الرقة: تفجير مقام أويس القرني
بعد سلسلة من التمهيدات، وفي إطار سياسة تنفيذ التعاليم الوهابية القاضية بهدم القبور لأنها من الشرك بالله، أقدم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) بتفجير ما تبقى من مقام الصحابي التابعي أويس القرني في محافظة الرقة.
وكان المقام قد تعرض لتفجير أولي من قبل «داعش» في أواخر شهر آذار الماضي، انهارت على إثره منائر المقام ومآذن المسجد الملحق به. والجدير بالذكر أن تنظيم «داعش» يعتبر بناء القبور والأضرحة أعمالاً شركيّة تؤدي إلى الحكم بتكفير من يقوم بها. بينما تنظر «جبهة النصرة» إليها على أنها بدعة ينبغي إزالتها من دون أن تحكم بالتكفير ما لم يثبت استخدام القبور والأضرحة للتوسل والشفاعة. وبرغم الفارق الفقهي بين الرأيين، إلا ان النتيجة واحدة وهي عدم قبول الطرفين لبناء القبور أو الإبقاء على ما كان مبنياً منها.
ويوم أمس، استكمل تنظيم «داعش» المرحلة الثانية من هدم المقام حيث قام بتفخيخه من كل جوانبه بأنواع من المتفجرات، وكان من المتوقع بحسب التسريبات أن يجري التفجير منتصف ليل أمس الأول الأربعاء، لكن تم تأجيل الموعد مرات عدة ساعة تلو أخرى قبل أن ينفذ التفجير بالفعل في الساعة السابعة والربع من صباح أمس، حيث سمع صوت انفجار قوي في مدينة الرقة، تحول على إثره المقام إلى أثر بعد عين.
ويتألف المقام من ثلاثة أبنية تتوسطها أضرحة للصحابي عمار بن ياسر والتابعيين أويس القرني وأبي بن قيس النخعي، كما يحوي الطابق العلوي للمقام غرفا وصالات ومطابخ لاستقبال الزوار.
وبني المقام بمبادرة من الجمهورية الإيرانية، حيث كانت محافظة الرقة تخطط لإزالة القبور المحيطة بضريحي الصحابيين أويس القرني وعمار بن ياسر لإنشاء حديقة عامة في المنطقة. فاقترحت الحكومة الإيرانية على الحكومة السورية تبني بناء مسجد يجمع بداخله مقامات هؤلاء الصحابة والتابعين. وبالفعل بدأ العمل بهذا المشروع العام 1986، وتم الانتهاء منه وافتتاحه العام 2004.
وقد ذكر الرحالة الألماني أرنست هرتزفيلد أثناء زيارته للرقة في العام 1907 أنه وجد على قبة أويس القرني كتابة بالعربية مفادها «بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ... قام بتجديد هذا المقام مسلم الرقي بن علي آغا بن المرحوم إسماعيل آغا سنة 1152 هجرية، أي 1737 ميلادية، جرى ذلك في زمن رضوان باشا والي الرقة والرّها المقيم في أورفا، ثم جرى تجديد آخر للقبة في زمن السلطان العثماني عبد المجيد خان».
يذكر أن تنظيم «داعش» امتنع من تفجير ضريح سليمان شاه جد مؤسس السلطنة العثمانية، برغم أن خصومه مارسوا عليه ضغوطاً واستفزازات كبيرة لاتخاذ هذه الخطوة، متهمين إياه بالازدواجية في تطبيق الشريعة.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد