تقدم سريع واستراتيجي للجيش على الجبهة الجنوبية ضد المجموعات الإرهابية المدعومة اسرائلياً
أحرزت القوات السورية، أمس، تقدماً سريعاً وإستراتيجياً على الجبهة الجنوبية، وسيطرت على المزيد من التلال والبلدات، وسط ما يشبه الانهيار الكامل للمجموعات المسلّحة، وعلى رأسها «جبهة النصرة»، فيما أبدت دمشق رضاها عن «الأفكار الجديدة» التي تقدم بها المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا لتجميد القتال في حلب.
وطلب الرئيس الأميركي باراك أوباما من الكونغرس منحه تفويضا للقتال ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ــ «داعش» من دون قيود جغرافية، لكن بقيود على استخدام القوات البرية.
ونصَّ الطلب الذي أرسل إلى الكونغرس «لا يخول (الرئيس) استخدام القوات المسلّحة الأميركية في عمليات قتالية برية هجومية متواصلة»، رغم انه لا يستبعد قيام القوات الخاصة بعمليات إذا وافق البنتاغون على ذلك، ولكنه يمنع القيام بأي غزو بري أو بأية مهمة لإحلال السلام.
إلا انه لا توجد قيود جغرافية على نطاق العمليات العسكرية، التي ستمتد على مدى 3 سنوات. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين قولهم إن إغفال أوباما ذكر أي منطقة محددة في قراره يشير إلى إمكانية مهاجمة «داعش» في لبنان والأردن أيضاً. كما يمكن استخدامه لمواجهة أي أخطار مستقبلية من جماعات إسلامية متشددة مقرّبة من «داعش» في ليبيا واليمن والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وواصل الجيش السوري، لليوم الرابع على التوالي، عمليته العسكرية الواسعة في مثلّث درعا ـــ القنيطرة ـــ ريف دمشق الغربي. وتقدم باتجاه تلة فاطمة وخربة سلطانة في ريف درعا الشمالي، بعد أن احكم سيطرته على بلدة دير ماكر وتلة العروس وتلة السرجة، وذلك بعد يوم من سيطرته على بلدة دير العدس الإستراتيجية.
وترتبط دير ماكر بعدد من الهضاب والتلال الإستراتيجية التي تمتد ما بين قرى الجولان السوري المحتل حتى طريق درعا القديم، والتي تصل حدودها الجغرافية إلى تل الحارة الإستراتيجي. وترتفع البلدة 850 متراً عن سطح البحر، وتبعد 40 كيلومتراً جنوب غرب دمشق قرب القنيطرة.
وقال مصدر عسكري سوري، لوكالة «فرانس برس»، إن «هدف العمليات التي يقوم بها الجيش في ريف درعا والقنيطرة هو تأمين الحدود مع الدول المجاورة وكسر الشريط الذي يحاولون إقامته»، مضيفاً «أي منطقة يتم استعادتها من العصابات تضيف بعداً آمناً للمناطق».
وكانت القوات السورية أحكمت أمس الأول سيطرتها على بلدة دير العدس والتلال المحيطة بها في ريف درعا الشمال الغربي، والتي كانت تخضع لسيطرة «جبهة النصرة» وفصائل إسلامية أخرى منذ أكثر من عام.
وأعلنت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة، في بيان، أن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة نفّذت عملية عسكرية واسعة في المنطقة الجنوبية، وحققت إنجازات نوعية متتالية على اتجاهات عدة في أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا، وأعادت الأمن والاستقرار إلى بلدات دير العدس والدناجي ودير ماكر وأحكمت السيطرة على تلال مصيح ومرعي والعروس والسرجة، وقضت على أعداد كبيرة من إرهابيي جبهة النصرة، ولا تزال عمليات الجيش مستمرة في ملاحقة فلول العصابات الإرهابية التي انهارت تحت ضربات الجيش على عدة محاور في المنطقة».
وأضافت «هذه النجاحات التي يحققها رجال الجيش السوري في المنطقة الجنوبية تكتسب أهميتها، كونها تعزز تأمين محور دمشق ـــ القنيطرة ومحور دمشق ـــ درعا من جهة وتقطع خطوط الإمداد والتواصل بين البؤر الإرهابية في ريف دمشق الغربي وريفي درعا والقنيطرة من جهة أخرى، كما أن السيطرة على مجموعة التلال الحاكمة تساعد في تطوير النجاحات العسكرية في هذه المنطقة».
وكعادتها مع كل خسارة، بدأت المجموعات المسلحة اتهام بعضها البعض، حيث اعتبرت بعض «التنسيقيات» أن «ما جرى يعود إلى تخاذل الفصائل في درعا والقنيطرة عن صد هجوم الجيش في عين عفا وتل عريد ثم تل مرعي»، مشيرة إلى «تعزيزات من الجيش الأول وباقي مجموعات الجيش الحر لإطلاق معركة تستعيد فيها المواقع التي خسرتها في الريف الشمالي لحوران، بالتزامن مع دعوات أطلقها قادة الجيش الأول للفزعة والنفير العام لكل الفصائل والمجموعات».
