من هي فروز رجائي فر قائدة الـ50 ألف استشهادي واستشهادية ؟
اسمها غائب تقريباً عن مواقع الانترنت العربية والعالمية, كما الصحف ووسائل الاعلام, لكن فروز رجائي فر هي القائد العام لخمسين الف استشهادية واستشهادي في ايران, وهي تقول ان المنطقة لن تظل آمنة اذا قدمت تسهيلات عسكرية للقوات الاميركية من اجل مهاجمة المنشآت النووية الايرانية, وتؤكد ان جيش الاستشهاديين الذي تقوده مستعد لضرب المصالح الاميركية في مختلف ارجاء العالم اذا ما تعرضت ايران لأي هجوم.
من هي فروز؟
كانت واحدة من الطلبة الذين احتلوا مبنى السفارة الاميركية في طهران قبل 27 عاماً, وبقيت فيها عاماً كاملاً تمارس مهامها, وغادرتها بعد زواجها اي قبل الافراج عن الرهائن الاميركيين.
وفروز رجائي فر التي شهدت انتصار الثورة الايرانية من مقاعدها الدراسية قبل ان تنضم الى اربعماية طالب قاموا في الرابع من تشرين الثاني €نوفمبر€ في العام 1979 بالقفز فوق جدار السفارة واحتجاز افراد البعثة الدبلوماسية رهائن لمدة 444 يوماً, تحمل شهادة البكالوريوس في هندسة المشتقات النفطية, ودكتوراه في العلوم السياسية, وهي اليوم تتولى القيادة العامة لأكثر من 50 الف استشهادي في ايران.
متزوجة ولها ثلاثة اولاد, البكر يبلغ من العمر 24 عاماً, هو بدوره متزوج, ولها ايضاً ابنة جامعية تبلغ من العمر 21 عاماً تدرس الحقوق, وابنها الاصغر يبلغ من العمر 16 عاماً وهو طالب في المرحلة الثانوية.
تلازم فروز رجائي فر مكتبها المتواضع الذي يشبه قبواً مستطيل الشكل لا تزيد مساحته على عشرين متراً مربعاً, وتكسو جدرانه صور للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله واستشهاديين فلسطينيين. وهي تصر على رفض تسمية «الاستشهاديين» بـ«الانتحاريين» وإلصاق تهمة الارهاب بهم, وتقول «لماذا حينما يقوم قائد طائرة حربية بقتل المدنيين نقول له انه طيار حربي, وحينما يقوم اي شخص في حرب متكافئة, بتفجير نفسه وسط الاعداء ينعت بالارهابي».
وتعبّر فروز عن اعتقادها بأن اي محاولة من اميركا لتطبيع العلاقات مع ايران وإعادة افتتاح سفارة لها في طهران, انما تصب في المخطط الاميركي الدائم لاطاحة النظام الاسلامي, وهي تشعر بالفخر لأنها كانت في عداد الطلبة الذين شاركوا في العام 1979 باحتلال السفارة الاميركية وتؤكد انها على استعداد لاحتلال هذه السفارة مرة اخرى اذا ما تم افتتاحها مجدداً في العاصمة الايرانية, وهي تتمنى ان تتمكن يوماً من زف أحد ابنائها الثلاثة للشهادة, لكنها لا تدري اذا كانت ستنجح في ذلك ام لا.
تضيف فروز ان اولادها يتمتعون بحرية اتخاذ القرار, وهم يتابعون انشطتها بدقة ورغبة ويقدمون لها الدعم في المجالات التنفيذية, وثلاثتهم سجلوا اسماءهم ضمن قوائم الاستشهاديين لكنها في النهاية لا تتوقع منهم التفرغ مثلها لهذا العمل, فهم كما تقول, شباب ولهم تطلعاتهم الخاصة.
وفي اشارة الى عمليات الاستشهاد التي تحصل من بعض الشبان الصغار, تقول فروز ان صديقتها «ام نزار» الفلسطينية قامت بتوديع ولدها محمد فتحي الذي نفذ عملية استشهادية وهو دون الـ17 ربيعاً, وتتمنى ان تحصل هي ايضاً على «هذه السعادة وان تكون مؤهلة لها».
والمركز الذي ترأسه فروز افتتح في تشرين الثاني €نوفمبر€ من العام 2002, وقد قام خلال السنوات الاربع الماضية بتوسيع مهامه ونشاطاته مقارنة بالمهام التي اعلن عنها عند تأسيسه. ومؤسسوه بين فنانين وكتّاب ومثقفين في «حزب الله», وهدفه المعلن تكريس مبادئ الثورة والاهداف التي سعى الإمام الخميني لتحقيقها.
وبعدما كانت منطلقات المركز ضمن اطار الانشطة الثقافية وتكريم ذكرى شهداء النهضة الاسلامية, تقول فروز ان فئة من المناضلين, ولا سيما على الساحة الفلسطينية, قاموا بعمليات استشهادية ضد الاسرائيليين هدفها إلحاق الاذى بالاعداء من خلال تقديم ارواحهم قرابين في هذا المسار. وحين بدأت فروز بتكريم هؤلاء الاستشهاديين, لفت انتباهها وجود رؤية خاطئة حيال هؤلاء على الصعيد الدولي, واعتبار عملياتهم «ارهابية», لذلك قررت توضيح الابعاد الحقيقية للعمليات الاستشهادية, ودراسة معطياتها وافرازاتها الاجتماعية والفقهية والسياسية وحتى العسكرية. وفور شروعها بدراسة هذه الظاهرة, وجدت ان جذورها ترتبط بمقاومة الشعب الايراني خلال حرب الثماني سنين مع العراق, وقد انتقلت هذه الظاهرة من ايران الى لبنان, حيث استخدم المقاومون اللبنانيون هذا النمط من العمليات لتكبيد الاسرائيليين الخسائر الفادحة. ومن لبنان, تقول فروز هاجرت ثقافة الاستشهاد الى فلسطين, واثبتت نجاحها في الاراضي المحتلة.
