هل أصبح امتلاك قمر صناعي شرطاً لحماية السيادة الإعلامية؟
تطرح قرارات القائمين على الأقمار الصناعية العربية، بين الحين والآخر، بحق بعض القنوات العربية، عبر وقف بثها، مسألة هامة تتعلق بشكل أو بآخر بـ"تسييس" قرارات اعلامية.
ويشكل قرار مجلس الجامعة العربية مؤخرا وقف بث القنوات السورية عبر "نايسات"، و"عربسات"، وقبله حجب "العالم" عبر "عربسات"، وحظر "المنار" في فترة سابقة عبر "هوت برد"، سلسلة من إجراءات المنع التي تطال حرية التعبير. وتأتي في هذا الإطار أيضا، دعوة الكويت في الشهر الماضي لوقف مجموعة من القنوات العربية عبر "عربسات"، بحجة ممارستها التحريض الطائفي.
كما كانت أعلنت البحرين، من باب الضغط فقط، أنها "قررت وقف بث الباقة البحرينية على "عربسات" اعتبارا من الأول من حزيران الجاري، "احتجاجا على تجاوزات القنوات الإيرانية العدائية عبره بحق البحرين والسعودية".
كل ذلك يطرح مفهوم السيادة الإعلامية، حيث توضع القنوات العربية أمام خيارين: إما الانصياع للسياسات الإعلامية للدول التي تملك الأقمار، وإما طردها من قبل هذه الأقمار.
ويتساءل البعض في هذا المجال، ربطا بقرار الجامعة العربية الأخير: هل بدأت دول الخليج تنزعج فعلا من الإعلام السوري وقدرته على التأثير خلال الأزمة السورية، وخصوصا قناة "الدنيا" عبر برنامجها "التضليل الإعلامي"، الذي يتناول ما يعتبره "فبركات" قناتي "الجزيرة"، و"العربية" حول الأزمة السورية؟
وفي هذا السياق يتساءل البعض: إذا كانت قرارات الجامعة العربية حول وقف القنوات السورية، ملزمة لقمر "عربسات"، فهل هي ملزمة أيضا لقمر "نايلسات" باعتباره شركة مصرية؟
وبغض النظر عن الإجابة، لا بد من أن هناك بدائل تقنية يمكن أن تلجأ اليها القنوات المستهدفة عموما من قرارات المنع، عبر الأقمار الصناعية.
وفي هذا المجال يقول مدير شركة "ساتلنك" المتخصصة بالخدمات التلفزيونية والبث الفضائي المهندس حسين حميّد لـ"السفير" ان البدائل في هذا المجال متاحة، وهي البث عبر أقمار أوروبية، منها القمر الصناعي "أتلانتك برد 4" و"يورو برد". ويوجد الأول على مدار الزاوية نفسها التي يبث عبرها قمر "نايلسات"، وبالتالي يمكن التقاط كافة القنوات الموجودة عليه عبر توجيه صحن الالتقاط نحو "نايلسات"، فيما يبث الثاني على زاوية "عربسات"، بالإضافة الى "هوت برد" الذي يمكن التقاطه في المنطقة العربية بسهولة.
وخارج هذا الإطار، يطرح البعض مسألة تلكؤ دول مثل إيران والعراق وحتى سوريا عن امتلاك أقمار صناعية خاصة بها، في حين ان إسرائيل وحدها تمتلك ثلاثة أقمار صناعية، وتحضر لإطلاق قمرين آخرين، لا سيما ان إطلاق قمر صناعي لا يتطلب امتلاك الدول للتكنولوجيا المطلوبة في هذا المجال، فصناعة "نايلسات"، و"عربسات"، و"يوروبرد" هي صناعة أوروبية، ويمكن اللجوء الى أوروبا أو روسيا لتصنيع القمر وإطلاقه ووضعه في مداره. المهم هو اتخاذ القرار لتأمين السيادة الإعلامية.
ويشير حميد الى أن كلفة صناعة قمر وإطلاقه ووضعه في مداره تتراوح بين مئتين وثلاثمئة مليون دولار، وهي لا تعتبر كلفة تعجيزية بمقاييس الدول، مشيرا الى أن قمر "نايلسات 202"، وهو الأحدث، بلغت كلفته 237 مليون دولار، ويستوعب نحو 350 قناة، لافتا الى أن تصنيع قمر وإطلاقه في كل الأحوال مشروع تجاري مربح، ويمكن استرجاع كلفته خلال نحو ثماني سنوات،
ويقول انه اذا كانت الحكومات لا تريد تحمل نفقات مثل هذا المشروع الإعلامي، فيمكنها إشراك القطاع الخاص ما دام الأمر يتعلق بسيادتها الإعلامية، تماما كما حصل في مصر، حيث تتوزع ملكية "نايلسات" بين الحكومة (40 في المئة) والقطاع الخاص (60 في المئة).
فاتن قبيسي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد