ترامب: التدخل في سورية «فات أوانه»
بدا الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترامب جاهزاً للتخلي عن شبه جزيرة القرم، بدليل عرضه صفقة على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تتضمن رفع العقوبات المفروضة على روسيا بسبب استعادة روسيا لشبه الجزيرة، مقابل تقليص أعداد الترسانة النووية لدى عملاقي الحرب الباردة.
ترامب وفي مقابلة صحفية شاملة مع صحيفتين بريطانية وألمانية، عرض أفكاره بشأن السياسة الخارجية التي سيتخذها حول العالم. وأثار ترامب احتمال اتخاذ أول خطوة رئيسة باتجاه الحد من التسلح النووي منذ أن أبرم الرئيس باراك أوباما اتفاقية جديدة للحد من الأسلحة الإستراتيجية مع روسيا في عام 2010. وقدم ترامب حجته المؤيدة لإقامة تعاون عادل مع روسيا، وقال: «يجب على الناس أن يتفقوا بعضهم مع البعض الآخر، وأن يفعلوا ما يجب عليهم فعله، لكي يتصرفوا بشكل عادل».
ومضى مستطرداً: «هناك العقوبات ضد روسيا. لنرى هل يمكن عقد صفقات جيدة مع روسيا. على سبيل المثال أعتقد أن كمية الأسلحة النووية في العالم يجب أن تكون أقل، لا بد لنا من تقليصها بشكل ملحوظ. هذا من جهة. وهناك العقوبات، وروسيا تعاني منها، وأظن أنه يوجد هنا شيء قد يؤدي إلى نتائج ستجعل كثيراً من الناس رابحين».
وقبل خمسة أيام، أمر الرئيس الأميركي باراك أوباما بتمديد العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على روسيا على خلفية الأزمة الأوكرانية، لمدة سنة إضافية.
ولا شك أن تصريحات ترامب ألقت الرعب في قلوب القادة الأوكرانيين الذين يرتبط بقاؤهم في السلطة باستمرار الدعم القادم من إدارة الرئيس أوباما. وبينما كان الرئيس الأميركي المقبل يعرض ما يرقى إلى الموافقة على عودة القرم إلى السيادة الروسية، كان نائب الرئيس الحالي جوزيف بايدن يدعو من العاصمة الأوكرانية كييف، العالم كي يقف في وجه «العدوان» الروسي، وحث إدارة ترامب على أن تكون داعماً قوياً وشريكاً لأوكرانيا. وقال بايدن للصحفيين وهو يقف بجانب الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو: «إنكم تحاربون كلا من سرطان الفساد… وعدوان الكرملين المستمر». وفي عهد أوباما استثمرت الولايات المتحدة بكثافة في مساعدة أوكرانيا على إنجاح انتفاضة بين عامي 2013-2014 أجبرت زعيماً مدعوماً من الكرملين على الفرار وتولى السلطة زعيم معارض موال للغرب.
وبدوره، أعرب مدير الاستخبارات المركزية الأميركية جون برينان عن أمله في حدوث تحسن عام في العلاقات مع روسيا خلال فترة رئاسة ترامب، وقال في هذا الشأن: «آمل كثيراً أن تتحسن علاقاتنا مع روسيا بمعية الإدارة المقبلة، لأننا في حاجة لأن نعمل بصورة مشتركة الكثير جداً من الأمور المهمة»، مضيفاً: «وذلك لا يتمثل فقط في التصدي للإرهاب، بل ومحاولة التغلب على عدم الاستقرار السياسي في أرجاء الكوكب».
إلا أن برينان، أوضح من جانب آخر، أن واشنطن تربط بشكل مباشر مستقبل تطبيع العلاقات مع روسيا باستعداد موسكو «على إظهار مشاعر المسؤولية وتغيير سلوكها»، على سبيل المثال في مجال تسوية الوضع في شرق أوكرانيا، وفي سورية، وبشأن عمليات التخريب في الفضاء الإلكتروني.