وقد نجحت فروز في اقامة علاقات ثقافية وسياسية بعوائل الاستشهاديين والمجموعات الجهادية. ورداً على سؤال حول شرعية عملية الاستشهاد تقول: ان عملية قتل النفس من دون دليل امر محرم, لكن هذا لا ينطبق على العمليات الاستشهادية فهذه العمليات تأتي في اطار الدفاع عن البلد المحتل. لذلك فان العمليات الاستشهادية ترتبط بالاحتلال, ويصبح المناضل ملزماً بأن يضحي بحياته لمواجهة المحتلين.
في مكان آخر تقول فروز ان «القاعدة» بعيدة كل البعد عن النظرية الاسلامية, وان بعض الشباب في بعض البلدان اعتبروا «القاعدة» نموذجاً للنضال واقتدوا بمناضليها وتعلقوا عاطفياً بها نتيجة ضعف القادة السياسيين في تلك البلاد. لكن «القاعدة» لا تدخل في صلب القضايا التي تخدم العالم الاسلامي لأنها ولجت في القضايا المثيرة للفتن. وتؤكد فروز هنا ان اعتقاد المسلم بأنه سيذهب الى الجنة اذا قتل مسلماً آخر, هو الجهالة بعينها و«هذا ما يحصل في العراق». اما النزاع القائم فهو نزاع ايديولوجي مع الفكر الغربي الذي يجب مواجهته بلا حدود.
وفي العودة الى الحديث عن «كتائب فروز الاستشهادية» تقول ان تشكيلها لهذه المجموعات واستقطاب الاعداد الكبيرة من الاستشهاديين واقامة دورات توعية لهم, يعتبر انجازاً كبيراً بالرغم من عدم تحقيقها بعد اي عملية استشهادية إلا انها تجاوزت مرحلة الانطلاق وكرست وجود الاستشهاديين في ايران من اجل الدفاع عنها لمواجهة اي تطور يحصل في المنطقة على يد الاميركيين. وتؤكد فروز انه اذا طلب النظام الاسلامي منها ارسال خمسماية استشهادي الى فلسطين, فهي قادرة على ذلك وليست في حاجة الى البدء من الصفر, وتعتبر ان نجاحها في تنظيم الكتائب الاستشهادية في العاصمة طهران هو في حد ذاته نوع من انواع الدفاع المبكر والقوة الرادعة.
وتشير فروز الى ان المتطوعين مستعدون للدفاع عن الامكنة المقدسة في العراق, والدفاع عن الاراضي الفلسطينية وتنفيذ فتوى اعدام سلمان رشدي, وهذا الامر يعتبر تكليفاً دينياً ولا يحتاج الى موافقة الحاكم الشرعي. اما في ما يخص الاستشهاديات, فتؤكد فروز ان لا شيء يمنعهن من تنفيذ العمليات المطلوبة منهن, بحيث انهن لا يحتجن الى تدريبات عسكرية وجهد جسدي, وكل ما عليهن «الضغط على الزر» بعد ان يكون مهندس العملية ملتزماً بكل التفاصيل التقنية. والاهم من التديب العسكري في رأي فروز هو الاعداد النفسي واستعداد الشخص لتنفيذ العملية الاستشهادية.
وتضيف: الاستشهادية في نهاية المطاف ذات عاطفة جياشة, تتجاوز نطاق عائلتها وهي تستوعب اهل حيها او مدينتها او شعبها, وتصل الى درجة الانفصال عن روابط الدرجة الاولى وترتبط بواقع الشعب والامة. ولمنع تعرض المجموعات للخط, تقول فروز ان وضع القناع يحمي الاستشهاديات خصوصاً اثناء الاستعراضات حيث يكون حضور واسع من المراسلين الاجانب. اما في الحياة اليومية, فيحق للجميع التقاط الصور خصوصاً وان الاستشهادية لا ترتدي القناع لأنها لا تريد ان تظهر للعالم وكأنها تنتمي الى منظمة ارهابية. انها جزء من جماعة مؤمنة بثقافة دينية عميقة يتمسك بها الاستشهاديون ويحرصون عليها كل الحرص.
واخيراً, تقول فروز انها لا تمتلك مع مجموعاتها قدرات مالية كبيرة,وسوف يكون انتصاراً حقيقياً اذا هي استطاعت توفير حاجاتهم المالية, وتضيف: في قضية إعادة اعمار لبنان, نجح فريق الاستشهاديين في توفير الاموال المطلوبة, عندما افتتح سوقاً خيرية, عرض فيها منتوجات ثقافية لـ«حزب الله», وقام المواطنون بشراء قمصان وسلع اخرى عليها شعار «حزب الله» بهدف تقديم الدعم للبنان.
جوزفين ديب
المصدر : الكفاح العربي
إضافة تعليق جديد