الأزمة السورية على خط التسوية بعد دخول موسكو شريكاً في الحل
كادت زيارة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان إلى دمشق أن تشكّل الحدث الأوحد على صعيد ملف الازمة السورية، لولا لقاء وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف مع نطرائه العرب في القاهرة، وما رشح عنه من معلومات ومواقف صبت في زاويتين، معلنة تشير إلى اتساع الهوة بين وزراء خارجية الخليج وروسيا، واخرى من تحت الطاولة اذا ما جاز التعبير وتؤشر إلى ان الغرب ومعه دول الخليج باتت على قناعة تامة باستحالة سقوط النظام تحت ضغط الشارع والامن، وتاليا فان المطلوب خطوة روسية تساعد على اطلاق الحوار بما يحفظ ماء الوجه الاميركي والعربي على حد سواء، تحضيرا لخطوات عملية تؤكد على تراجع موقف واشنطن وعقلنته في ظل الاخطار الكبيرة التي تهدد باشعال المنطقة برمتها من دون توفير الدول المتحالفة مع الغرب والولايات المتحدة.
وفي حين انكبت الاوساط على متابعة لقاءات انان بالرئيس السوري بشار الاسد، وما يمكن أن تسفر عنه من نتائج بعد إعلان الأسد المسبق عن استحالة اجراء حوار جامع في ظل وجود مجموعات مسلحة تطلق النار على المدنيين وقوات حفظ النظام في آن واحد، وذلك في إشارة واضحة إلى التصميم على الحسم العسكري الهادف للقضاء على يصفهم النظام بالارهابيين، رشح عن الخارجية الروسية أنّ اتفاقا بين لافروف ونظرائه العرب قد تم التوصل اليه وهو يتضمن خمسة بنود لا غير، أبرزها وقف العنف أياً كان مصدره، وإنشاء آلية مراقبة مستقلة ومحايدة، والحيلولة دون تدخل اجنبي، وتقديم المساعدات الانسانية إلى جميع السوريين دون عراقيل، ودعم مهمة كوفي انان بشكل قوي من اجل اطلاق حوار سياسي بين الحكومة وكافة القوى المعارضة على اساس التفويض في اطار الصلاحيات التي اقرها الامين العام للامم المتحدة وجامعة الدول العربية، بما يؤكد ايضا على ان الازمة السورية تسير على خط تسوية سياسية تم تكليف موسكو بتسويقها، والامم المتحدة والجامعة العربية برعايتها.
وقد تزامن لقاء أنان - الأسد وانعقاد الاجتماع الوزاري العربي في القاهرة بحضور لافروف مع تسريب موسكو لمعلومات حول مؤتمر عقده مسؤولون في الاستخبارات الأميركية يوم السبت لمجموعة من الصحفيين، وخرج بتأكيد الاستخبارات الأميركية ان الرئيس السوري بشار الاسد ما زال يسيطر على الوضع في بلاده على الرغم من نشاط المعارضة المسلحة والعقوبات الاقتصادية الغربية والعربية ضد نظامه. كما اشار إلى ان حكومة الرئيس الاسد تسيطر على الأوضاع في البلاد وتتصرف بإطمئنان نسبي. وقالوا إن المعلومات المتوفرة لدى الاستخبارات الاميركية تشير إلى ان الاسد يقود قوات مسلحة يبلغ عدد أفرادها نحو 330 ألف شخص، وتعتبر من اكثر الجيوش في منطقة الشرق الأوسط تأهيلا. ويملك الجيش السوري أنظمة حديثة للدفاع الجوي قد تجعل مهمة فرض منطقة حظر جوي على سوريا صعبا للغاية بالنسبة للدول الغربية إذا قررت اتخاذ هذه الخطوة.
وفي نفس الوقت، وصف المسؤولون المعارضة السورية بأنها ضعيفة ومنقسمة ولا تملك صلات متينة بفصائل المتمردين المسلحين داخل سوريا، وذلك في رسالة روسية واضحة إلى خصوم الاسد السياسيين مفادها عدم انتظار تطورات نوعية او عسكرية تقلب المعادلة الراهنة، وتاليا القبول بتسوية سياسية تحفظ لهم الحد الادنى من الثبات في مواقعهم، وذلك بعد سقوط الاحادية الاميركية في قيادة العالم ودخول روسيا والصين شريكين في إدارة الحرب الباردة التي انطلقت مع بروز نجم الرئيس بوتين.
واستنادا إلى مجمل هذه المحطات، تعرب مصادر واسعة الاطلاع عن اعتقادها بان مهمة انان قد تحقّق بعض النجاح، من خلال اتفاق يقضي باخلاء المسلحين من الشوارع، مع حفظ حق الجيش السوري في ملاحقة من يصفهم النظام بالارهابيين في مقابل تنازلات سياسية ابرزها اشراك معارضة الداخل في الحكومة التي قد تنتج عن هذا التوافق، وذلك وفق معادلة قائمة على رجحان كفة ميزان القوى الاقليمية والداخلية لصالح الاسد وحكومته وجيشه.
أنطوان الحايك
المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية
إضافة تعليق جديد