واستطرد برينان منتقداً الرئيس المنتخب ضمنياً بقوله: «أعتقد أن على ترامب أن يعي أن تبرير مختلف أفعال روسيا في السنوات الأخيرة، طريق يجب عبوره بحذر شديد». وهذا الانتقاد هو الثاني الذي يوجهه برينان ضد ترامب خلال أيام، إذ سبق له أن قال: إن تصريحات الرئيس المنتخب بخصوص روسيا «تهديد لأمن البلاد»، في رد على وصف ترامب معارضي محاولته التقارب مع روسيا، بـ«الحمقى».
في سياق منفصل، انتقد ترامب في المقابلة مع «التايمز» البريطانية و«بيلد» الألمانية، روسيا لتدخلها في الأزمة السورية. وقال: إن التدخل الروسي في سورية «شيء سيئ جداً» أدى إلى «وضع إنساني فظيع»، مضيفاً إنه كانت هناك إمكانية لدى الولايات المتحدة لتعمل شيئاً (حيال سورية)، ولكن الآن أصبح «الوقت متأخراً جداً».
وسربت مصادر معارضة فحوى اجتماع جمع شخصيات بارزة في «الائتلاف» المعارض ومسؤولين من الإدارة الأميركية المقبلة في تشرين الثاني الماضي. وأوضحت المصادر أن الوفد الائتلافي تقدم إلى الجانب الأميركي، بخطة من ثلاثة مسارات ترتكز على حماية المدنيين (وقف إطلاق النار – إطلاق سراح المعتقلين..)، مكافحة الإرهاب وعلى رأسها تنظيم داعش وجبهة فتح الشام، وأخيراً الحل السياسي والمرحلة الانتقالية. وأوضحت المصادر، وفقاً لموقع «زمان الوصل» المعارض، أن الوفد شدد على أن تكون هذه المسارات «متوازية»، وأن تحظى الخطة بـ«دعم أميركي جدي»، معتبراً أن صيغة الحل بهذا الشكل ستؤدي إلى رحيل الرئيس الأسد ووقف الدم في سورية.
وذكر «زمان الوصل» أن وفد الائتلاف «تحاشى طلب مساعدات مالية في الوقت الحالي»، وأنه ركز خلال الاجتماعات على آلية الدعم الأميركي للحل السياسي في سورية، وكيفية التعامل مع الأزمة في عهد ترامب. وبين أن الجانب الجمهوري، ركز على علاقة «الائتلاف» بالدول الإقليمية، وكذلك العلاقة مع الفصائل المقاتلة في الداخل، ومدى تأثير الائتلاف على هذه الفصائل.
كما أشار الموقع إلى أن الحديث عن آلية مكافحة تنظيم داعش، الأمر الذي اعتبره الأميركيون مسألة رئيسية في الأزمة السورية، إلا أن وفد «الائتلاف» أعاد التركيز على المسارات الثلاثة.
كما انتقد ترامب في المقابلة التي أجراها قبل أربعة أيام من تسلمه مقاليد السلطة في واشنطن، بشدة السياسة الأميركية في السابق، واصفاً غزو العراق بأنه ربما أكبر خطأ في تاريخ الولايات المتحدة وأنه أقرب إلى «إثارة عش الدبابير».
وتطرق إلى حلف شمال الأطلسي، مكرراً تأكيده بأن «ناتو» قد عفا عليه الزمن لأنه لا يتصدى للإرهاب، لكنه أضاف إنه لا يزال مهماً بالنسبة له. كما أشار إلى أن أعضاء كثيرين في الحلف لا يدفعون نصيبهم العادل لحماية الولايات المتحدة.
وأثنى على قرار بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، معتبراً إياه بـ«الشيء العظيم في نهاية المطاف»، وأكد أنه سيعمل بجد للتوصل إلى اتفاق تجاري مع المملكة المتحدة «سريعاً وبالشكل الملائم»، واعتبر أن الاتحاد الأوروبي تحول إلى عربة للمصالح الألمانية، مع ذلك أكد أنه سيبدأ عهده بالثقة بكل من الرئيس الروسي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، واستدرك قائلاً: «قد لا تدوم هذه الثقة».
وفيما يخص أزمة الهجرة التي تعم القارة الأوروبية، اعتبر ترامب أن ميركل ارتكبت «الخطأ الكارثي» عندما اتخذت قراراً بشأن قبول اللاجئين.
وكالات
إضافة تعليق جديد