وفود برلمانية أوروبية في دمشق قريباً وخطة دي ميستورا تراوح مكانها
لم تحقق خطة المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا ما يكفي من التقدم، وما زالت تنتظر موافقة أطراف المعارضة السورية، لكي يشرع المبعوث الأممي، من دمشق، بإعلان هدنة تمتد إلى ستة أسابيع في حي صلاح الدين في حلب، على أن تقتصر هذه الهدنة على تجميد القصف الجوي، وإدخال المساعدات الإنسانية، وتأمين خدمات الدولة المدنية للتجمع السكاني المتبقي في الحي، والذي يقدر بعدة آلاف.
واتفقت بعثة الأمم المتحدة مع دمشق على وجود 41 حياً في مدينة حلب يمكن تطبيق الهدنة عليها، على أن تبدأ المهمة في صلاح الدين، بحيث يكون أنموذجا يمكن البناء عليه.
وفيما يطمح دي ميستورا إلى تدشين الخطوة رقم واحد من خطته، متأملاً أن تكون حجر أساس لمشروع التسوية السياسية الكبرى مستقبلاً، تأمل دمشق أن تشجع عودة الحياة الطبيعية، المتمثلة بالخدمات المدنية والمساعدات الإنسانية، تجمعات أخرى على إتباع ذات الآلية بحيث تقود إلى جملة مصالحات جديدة.
واشترطت دمشق لنجاح تسوية صلاح الدين أن يخرج كل المقاتلين الأجانب خارج الحي، كما وضعت ثلاثة خيارات للمقاتلين المحليين، تمثلت إما بمنحهم «جيبا صغيرا آمنا» يمكنهم المغادرة منه إلى مناطق يختارونها، أو «تسليم سلاحهم مقابل تسوية أوضاعهم»، بالطريقة التي حصل فيها هذا الأمر في مناطق أخرى، أو «انضمام المقاتلين إلى هيئات الدفاع الوطني أو لجان الحماية المحلية تحت إشراف الدولة» في مناطقهم.
وتبدو الشروط السورية، شبيهة بتلك التي طبقت في تسويات سابقة شهيرة، كتسوية حمص القديمة، وإن بقيت هذه الشروط متداولة من قبل الجانب السوري من دون تعليق من بعثة دي ميستورا الموجودة في دمشق، والتي لم تتمكن من الاتصال بقادة المجموعات المسلحة تمهيداً لرغبتها بدخول حي صلاح الدين، وذلك بعد زيارة استمرت أسبوعاً إلى حلب وفقا لما أكدته مصادر ديبلوماسية غربية . واقتصر نشاط البعثة على جولات استطلاعية في المدينة، وإجراء لقاءات مع «وسطاء» محتملين.
ولا يوافق الطرفان، بكل الأحوال، على التبني العلني لمقولة أن «المبادرة وصلت إلى طريق مسدود»، كما لا يتكاشفان في لقاءاتهما بهذه الحقيقة»، إذ تتجنب دمشق أي إعلان من هذا النوع، مفضلة أن يتم عن طريق الأطراف الأخرى، سواء انتمت إلى البعثة الأممية أو للمعارضة وحلفائها، ولا سيما أن دي مستورا أكد لمحاوريه السوريين أنه سيعلن بنفسه مسؤولية الطرف الذي عطل مهمته، في حال وصلت إلى أفق مغلق، وهو يرغب في تأجيل هذه اللحظة قدر الإمكان، مانحا الوقت للأطراف الأخرى لدراسة موقفها، بما في ذلك البناء على تغير موازين القوى التي يمكن أن تمنح المعارضة الشجاعة لقبول المقترح.
من جهتها، تنظر دمشق إلى قبولها بالخطة باعتباره «تكتيكاً ناجحاً»، ولا سيما أنه نقل القلق من المشروع الأولي باعتباره شكلا من أشكال «تحويل حلب لمنطقة نفوذ خارج السيادة السورية»، إلى تقليص التجميد نحو وقف القصف الجوي، وتقديمه باعتباره «خطوة صغيرة رمزية، ذات بعد إنساني يمكن البناء عليها سياسياً».
ولا تشكل الحرب، التي تمتد من ريف دمشق إلى المناطق السورية البعيدة، عامل ضغط على الحكومة السورية لقبول اختراقات سياسية من هذا النوع، في الوقت الذي تتجرع فيه تفاؤلاً نسبياً عبر الوفود البرلمانية التي تحقق الاختراقات الأولى للحصار الدولي، وهو أمر سبق واختبرت مفعوله دمشق بتجارب سابقة عديدة تمتد لعقود.
وثمنت مصادر سورية رفيعة المستوى، أهمية الزيارة التي قام بها الوفد البرلماني الفرنسي إلى دمشق، كما أكدت حصول اجتماع بين أحد مرافقي الوفد مع شخصية أمنية سورية كبيرة، وفقا لما ذكرته صحيفة «فيغارو» الفرنسية، علما أن الطرف الفرنسي في الاجتماع، أكد «من دون مواربة على حاجة الفرنسيين الماسة للتعاون الأمني مع سوريا، لمواجهة خطر أية هجمات إرهابية مستقبلا»، لكن من دون أن تتعدى التوافقات بين الطرفين، الشرط السوري المتمثل بـ «التعاون الأمني عبر البوابة السياسية»، وهو شرط يرى البعض أنه يمكن التلاعب به، إن شجعت فرنسا (التي تقود الحملة على سوريا أوروبيا)، أو تغاضت، عن نشاطات مشابهة لزيارة وفد برلمانها.
ويصل في هذا السياق، إلى دمشق وفد من مجلس الشيوخ البلجيكي أواخر آذار الحالي، كما تتم التحضيرات لزيارة وفد من البرلمان الأوروبي في نيسان المقبل، يمثل عدة دول، وذلك لـ «تبيان إمكانية العمل على مد الجسور مجددا مع دمشق» و «الإطلاع عن كثب على الوضع فيها»، علما أن سفارة الاتحاد الأوروبي في دمشق ستبدأ هذا الصيف باستعادة دوام نصف شهري لبعثتها، بعد أن كان نشاطها، كسائر البعثات الأوروبية التي استمرت في الاتصال مع الخارجية السورية، يأتي عبر زيارات متقطعة لا تتعدى المرتين في الشهر.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد