شركات سورية قابضة لمنافسة العربية الوافدة
قطع الاقتصاد السوري أشواطاً في رحلته نحو التحول باتجاه اقتصاد السوق وان كانت هذه الرحلة اتسمت بالبطء أو التدرّجية كما تصفها الحكومة السورية. وتمكنت سورية من تسجيل إنجازات لافتة في مجال الإصلاح الاقتصادي، بدأتها بالترخيص لمصارف خاصة، وشركات تأمين، وآخرها تعديل قوانين عدة أهمها قانون الاستثمار الرقم 10، لجذب المزيد من الاستثمارات. وتـــرافق ذلك مع إصلاحــــات طاولت السياسة المالية والجهاز المصرفي لكي يجاري أعمال رجال الأعمال والمستثمرين السوريين وغير السوريين المهتمين بالاستثمار في سورية.
وبين هذا وذاك، نال التخصيص حيزاً مهماً من اهتمامات الحكومة، حيث أعادت تأهيل القطاع العام، ووضعت قانوناً لتطوير المؤسسات العامة من خلال تحويل الشركات العامة الصناعية أولاً، والشركات الأخرى، إلى شركات قابضة تتمتع بالاستقلال المالي والإداري، لزيادة قدرتها التنافسية وتحقيق الأرباح.
ونتيجة للإجراءات المتخذة ازداد الاقبال على الاستثمار في سورية، من قبل القطاع الخاص المحلي والأجنبي، وشعر رجال الأعمال السوريون بأن الفرص الاستثمارية التي ستتوفر في سورية ستحتاج إلى رأسمال اكبر واستثمارات لم يعتد عليها السوريون الذين حرصوا خلال العقود الأربعة الماضية على إقامة شركاتهم الخاصة الفردية، واعتمدوا في تجارتهم على الأطر التقليدية في القطاعين الصناعي والتجاري، بينما القطاعات الجديدة الكبيرة، كالقطاعات السياحية والعقارية والخدمية، التي حظيت باهتمام عربي وأجنبي ما زالت في حاجة إلى استثمارات ضخمة تعجز الشركات الفردية الصغيرة عن تأمينها، الأمر الذي استدعى قيام تكتلات بين رجال الأعمال، كما يقول هيثم جود أحد مؤسسي شركة «سورية القابضة»، التي تم الترخيص لها مطلع السنة الجديدة، ثم تبعها الترخيص لشركة «شام القابضة».
ويتوقع رجل الأعمال السوري عرفان دركل ان يصل عدد هذه الشركات إلى اكثر من عشر شركات مع نهاية العام، لافتاً إلى ان غالبية رجال الأعمال السوريين تسعى الى تأسيس شركات قابضة.
وحول أسباب توقيت ظهور هذه الشركات غداة الإعلان عن البدء بالعمل بسوق الأوراق المالية، وإقبال الشركات الخليجية الكبرى على العمل في سورية، قال جود: «ان هذه الفكرة لاقت تشجيعاً كبيراً من المسؤولين، خصوصاً ان رجال الأعمال المحليين هم الذين استثمروا في البلد، وبالتالي كان عليهم ان يقوموا بخطوة إضافية في اتجاه الشركات القابضة الاستثمارية، انطلاقاً من ضرورة ان تكون هناك مشاركة حقيقية بين الشركات القابضة السورية وبين الشركات العربية الوافدة في رأس المال والكفاءات»، وفي هذا السياق تأسست شركة «السورية» برأسمال 80 مليون دولار، على يد 23 مجموعة ورجل اعمال سورياً.
وأكد جود ان مؤسسي «السورية» يملكون اكثر من بليون دولار، مُستثمر في شركاتهم الخاصة، وعدد موظفي شركاتهم يبلغ نحو 30 ألفاً. ويحتل الترانزيت والنقل أهمية خاصة لـ «السورية» مع اهتمامها بإقامة مشاريع سياحية.
وتتضمن خطة «السورية» ستة مشاريع بقيمة 300 مليون دولار، تؤمن نحو 1500 فرصة عمل، بينها بناء فندق وسوق تجاري في دمشق، وبناء ضاحية سكنية مصغرة في ضواحي دمشق، ومشروع نقل بين طرطوس واللاذقية (على الساحل السوري)، إضافة إلى مشروع لاقامة منتجع سياحي في اللاذقية على البحر.
وبالتزامن، أعلن 70 رجل أعمال سورياً عن تأسيس شركة «شام» برأسمال 350 مليون دولار، مشيرين إلى أن «شام القابضة» ستستثمر في قطاعات محددة هي السياحة والعقارات والصناعة والنقل والمصارف والطاقة والصحة. وتطمح إلى تحقيق معدل نمو يتجاوز 7 في المئة، وتأمين نحو 250 فرصة عمل.
وتضم قائمة «شام» 16 مشروعاً بكلفة إجمالية مقدارها 1.3 بليون دولار.
وتوقع جود «ان تلعب الشركات القابضة دوراً في تحديد دور جامعي الأموال»، لافتاً إلى ان الشركة ستطرح أسهمها للاكتتاب العام «عندما تكتمل خطتها» الاستثمارية.
سمر أزمشلي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد