«لقاء حميميم» على نارٍ حامية
تتزايد المعطيات الإيجابيّة بشأن انعطافةٍ مرتقبةٍ في الملف الكردي السوري. المسار الذي تعمل موسكو على تتويجه باتفاق «تاريخي» بين دمشق والأكراد شهد في خلال الأيام الأخيرة خطوات عمليّة عدّة. ومن المنتظر أن تُفضي هذه الخطوات إلى عقد لقاء مهم مُرتقب في قاعدة حميميم العسكريّة الروسيّة ليكون محطةً بارزةً ثانية بعد الزيارة التي قام بها وفد قيادي من «وحدات حماية الشعب» الكرديّة لموسكو مطلع الشهر الحالي .
وتنقسم الخطوات المذكورة إلى شقّين، أوّلهما رسمي مُعلن وأوضحُ مظاهره بحثُ الملف باستفاضةٍ في خلال زيارة وزير الخارجيّة السورية وليد المعلم لروسيا قبل أيّام. وضمن هذا الإطار أيضاً، يُدرج بحث «لقاء حميميم» في اجتماع لـ«مجلس سوريا الديموقراطية» (الواجهة السياسية لـ«قسد») عُقد يوم السبت. وقال المتحدث باسم «قسد» طلال سلوإنّ «الاجتماع ناقش تطورات الجهود الروسيّة في ضوء زيارة سيبان حمو («القائد العام لوحدات حماية الشعب» الكرديّة) لموسكو».
وأوضح سلو أنّ «موسكو وجّهت بالفعل دعواتٍ إلى بعض الأطراف السياسية والأحزاب (عددها خمسة) من ضمن مجلس سوريا ليكونوا موجودين في حميميم للبحث في مستقبل سوريا برعاية روسية». وقال المتحدث (وهو «عضو هيئة سياسية في مجلس سوريا الديموقراطية») إنّ «موعد الاجتماع لم يُحسم بشكل قطعي، والمحادثات لا تزال قائمة لتحديد الموعد والصيغة وبعض التفاصيل الأخرى». وأضاف «نحن حريصون ونعمل بجهد على ألا يكون هناك صدامات جديدة، وعلى وقف إراقة دماء الشعب السوري والجيش. نحن نسعى إلى اتفاق سلمي، وإلى مفاوضات بين مجلس سوريا الديموقراطية، واجهتنا السياسية، وبين النظام السوري». وعلمنا أنّ «مجلس سوريا الديموقراطية» طلب من موسكو أن يتمّ توجيه الدعوات إلى الأحزاب والهيئات الكرديّة بوصفها «أجزاء من مجلس سوريا الديموقراطية، لا بوصفها تمثّل المكوّن الكردي فحسب». وبالتوازي مع الشق الرسمي المُعلن، ثمّة شقّ تدور مجرياته وراء الكواليس، وملخصه سعي موسكو إلى تحقيق اختراق يسمح بحضور ممثل (أو أكثر) عن «المجلس الوطني الكردي» في لقاء حميميم، سعياً لجعل الوفد الكردي يتمتع بتمثيل أكبر. ومن المعروف أنّ «المجلس» يُمثل شريحةً سياسية كرديّة متحالفة مع أنقرة، ومنضوية في صفوف «الائتلاف المعارض». وعلمنا أنّ دمشق لا تمانع هذه الخطوة، بل هي على العكس متحمّسة لها.
وتقول معلومات إنّ اسم سكرتير «الحزب ﺍﻟدﻳﻤوﻘرﺍطي التقدمي ﺍﻟكرﺩﻱ في سوريا» عبد الحميد درويش يحضر بشكل خاصّ على هذا الصعيد. ويُنظر إلى درويش بوصفه واحداً من السياسيين الأكراد المحنّكين، ويرى البعض أنّ أداءه السياسي شبيه بأداء الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني. ومن شأن اختراق من هذا النوع حال حدوثه أن يمنح «لقاء حميميم» زخماً إضافيّاً، لأنّ «المجلس الوطني الكردي» يمثّل طيفاً كرديّاً مختلفاً عن الأطياف التي تمثلها معظم الأحزاب الكرديّة المتصدرة للمشهد داخل سوريا. (مثل «حزب الاتحاد الديموقراطي»، «حزب اليسار الكردي» و«حزب الوحدة الديموقراطي الكردي في سوريا»). وتقول معلومات إنّ «الطيف العسكري الكردي داخل سوريا مهتمّ بنجاح لقاء حميميم، ومتفائل به، ويسعى إلى دعمه وفق الصيغة التمثيلية الأكبر»، في مقابل تحفّظ من «بعض وجوه القيادة السياسية». وتشير مصادر كرديّة مواكبة لتطورات هذا الملف إلى أنّ «زيارة سيبان حمو لموسكو أسهمت في وضع النقاط على كثير من الحروف، بما في ذلك بعض الملفات الحساسة مثل ملف المناطق النفطية». في الوقت ذاته، تحرص بعض الأصوات داخل «الإدارة الذاتية» على ضرورة «توسيع نطاق الوفد إلى حميميم ليضم وجوهاً فاعلة من خارج المكوّن الكردي»، ومن بين تلك الأصوات تبرز فوزة يوسف «الرئيسة المشتركة للهيئة التنفيذية للمجلس التننفيذي للفيدرالية». بدوره، يقول السياسي الكردي ريزان حدو إنّ «معظم المؤشرات تقول إننا في طور التحضير لكتابة الفصل الأخير من الأزمة السورية، ويبدو أن فتح حوار جدي وعلني بين الحكومة السورية والأكراد السوريين هو أمر على وشك التحقق فعليّاً». يؤكد حدو، المقرّب من «وحدات حماية الشعب» أن «التباين في وجهات النظر حول بعض التفاصيل التحضيرية أمرٌ طبيعي، لكن الواضح أنّ الكل بات متفقاً على أن الحوار هو العلاج الوحيد لما تمرّ به سوريا».
ويضيف «كل الكلام عن التقسيم كان وسيبقى مجرد بوالين إعلامية هدفها زيادة الاحتقان وعرقلة الحوار، ونجاح الحوار سيؤدي بالضرورة إلى الانتقال إلى مرحلة إخراج كل القوى الموجودة بشكل غير شرعي، وبالتالي إفشال مشروع اقتطاع أجزاء من الأراضي السورية».
المصدر: صهيب عنجريني - الأخبار
إضافة تعليق جديد