأميركيتين على الابتعاد. وجاء هذا الخلاف في وقت أصدر فيه «التحالف الدولي» بياناً، يتهم روسيا ودمشق بالسماح لعناصر «داعش» بالعبور نحو منطقة التنف. وقال البيان إن «قوات شريكة للتحالف في الجنوب السوري، قتلت أكثر من 20 عنصراً من داعش، بالقرب من التنف، في 13 كانون الأول. واعتُقل عدد من إرهابيي داعش، بينهم إرهابيون أجانب». ونقل عن قائد عمليات «التحالف»، جوناثان براغا، قوله إنه «برغم وجود القوات المدعومة من روسيا، والموالية للنظام السوري، في المنطقة، ما زالت داعش تجد طريقها للتنقل بحريّة عبر خطوط النظام، لتمثل تهديداً لنا»، مضيفاً أنه «ما جرى يعد دليلاً على أن (داعش) لا يزال يشكل تهديداً لشعب سوريا. والتحالف يبقى ملتزماً الوقوف مع القوات الشريكة، حتى الهزيمة النهائية لداعش». وبدوره، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من خطورة «استخدام التنظيمات الإرهابية» لتحقيق أهداف سياسية في سوريا، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لا تلاحق مسلحي «داعش» لاستخدامهم لاحقاً في محاربة الحكومة السورية.
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد