السوريون في زمن السفرجل
الجمل ـ عبدالله علي: السفرجل ثمرةٌ لا تبيّض الوجه ... وهذا ما يبرِّر غيابها الدائم عن موائد الضيافة التي تكون عامرة بأصناف مختلفة من الفواكه. وقد يكون وراء ذلك قرار نسائي أزليٌّ باستبعاد هذه الثمرة بسبب بشرتها كثيرة التجاعيد التي قد تثير لدى المرأة أفكاراً سوداء هي في غنى عنها ولاسيما في لحظة تستوجب منها إظهار سحر بشاشتها في وجه الضيوف!!
لا أعرف لماذا تذكرت "الثورة السورية" عندما تهادت تلك الفتاة أمامي بصحن الفواكه الذي تتوسطه سفرجلة كبيرة؟
ربما لأن "الثورة" حاولت أن تتوسَّط صحن فواكه الربيع العربي فوجدتْ نفسها في وضعٍ غريبٍ وشاذٍّ يشبه الوضع الذي شعرتُ به وأنا أحدِّق في تلك السفرجلة- الرسالة!
رسالةٌ قاسيةٌ، ولا ريب، جاءتْ على طبق من الفواكه!
من كان يتوقع أن يطول تحديقنا كل هذا الوقت ونحن نقرأ في رسائل السفرجل؟ ربما فكُّ شيفرة هذه الرسائل يتطلب أكثر من هذا الوقت، لأننا نفتقر إلى سوابق يمكن أن تسهل علينا المهمة الشاقة في فهم واستيعاب سفرجليَّات المرحلة.
سقى الله أيام التفاحة .. ما ألذها وأشهاها! وأسهل فهمها! بقيتْ التفاحة كذلك إلى أن سقطتْ بفعل جاذبيةٍ ما في بلاد الربيع العربي وأراد "نيوتن جديد" أن يبقيها أسيرة قانون السقوط.
لم أكن أحتاج إلى فطنةٍ كبيرةٍ كي أفهم ما تنطوي عليه ضيافة الفتاة من رمزيةٍ واضحةٍ وأنَّ السفرجلة التي تقصَّدتْ وضعها في صحن الفواكه أمامي ما هي إلا "ثورة" ضدي ... نعم السفرجلة "ثورة" ... و"الثورة" سفرجلة !!!
لا أستطيع التخلص من الربط بينهما!
علقتْ الثورة في الحلق السوري كالغصَّة التي تحدثها لقمة السفرجل؟ وما زلنا منذ ذلك الحين نعاني من نوبات السعال الدموية التي تنثر رذاذ الدم في كل مكان حولنا.
غصةٌ فـ سعالٌ فـ دمٌ ... هذه سيرة السوريين في زمن السفرجل!... انقباض الغصَّة وحشرجة السعال وسيلان الدم لا يمنعهم من إعلان انجذابهم إلى خيار السفرجلة وثلاثيتها القاتلة... هنا أيضاً نكتشف وجود جاذبية أخرى!
هل يعقل أن يتحدد مصير السوريين بين التفاحة والسفرجلة؟ أو بين جاذبية السقوط وجاذبية الموت؟
إضافة تعليق جديد