وتواردت أنباء عن تشكيل غرفة عمليات تضم «جبهة النصرة» و «ألوية فلوجة حوران» و «لواء اليرموك» لاستعادة دير العدس ودير ماكر وكفر شمس، في مقابل توقف مفاجئ للهجوم على بلدتي نامر وقرفا والنقاط المؤمنة لخربة غزالة على الطريق الدولي بين دمشق ودرعا.
واعتبر المحلل الإسرائيلي إيهود ياري، في تصريح للقناة الثانية، أن تقدم الجيش السوري في المنطقة سيخلق مشكلة لإسرائيل. وقال «اعتقد أن الأمر الأخير الذي تريده إسرائيل هو جبهة أخرى مع حزب الله».
وانتهت مشاورات دي ميستورا الرسمية في دمشق، بلقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد، في تلميح إلى «استحسان رسمي للعرض الجديد الذي قدمه المبعوث الدولي» لتجميد القتال في حلب.
وقالت مصادر مطلعة على مشاورات الطرفين، إن البعثة الأممية تقدمت «بأفكار إيجابية يمكن التعاطي معها»، مشيرة إلى «تفاصيل بسيطة سيتم انجازها، قبل الشروع بالتنفيذ» على أن يتم هذا التنفيذ «بالتزامن بين كل الأطراف المعنية».
وذكرت وكالة الأنباء السورية ـــ «سانا» إن الأسد بحث مع المبعوث الأممي «التفاصيل الجديدة في خطة دي ميستورا لتجميد القتال بحلب المدينة في أجواء إيجابية وبنّاءة». وأضافت «جدّد الأسد حرص سوريا على دعم أي مبادرة أو أفكار تسهم في حل الأزمة، بما يحفظ حياة المواطنين ومؤسسات الدولة»، وشدد على «ضرورة الضغط على كل الدول لتطبيق قراري مجلس الأمن 2170 و 2178 لوقف تمويل وتدفق الإرهابيين إلى سوريا».
وقال مصدر سوري، إن «الاتفاق لم ينجز تماماً وبحاجة للاستكمال عبر بعض التفاصيل الصغيرة»، مؤكداً أن «الحديث هو حول حلب المدينة فقط» من دون أي ذكر لمناطق أخرى، سواء في ريفها أو خارج المحافظة.
وشددت دمشق، كما حصل في لقاءات سابقة، على أن «السيادة تبقى للدولة السورية التي تتولى إدارة المناطق التي تخضع للتجميد» لكن من دون الإشارة للطريقة التي ستجري فيها هذه العملية، في حال بقيت فصائل مسلّحة في تلك المناطق.
ورجّحت مصادر أخرى أن يتم الحديث عن أحياء بعينها، تمتد إلى أخرى، في حال نجاح الأولى، في الوقت الذي أكد المصدر أن الهدف من هذه العملية إلى «جانب دعم مهمة المبعوث الدولي، إعادة الحياة الآمنة لحلب وعودة المدينة إلى حياتها الطبيعية»، لكنه أكد أن «هناك فترة زمنية لتطبيق الخطة، وبالتالي يجب أن تصل إلى نتيجة، سلباً أو ايجاباً».
ووفقا للمعلومات فإنه لم يتم التطرق إلى دور الجيش في محيط حلب. وقال مصدر مطلع إن «للجيش اليد العليا في حلب في كل الأحوال، والأمور مرهونة بتنفيذ الطرف الآخر، لأي اتفاق سيتم إعلانه»، مشيرا إلى أن السلطات السورية اشترطت أيضا «تزامن عملية التنفيذ» وأن المسؤول الأممي قال للجانب السوري إنه سيكشف بشكل واضح ورسمي أي طرف لا يلتزم بتعهداته.
ونقل بيان رسمي عن دي ميستورا إعرابه، خلال لقائه الأسد، «عن أمله في أن تتعاون جميع الأطراف لدعم مقترحه من أجل إعادة الأمن إلى مدينة حلب لتكون نقطة انطلاق لإعادة الأمن والاستقرار إلى كل الأراضي السورية».
وسيحمل دي ميستورا «التفاصيل الجديدة والرد السوري عليها» إلى نيويورك ليعرضها على أعضاء مجلس الأمن في 17 شباط الحالي، في محاولة لتهيئة مشروع قرار يدعم التقدم الجديد في المهمة.
وقال إن «التركيز في مهمتي هو على أهمية خفض معدلات العنف لمصلحة الشعب السوري، والتركيز على وصول المساعدات الإنسانية بشكل غير مشروط وبشكل متزايد إلى جميع السوريين، ولكن بالطبع فإن جلّ تركيزي في هذه المهمة هو العمل على تيسير عملية سياسية من أجل الوصول إلى حل سياسي لهذا النزاع الذي طال جداً»، لافتا إلى انه «لا يوجد حل عسكري لهذه الأزمة».
إلى ذلك، وافقت السلطات السورية على تعيين خولة مطر في منصب مسؤول مكتب المبعوث الدولي في دمشق.
زياد حيد- طارق العبد
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد